قال «الشال»، إن الدولة تحتاج إلى خلق فرص عمل لنحو 400 ألف شاب وشابة، والمالية العامة بنماذجها الاستثمارية الحالية عاجزة عن خلق 10 في المئة منها، ومواجهة تلك المتطلبات توكل إلى الإدارة نفسها التي تسببت في عجز الاقتصاد عن خلق أي فرصة عمل، إضافة إلى تضخم غير مستدام في أرقام البطالة المقنعة، والنتيجة، لا اقتصاد مستداماً، ولا مالية عامة مستدامة، ولا سوق عمل مستدام. تناول تقرير "الشال" الاقتصادي هذا الأسبوع السياسة المالية للدولة وسوق العمل، وأوضح أن هذا السوق صلب اهتمام السياسات الاقتصادية في أي دولة تنشد التقدم والاستقرار، أي قدرة أي اقتصاد على توفير العدد الكافي والمستدام من فرص العمل للمواطنين من زاويتي الكم والنوع، لذا يعتبر التعليم والتدريب وقيم العمل والإنتاج، مكملات لمستقبل فرص العمل المستهدفة. ووفق "التقرير"، في العالم المتقدم والناشئ والنامي، تعتبر إحصاءات سوق العمل الشهرية أهم المؤشرات، التي يستخلص من نتائجها مسار إدارة الاقتصاد، لذا تتأثر كل السياسات الأخرى إيجاباً وسلباً مع تطورات أرقام البطالة في سوق العمل. وتعطي أولوية قصوى للاستثمارات، التي تخلق فرص عمل أكثر وأفضل، ونوعية النمو الاقتصادي تقاس من زاوية النجاح في بلوغ أي اقتصاد مستوى العمالة الكاملة والمستدامة. في التفاصيل، صرح الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الأسبوع الماضي بأن مشروع الوقود البيئي، الذي سوف يستغرق زمن إنجاره حتى نوفمبر 2019 نحو 9 سنوات، بتكلفة إجمالية بحدود 4.6 مليارات دينار، سوف يخلق عند تشغيله نحو 1100 فرصة عمل مواطنة، ومع افتراض دقة أرقام التكلفة وزمن الإنجاز وما يخلقه المشروع من فرص عمل، ذلك يعني بأن تكلفة خلق فرصة عمل مواطنة واحدة تبلغ في هذا المشروع نحو 4.2 ملايين دينار. ولأن المشروعات الكبرى لا تحتاج إلى عمالة كثيفة، استعارت الكويت منذ بضع سنوات فكرة المشروعات الصغيرة كثيفة العمالة، وخصصت لها صندوقاً برأسمال قدره مليارا دينار، ومقدر له تمويل 2727 مشروعاً تخلق 3500 فرصة عمل، لكنها استعارة غاب عنها الوعي بالهدف الحقيقي، حيث قدرت خلق 1.3 فرصة عمل لكل مشروع صغير، ومن دون تحديد هوية المشروعات المرغوبة لتتسق مع الأهداف العامة، للدولة، أي إن المشروعات الكبيرة والصغيرة عاجزة عن خلق فرص عمل. الأمر الآخر الخطير، هو انفلات السياسة المالية، فبعد أول ارتفاع مؤقت لأسعار النفط، عادت المشروعات الشعبوية إلى الساحة، فالحكومة تنازلت عن مبدأ الإصلاح المالي مع تسامح فاضح عن الهدر والفساد، والنواب قدموا سيلاً من مشروعات شعبوية تقرب بلوغ المالية العامة عجزها عن الاستدامة. فالإدارة العامة لم تستفق رغم صدمة الهبوط الحاد في أسعار النفط، ورغم التوقعات التي تقدر أسعاراً للنفط في عام 2019 بحدود 60 دولاراً للبرميل في أحسن الأحوال، مع مستقبل غامض لها، أي إن الفائض الطفيف المتوقع في الموازنة العامة قد يتحول إلى عجز مع نهاية شهر مارس المقبل ليضيف سنة مالية خامسة من عجز متصل. في الخلاصة، مشروع الوقود البيئي الضخم لا يخلق سوى 7 في المئة من معدل الوظائف المطلوب خلقها في سنة واحدة فقط، وصندوق للمشروعات الصغيرة يغيب عنه أهم أهدافه على الإطلاق، وهو التعويض في خلق فرص العمل. وفي حدود عقد ونصف العقد من الزمن، تحتاج الدولة إلى خلق فرص عمل لنحو 400 ألف شاب وشابة، والمالية العامة بنماذجها الاستثمارية الحالية عاجزة عن خلق 10 في المئة منها، ومواجهة تلك المتطلبات توكل إلى نفس الإدارة التي تسببت في عجز الاقتصاد عن خلق أي فرصة عمل غير تضخم غير مستدام في أرقام البطالة المقنعة، والنتيجة، لا اقتصاد مستداما، ولا مالية عامة مستدامة، ولا سوق عمل مستدام.
مشاركة :