كل شيء في مباراة المنتخب السعودي، ونظيره اللبناني كان رائعاً، المستوى، والنتيجة، وقبلهما الروح التي كان عليها اللاعبون، واكتمل جمال الصورة بالحضور الجماهيري السعودي، والمساندة اللافتة من أشقائهم جمهور «الأبيض» الإماراتي، خصوصاً حينما اهتز الملعب قبل نهاية المباراة بأغنية الفنان طلال سلامة التي يقول في مطلعها: الله الله يا منتخبنا.. إن شاء الله تحقق أملنا باسم الوطن.. العب بفن الله الله يا منتخبنا.. جمال المشهد تأتى لكون هذه الأغنية تحديداً أعادت الذكريات لما قبل 35 عاماً، حينما حقق «الأخضر» أول بطولاته، بفوزه بكأس آسيا عام 1984، في البطولة التي استضافتها سنغافورة، ويومها لم يكن المنتخب مرشحاً للقب، فخزانته يومها كانت خاوية من أي بطولة، غير أن المدرب السعودي الفذ خليل الزياني وكتيبته فرضوا كلمتهم، فسطروا ملحمة مازالت تروى على مر الأجيال، إذ كانت فاتحة خير للإنجازات التي توالت بعدها. اليوم بفوز «الأخضر» على كوريا الشمالية ولبنان، وتأهله إلى دور الـ 16، تحركت مشاعر السعوديين تجاه اللقب الآسيوي الذي ارتبطوا به وجدانياً لسنوات، بعد ثلاثة ألقاب، فرضوا من خلالها زعامتهم على «القارة الصفراء»، قبل أن تغادر الكأس خزانتهم منذ 23 عاماً، يوم أن حققوها آخر مرة هنا في أبوظبي في عام 1996، ليودع معها سيادته على الكرة الآسيوية، بل إن الحال بلغت به توديع النسختين الأخيرتين في دورهما الأول، في انتكاسة لا تليق بمن كان يوماً كبير القارة وسيدها. أتفهم اشتياق السعوديين للقب الآسيوي، ولهفتهم لمعانقة الكأس من جديد، لكن ينبغي عليهم جميعاً، كل في موقعه، ألا يفكروا فيه اليوم، وذلك بأن يتعاملوا مع تألق اللاعبين، على أنها بداية عودة القطار الأخضر إلى السكة الصحيحة التي خرج عنها، نحو الوصول إلى محطة الإنجاز، لأن محاولة القفز على المحطات الأخرى قد يؤدي إلى خروج القطار عن مساره من جديد. ما يجب أن يتفهمه أنصار «الأخضر» أن الاستراتيجية الموضوعة للمنتخب، والمعلن عنها منذ وقت مبكر، أن التعامل مع البطولة بنظام «المفرّق»، لا بالجملة، بحيث تكون كل مباراة بطولة بحد ذاتها، دون التفكير في اللقب، من أجل إبعاد الضغوطات عنهم، وهو ما استوعبوه جيداً، ويتعاملون معه كخريطة طريق نحو بلوغ الأهداف المرسومة، والتي يأتي في مقدمتها استعادة الهيبة الضائعة في سبيل عودة السيادة المفقودة.
مشاركة :