الشيخ محمد بن مبارك .. رائد الدبلوماسية البحرينية

  • 1/17/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

كانت هذه لفتة وطنية جميلة جدا من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ليست غريبة أبدا على جلالته. أعني ما وجه به جلالته بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي للدبلوماسية البحرينية بأن يتم تطوير المعهد الدبلوماسي وتحويله إلى أكاديمية للدراسات الدبلوماسية، وأن يطلق عليها اسم سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة رائد الدبلوماسية البحرينية. الشيخ محمد بن مبارك بما لعبه من دور وطني كبير يستحق كل تقدير وكل تكريم. أذكر أنني قبل أن آتي إلى البحرين أتاحت لي الظروف الطيبة أن أعمل فترة مع الأستاذ محمود رياض، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، ووزير خارجية مصر قبل ذلك. حين علم الأستاذ رياض أنني سأذهب إلى البحرين، حدثني عن الشخصيات البحرينية البارزة التي عرفها جيدا والأدوار التي لعبوها كما عرفها. حدثني مثلا عن الأستاذ تقي البحارنة أول سفير للبحرين في مصر بعد الاستقلال. وحدثني الأستاذ رياض مطولا عن سمو الشيخ محمد بن مبارك بكثير جدا من التقدير والحب والاعتزاز. قال لي إن الشيخ محمد بن مبارك من أهم الدبلوماسيين العرب الذين عرفهم وعمل معهم، ومن أقربهم إلى نفسه. حكى كيف أنه عمل مع الشيخ محمد بن مبارك في لجان عربية كثيرة، وتابع أدوارا كثيرة قام بها، وأشاد كثيرا جدا بكفاءته وهدوئه وعمله الدبلوماسي الناجح في مجالات ومواقف كثيرة تتعلق بالتطورات والأحداث العربية. محمود رياض هو عميد الدبلوماسيين العرب لا منازع، وقد كان رحمه الله موضوعيا ومنصفا ولا أحسب أن دبلوماسيا عربيا يضاهيه في خبرته الطويلة جدا وفي علمه وثقافته السياسية وفي وطنيته وعروبته. ولهذا، حين قال هذا الكلام عن الشيخ محمد بن مبارك، أدركت قبل أن آتي إلى البحرين انه شخصية دبلوماسية رائدة تستحق كل الاحترام والتقدير سواء على صعيد البحرين ودبلوماسيتها، أو على صعيد دوره العربي. الشيخ محمد بن مبارك قاد الدبلوماسية البحرينية منذ عام 1969 ولأكثر من ثلاثة عقود. في هذه الفترة، شهدت البحرين مرحلة البناء والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وشهدت تحولات وأحداثا داخلية كثيرة، كما تعرضت البحرين لأخطار خارجية داهمة وواجهت تحديات جسيمة. في خضم كل هذه التطورات والتحولات، قاد الشيخ محمد بن مبارك الدبلوماسية البحرينية بثقة واقتدار وكفاءة شهد بها الجميع في العالم، واستطاع أن يرسي مبادئها وملامحها وأسسها. قبل يومين، لخص الشيخ محمد بن مبارك هذه المبادئ والأسس والملامح للدبلوماسية البحرينية وما اتسمت به في ثلاثة جوانب، هي، الاعتدال، وحسن الجوار، والسعي لحل القضايا بالوسائل الدبلوماسية. وهذا صحيح تماما بالطبع. لم تكن دبلوماسية البحرين في أي يوم من الأيام، وحتى يومنا هذا، دبلوماسية متطرفة بأي معنى أو شكل للتطرف وفي أي ظرف من الظروف أيا كان.. كانت دوما دبلوماسية رزينة تدافع عن مصالح البحرين والمصالح العربية العامة بهدوء وثقة بالنفس. ودبلوماسية البحرين طوال تاريخها كانت دوما تنشد أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة ودول العالم على أسس من الاحترام المتبادل. لم تبادر دبلوماسية البحرين في أي وقت بافتعال أي مشكلة أو أزمة مع أي دولة. بل إنه حتى في مواجهة الدول التي اتخذت مواقف معادية من البحرين وتدخلت في شئونها الداخلية أو حاولت الإضرار بمصالحها، لم تعرف دبلوماسية البحرين أي تجاوز أو أي خروج عن الأعراف والتقاليد الدولية. حتى مع هذه الدول، تعاملت دبلوماسية البحرين دوما بهدوء وبحزم في نفس الوقت وبما من شأنه حفظ مصالح وحقوق الوطن. بطبيعة الحال، كان تشكل وتطور دبلوماسية البحرين بهذه السمات وعلى هذه الأسس تجسيدا مباشرا لرؤى وسياسات ومواقف القيادة الحكيمة، ولرؤيتها الحضارية المتقدمة لعلاقات البحرين الخارجية، ولأدوارها التي تلعبها عربيا وعالميا. واذا كانت دبلوماسية البحرين تدين بالفضل للرواد وعلى رأسهم الشيخ محمد بن مبارك، فمن الجميل اليوم أن نرى قيادات شابة تتحمل المسئوليات القيادية في وزارة الخارجية وتقود العمل الدبلوماسي، وهم على درجة عالية من الثقافة والتأهيل والمعرفة والوطنية، الأمر الذي يبشر بأن الدبلوماسية البحرينية ستظل دوما في أيد وطنية أمينة. واليوم بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي للدبلوماسية البحرينية، لا بد ان نوجه تحية إعزاز وتقدير إلى كل العاملين في وزارة الخارجية البحرينية وفي الحقل الدبلوماسي عموما. ويسعدنا أن نوجه تحية تقدير واعتزاز خاصة إلى عميد الدبلوماسية البحرينية ورائدها الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.

مشاركة :