• السبت، هو الموعد المعتاد لتسليم مقالي الأسبوعي للصحيفة. في الأسبوع الماضي كان السبت هو اليوم التالي لدفن جثمان الملك عبدالله بن عبدالعزيز عليه رحمة الله. • كان يوماً صعباً على كل السعوديين، وكل من أحب الملك عبدالله، بل وكل من عرفه! كانت الكلمات التي تعبّر عن الخطب شحيحة شاردة، فكيف بمهمة تسطير 260 كلمة في مقال، يجب ألّا يتجاوز المناسبة الحزينة ولا يقصر دونها؟! وجدتني حينها عاجزاً تماماً عن أن أكتب شيئاً! • عبدالله بن عبدالعزيز على المستوى الرسمي كان ملكاً، لكنه على مستويات أخرى كان أكثر وأكبر من ذلك. عنّي أنا، بيني وبين نفسي، كانت ثمة مشاعر خاصة تخرجه من كل الحسابات، ولا تتعاطى معه إلا كأب! • جربت الفقد من قبل، فقدت والدي، ثم والدتي. فقد الأم يرفع عنك كرجل كل حرج تواجهه في التعبير عن فاجعتك، أقله البكاء المفتوح الممتد على من قدمت إلى الدنيا على يديها باكياً، وطالما كان حجرها مضافة دموعك، منذ اللحظة الأولى التي احتضنتك فيها، حتى اللحظة الأخيرة التي احتضنت فيها جثمانها على مشارف القبر! • أما فقد الأب فمختلف! وهو الذي شيّدك وسيّجك بالصلابة، ولم يكن يقبل منك إلا أن تكون قوياً متماسكاً في أحلك الظروف! عندما يرحل، تقع بين جحيمين، جحيم أنك تخذله إن بكيت عليه، وجحيم تأنيبك نفسك أنك لم توفه حقه من الحزن الذي يعتمل في داخلك، ولا سبيل لك لنفثه خارجاً. • ولأن عبدالله بن عبدالعزيز كان أباً، وحزن فقد الأب لا يمكن التعبير عنه كما يستحق، سأرفعه وحزنه عليَّاًَ في مساحة عزيزة جداً، لا يسكنها إلا قلة قليلة جداً، ليبقى في الوجدان أباً، وفي الذاكرة ملكاً.
مشاركة :