أصدرت المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية المختصة في قضايا الإرهاب، مساء الجمعة الماضي، أحكاماً مشددةً ضد إرهابيين تونسيين هاجموا دورية عسكرية سنة 2014. وشملت قرارات المحكمة 41 حكماً بالإعدام في حق متهمين في الهجوم الإرهابي الذي استهدف عسكريين تونسيين في منطقة هنشير التلة (من ولاية - محافظة - القصرين وسط غربي تونس) وأدى إلى مقتل 15 عسكرياً وإصابة 20 آخرين بجراح متفاوتة الخطورة. وكشف سفيان السليطي المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بتونس، عن تفاصيل تلك الأحكام بالإشارة إلى أنها تتمثل في حكمين بالإعدام ضد متهمين اثنين موقوفين على ذمة هذه القضية، إضافة إلى السجن مدى الحياة والسجن 50 عاماً، فيما أصدرت الجهة القضائية ذاتها أحكاماً بالإعدام ضد 39 متهماً في هذه القضية متحصنين بالفرار، كما قضت ضدهم بالسجن مدى الحياة مع إضافة 50 سنة سجناً إلى تلك الأحكام. وأصدرت حكماً مخففاً ضد متهم ثالث موقوف على ذمة القضية، وأصدرت في حقه حكماً بالسجن لمدة 7 سنوات. وتعود أحداث هذا الهجوم الإرهابي إلى يوم 16 يوليو (تموز) 2016، حين ترصدت أحد التنظيمات الإرهابية معسكراً للجيش التونسي قبل فترة قليلة من الإفطار خلال شهر رمضان، وهاجمت العسكريين بقذائف «آر بي جي»، وإطلاق وابل من الرصاص عليهم علاوة على رمي برج المراقبة بالرصاص والقنابل، مما أدى إلى مقتل 15 عسكرياً خلال الهجوم، وإصابة أكثر من 20 آخرين. وتبنّت كتيبة عقبة ابن نافع الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هذا الهجوم الإرهابي، ونشرت صوراً عن العملية على الصفحة الإخبارية لـ«أنصار الشريعة» المحظورة باعتبار أن معظم العناصر المنضمة إلى تلك الكتيبة انتمت في السابق إلى هذا التنظيم المحظور منذ سنة 2013 ويتزعمه الإرهابي التونسي سيف الله بن حسين المعروف باسم «أبو عياض». وأشارت التحريات الأمنية والتحقيقات القضائية، إلى أن المجموعة الإرهابية رصدت الدوريات العسكرية المتمركزة بهنشير التلة، وراقبت تحركات الدوريات المتمركزة بجبل الشعانبي من ولاية - محافظة - القصرين، وبعد القيام بعمليات الرصد وضبط عدد الجنود وأوقات تغيير مهام المراقبة والوسائل البشرية واللوجيستية المتوفرة لديهم علاوة على عدد نقاط الحراسة، وإثر جمع كل تلك المعطيات، قررت مهاجمة العسكريين. وتنقلت العناصر الإرهابية إلى منطقة هنشير التلة سيراً على الأقدام خلال ساعات الليل قبل أن تتمركز على مقربة من الدوريات العسكرية، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين؛ الأولى مكلفة باستهداف الدورية العسكرية التي كانت مجهّزة بمدرعة وجرافة عسكرية، فيما تم تكليف المجموعة الثانية بتصوير وتوثيق عملية الهجوم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. ونفّذ الإرهابيون الهجوم على العسكريين، حيث أطلقوا وابلاً من الرصاص تجاه الجنود ودامت العملية نصف ساعة، وعمدت العناصر الإرهابية إلى اقتياد جندي وجرّه من المعسكر لمسافة كيلومتر ونصف الكيلومتر، ثم الاعتداء عليه بالعنف باستعمال أسلحة بيضاء، والتنكيل به ثم قتله رمياً بالرصاص، وهو ما خلّف ردود فعل بين التونسيين. وبعد أكثر من أربع سنوات من ذاك الهجوم الإرهابي الدموي، لا تزال منطقة القصرين من أكثر المناطق في تونس التي تعرف تحركات إرهابية، وتتمركز بها عناصر إرهابية تابعة لكل من كتيبة «عقبة ابن نافع» الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وخلية «جند الخلافة» الإرهابية، وتقدر السلطات التونسية عدد الإرهابيين المتحصنين في الجبال الغربية للبلاد بنحو 185 إرهابياً، وكشفت خلال القبض على خلايا إرهابية نائمة عن عدد من المخططات الإرهابية التي تستهدف منشآت حيوية ومقرات حكومية.
مشاركة :