نتائج عربية طيبة بشكل عام، لو سارت الأمور بشكل طبيعي في الجولة الثالثة، فإننا قد نشكل نصف دور الستة عشر تقريباً، والأجواء المتفائلة في عدة معسكرات واضحة، والكلام بات في بعض التصريحات عالي الطموح «النهائي.. النهائي».. هذا جميل، ولكن! علينا ألا ننسى أن في آسيا حقيقتين مهمتين؛ عدم ثبات في المستوى يصيب الكبير قبل الصغير، وسهولة تغير شكل الفريق ومستوى أفراده من مباراة إلى أخرى، بالتالي كل ما تحقق حتى اللحظة جيد لكن بالنسبة للماضي، والعمل بقوة للحفاظ عليه في المباريات المقبلة اختبار مختلف تماماً. أما الحقيقة الثانية، فتتعلق بأن آسيا لا تعيش أسلوباً كروياً واحداً، بل عدة أساليب، فقد يكون أسلوب قيرغيزستان مثلاً مناسباً لإظهار الصين وكوريا الجنوبية كمنتخبين بلا أنياب جارحة، لكن عندما نواجههما نكتشف حقيقة أخرى، وفي هذا خداع لنا جميعاً، لأننا فعلاً لا نعرف إن كانت أساليبنا الكروية ملائمة لمواجهة عمالقة الشرق، عندما يشتد الوطيس في الأدوار المقبلة، ولا نعرف لو كان لدينا أسلوب بديل عندما يفشل أسلوبنا الحالي. قدمنا جولتين جيدتين عربياً، يمكننا الرهان عليهما، يمكننا الرهان أيضاً أن الآخرين لم يظهروا بشكل مرعب، لكن مشكلة الأدوار الإقصائية أنها 90 دقيقة فقط، وفي هذه الدقائق يمكن أن يحدث ما يحدث، وأي خطأ بتقدير قوة الخصم، أو الإغفال عن عيوب واضحة لدينا بسبب النتائج، ستكون عواقبه وخيمة. فلا يمكن الفوز بهذه الأدوار بناء على نتائجنا القديمة، ولن يشفع لأحد فوزه الكبير أو أداؤه الشجاع بالدور الأول، ولا بد من إبقاء الأجواء احترافية في المعسكر، دون مبالغة بالفرح، وتحويل المعسكر كأنه ملتقى للمعجبين، فيضيع التركيز، وترتفع الأقدام عن الأرض، فيكون السقوط موجعاً. لم يعجبني، على سبيل المثال، سهولة الوصول لمعسكر المنتخب الأردني بعد نجاحه المميز في البطولة، وتقريباً ليس هناك لدي زميل أو صديق، إلا رأيته ينشر صوراً مع اللاعبين في مقر إقامتهم، ورغم أن ما حققه «النشامى» حتى الآن أفضل من المتوقع، لكن ما زالت البطولة أمامهم، وما زالت الفرصة قائمة لتسطير أفضل مشاركة في تاريخهم. بالتأكيد لم تأت كل المنتخبات العربية وهي تهدف للفوز باللقب، بل معظمها جاء باحثاً عن أداء مشرف وتأهل مرضٍ للجماهير يجعل الإعلام رحيماً بهم بعد نهايتها، لكن هذا لا يعني أبداً أن نتوقف عن المحاولة من أجل فرصنا، ومحاولة الاستفادة من الظروف التي تبدو ملائمة لنا.
مشاركة :