القاهرة: انتصار صالح سيطرت هموم واقعنا العربي على جلسات مناقشة أربعة عروض في ثاني أيام الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي، ثلاثة منها تتنافس على جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي، وهي: العرض الإماراتي «المجنون» إعداد الكاتب الراحل قاسم محمد وإخراج محمد العامري، والكويتي «الرحمة» تأليف عبد الأمير الشمخي وإخراج فيصل العبيد، والأردني «نساء بلا ملامح» تأليف عبد الأمير الشمخي وإخراج إياد شطناوي، و«تقاسيم على الحياة» الذي يعيد المخرج القدير جواد الأسدي إلى المسرح العراقي بعد غياب عشرين عاماً، في إطار المسار الأول للمهرجان خارج المسابقة. عن عرض «المجنون» لفرقة مسرح الشارقة الوطني، قال محمد العامري: «إن النص إعداد الراحل قاسم محمد كقراءة تأملية لنص جبران خليل جبران، وندين في الإمارات لكثير من المبدعين العرب، الذين عملوا مع فرقة الشارقة، وقد ترك لنا قاسم محمد إرثاً كبيراً في المكتبة المسرحية، وأثر فينا كمسرحيين بروح محفزة للعمل والاجتهاد»، وأضاف: «تصدينا لهذا النص لأنه يتقاطع مع قضايا كثيرة، ويشارك بالعرض عدد من نجوم المسرح الإماراتي والخليجي، وهو دعوة للمحبة والسلام، فالمجنون أتى بالحقيقة وعلى بساطتها هي مخالفة لما يحدث حولنا». وأشار العامري إلى أن هذه المشاركة هي السادسة له في المهرجان لتمثيل المسرح الإماراتي، وهناك دعم كبير من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للمسرحين الخليجي والعربي، وبفضله وجدت المظلة التي تحتضن الجميع، ما يضعنا أمام مسؤولية كبيرة لنقدم مسرحنا بصورة لائقة. وعن منهجه في العمل قال: «نظل في حالة بحث وتطوير مستمرة، ونستهدف دوماً الاقتراب لهدم الفجوة بين المتلقي والعرض، فيشعر بأنه يلامسه، فالعرض لا يكتمل إلا بالمتلقي، ولا أتردد في استخدام كل ما حولي من عناصر من فنون تشكيلية أو سينما، وأواصل من خلال السينوجرافيا لتكون الفكرة أكثر عمقاً، فالسينوجرافيا هي نص مرئي». وحول عرض «الرحمة» الذي يجمع بين رؤية مبدعين، عراقي وكويتي، قال عبد الأمير الشمخي: «قدمت مع المسرح الكويتي ثلاثة عروض تهتم بالقضايا الإنسانية العامة، وهو ما يرسخ فكرة شمولية الفن وتجاوزه لكل الحدود». وكشف فيصل العبيد مخرج العرض أنهم حاولوا كفريق فك شيفرات النص لتتوحد الرؤية الفنية التي تتكامل على خشبة المسرح، وهو ما عمل عليه جاهداً في مناقشاته مع المؤلف إلى أن استقرا على الشكل النهائي. وأضاف: «أؤمن بالجسد الواحد المتواجد على خشبة المسرح الذي تعمل أعضاؤه بشكل متناغم ومتزامن عبر العناصر الفنية المختلفة، كل في مجال تخصصه، فالمنصة الحقيقية هي خشبة المسرح التي تربط المبدع بجمهوره، والنجاح يكمن في اكتمال تلك العلاقة». فيما أكد الكاتب والناقد عقيل صالح أن الفن يجتاز الحدود ويوحد الشعوب ويرأب صدع ما سببته السياسة من فُرقة، مضيفاً أن الكويت لها تاريخ طويل مع المسرح عبر رحلة ممتدة الأثر من العروض المهمة التي شكلت هوية المسرح الكويتي وملامحه عبر جهود رواده ومبدعيه. وقالت الفنانة الكويتية سعاد عبدالله: «إن الفن دائماً وأبداً يصلح ما أفسده الآخرون، وأعربت عن سعادتها بجيل الشباب بمبدعيه ودأبهم واهتمامهم بتقديم قضايا إنسانية تمس المجتمعات في الوقت الراهن، فالشباب هم روح الأمة والأمل المنتظر لإخراجها من أزماتها وكبواتها». وعن عرض «نساء بلا ملامح» قال المخرج إياد شطناوي: إنه يعبر عن واقع عربي مرير، مشيراً إلى أنه أجرى معالجة دراموتورجية على النص قام بها الدراماتورج وأحد أبطال العرض علي عليان، من أجل التعبير عن الواقع الأردني، فيما يظل العرض معبراً عن هموم إنسانية شاملة، وواقع معاش من قمع حريات وثورات ورجعية. وأضاف: «العرض هو الحلقة الثالثة من ثلاثية قدمتها الفرقة تتناول المرأة كمحور درامي، وقد عالجنا الموضوع هذه المرة من خلال وجهة نظر مختلفة عن التجارب السابقة، كونها تقرأ الواقع العربي من جانبه السياسي». وأشار إلى أن العرض ثمرة التعاون بين نقابة الفنانين الأردنيين والهيئة العربية للمسرح التي طرحت مبادرة الإنتاج المسرحي، التي كان من نتاجاتها إقامة مهرجان «رم» للمسرح الأردني العام الماضي، ووجّه شطناوي التحية للهيئة والقائمين على أنشطتها على كل ما يبذلونه في سبيل نهضة المسرح في كل الأقطار العربية. وأشاد نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب، بدور صاحب السمو حاكم الشارقة، لما يقدّمه للمسرح العربي من خلال الهيئة والمهرجانات المسرحية التي يقيمها في الدول العربية المختلفة. وأوضح الفنان علي عليان، أنه ركز على ثلاث نقاط أساسية في المعالجة الدراماتورجية للنص، وهي: اختزال السرد والحوار وتحويله من لغته الفصيحة إلى اللهجة العامية، وإعادة تشكيل العلاقات بين الشخصيات، وأن المونولوجات التي أعاد كتابتها بالعامية كانت تستند في الأساس إلى جمل النص الأصلي، وإعادة قراءة لها. وكشف المخرج جواد الأسدي، معد ومخرج العرض العراقي «تقاسيم على الحياة»، أن التحدي الأكبر في العرض هو كيفية تحويل روح نص تشيخوف السردي إلى الروح العراقية، ومشهد الواقع العراقي الراهن بمشكلاته وتعقيداته، دون أن يتورط في الخطابية. وقال الفنان فلاح إبراهيم، ممثل وزارة الثقافة العراقية: «العرض يعود بجواد الأسدي إلى المسرح العراقي بعد غياب حوالي 20 عاماً»، مشيراً إلى أن الأسدي واحد من الأسماء الكبيرة والمهمة في المسرح العراقي، وأن وزارة الثقافة مهتمة بهذه التجربة وتقدم كل شيء للعرض لينجح كما حدث في تونس وبغداد. الملتقى الفكري تواصلت جلسات الملتقى الفكري في ثاني أيامه، وسيطرت قضايا مسرح المرأة في محور خاص ضم جلستين: «المرأة في المسرح المصري بين الحضور والغياب» بمشاركة دينا أمين، ونور الهدى عبد المنعم، وأمينة سالم، و «جدلية الصوت النسوي والثقافة الذكورية»، بمشاركة د. سامية حبيب، وإبراهيم الحسيني، ود. محمود الضبع.
مشاركة :