في العاصمة أبوظبي، اجتمع شعراءٌ مثّلوا 15 دولة عربية (الإمارات والسعودية والبحرين وسلطنة عمان واليمن والعراق والأردن وسورية ولبنان وفلسطين وموريتانيا والمغرب والجزائر ومصر والسودان)، من أجل خوض التصفيات النهائية من مرحلة المئة وخمسين الذين سيصبحون أربعين بعد الاختبارات في برنامج «أمير الشعراء»، على أن تختار لجنة التحكيم من بينهم أفضل عشرين شاعراً يمثلون تجارب شعرية متميّزة وجديرة بأن تحظى بخوض منافسة أكبر، إلى أن تصل إحدى تلك التجارب إلى الحلقة النهائية، وحينها سيكسب صاحبها لقب «أمير الشعراء». وقدم الشعراء ليل أول من أمس قصائدهم على شاشتي «الإمارات» و»بينونة» أمام المحكّمين الثلاثة الذين يملكون خبرة في النقد الأدبي، ولهم العديد من المؤلفات النقدية، وهم عبدالملك مرتاض وصلاح فضل وعلي بن تميم. واستمعت اللجنة إلى ما ألقاه المشتركون من قصائد طرحوا فيها موضوعاتٍ شملت الوطن والغزل والمديح والرثاء واللجوء والشاعر محمود درويش أيضاً. فتراوحت الآراء بين إعجاب بالإجماع نظراً لما حمله بعض القصائد من بلاغة وقيمة في الطرح وقوافٍ مميّزة وصور شعرية قوية ورمزية ودلالات عالية. وبالتالي تم تأهيل مبدعيها للمرحلة الثانية بكامل الأصوات، في حين تم تأهيل شعراء آخرين بالغالبية، إذ لم يحصدوا إعجاب كامل الأعضاء. وفي اختبار ليل أول من أمس؛ شاركت ست شاعرات، وقد أُجِزن جميعهن من دون استثناء، وهن: عائشة الشامسي ومنى حسن القحطاني من الإمارات، وكرامة شعبان ويارا الحجاوي من الأردن، ونور حيدر من لبنان، وابتهال مصطفى من السودان، وهي التي تمكّنت من الحصول بجدارة على تقدير صلاح فضل، فمنحها البطاقة الذهبية، ما يعني أنها بحيازة تلك البطاقة؛ تكون قد تأهّلت إلى مرحلة الأربعين مباشرة. وهو دليلٌ على المستوى الجيد الذي وصلت إليه المرأة الشاعرة في الشعر الفصيح الموزرون والمقفى، وعلى قدرتها في منافسة الشعراء، بخاصة وأن شريفة البدري من تونس؛ سبقتها في الحصول على بطاقة علي بن تميم في الحلقة الماضية. ومع أن نحو 35 شاعراً شاركوا في الحلقة؛ فإن 17 منهم فقط ترشّحوا، وهم: سلطان السبهان من السعودية، عبد الله أحمد الكعبي من سلطنة عمان، أحمد سيد هاشم من البحرين، عبد الله محمد عبيد من اليمن، خالد الحسن وكوكب عيسى الزباتي من العراق، هاني عبد الجواد من الأردن، محمد طه العثمان من سورية، حسن قطوسة من فلسطين، حسن رعد من لبنان، محمد المامون محمد من موريتانيا، أبو فراس عبد الواحد، وأنيس عزيز الكوهن من المغرب، حمزة العلوي وعبدالغني ماضي من الجزائر، ومحمد فرغلي ومبارك السيد أحمد من مصر. وأبدى بعض المشاركين إعجابهم بما حققه برنامج «أمير الشعراء» من شهرة، باعتباره أحد أهم المسابقات الشعرية التلفزيونية، واعتبروه مفتاحاً، بوساطته سيتمكّنون من الانطلاق نحو العالم، ما يمنحهم الضوء والشهرة بعد أن كانوا في الظل، ومن تحقيق ذواتهم وأحلامهم، بخاصة وأن البرنامج يمتلك مصداقية وشهرة، وله فضل كبير على كتابة القصيدة العربية. فيما رأى شعراء آخرون أن الشعر محاورة للذات والعالم، وهو ترجمة لما في النفس، والرفيق الدائم والمرسى الآمن للشاعر الذي يصرّ على التحدي والمنافسة من أجل الحصول على لقب «أمير الشعراء»، عبر منصته التي حازت على إعجاب ملايين العرب. وأكد مرتاض أن مستوى المشتركين في الموسم الثامن «طيب جداً»، في حين أشار فضل إلى أن مهمة اللجنة عسيرة جداً في ظل وجود شعراء موهوبين وقصائد جيدة، وأضاف بن تميم أن هذا الموسم يعزز ما وُجِد من أجله «أمير الشعراء»، باعتباره مرجعاً وإطاراً مهماً حاضناً للشعر والشعرية العربية. وأوضح أحمد خريس (عضو اللجنة الاستشارية) أن الانطباع العام عن المشاركات كان جيداً، وأفضل المشاركات كانت من العراق والجزائر وسورية. وأضاف محمد حجو (عضو اللجنة الاستشارية) أن تطور البرنامج واضح وكبير بخصوص العدد المشارك فيه، لكن الأهم؛ قيمة ما يقدمه الشعراء عبر قصائدهم التي ارتقى بعضها إلى مستوى لائق. ولم يكن الشعر هو الفعالية الوحيدة للشعراء في «شاطئ الراحة» في أبوظبي. ففي الركن الهادئ حصل معظمهم على القليل من الراحة، بخاصة وأن اليوم كان طويلاً، والتوتر على أشدّه، استمر من الصباح وحتى ساعاتٍ متأخرة من الليل. وفي «الشاطئ» عرضت مجموعة من اللوحات التشكيلية التي كان لها حيّز ضمن أبيات بعضهم، وكأنهم كانوا - من خلال وصفها - يستعيدون بعض الراحة. وتناول المشاركون في الحلقة قضايا ترتبط بمهنهم، فمنهم المخرج والممثل، والأستاذ الجامعي، والمعلم، والطبيب البيطري، والمدقق اللغوي، والمهندس، وغير ذلك من المهن التي تذكّرنا دائماً بأن الشاعر العربي ليس متفرغاً للإبداع الأدبي، إنما الشعر يشكّل جانباً مهماً من حياته، ويكاد يطغى عليها رغم إتقانه واحترافه مهنته الرئيسة. وفي «شاطئ الراحة» شارك الزوجان الشاعران اللبنانيّان نور حيدر وحسن رعد في الاختبارات وتمكّنا من التأهل، فأجيزت نور بالإجماع، وحسن بالغالبية، لكنه كان فخوزاً بما أنجزت زوجه، متمنياً لها الاستمرار في حلقات البث المباشر. أما يارا الحجاوي (18 سنة) فكانت أصغر مشاركة في الحلقة. وهي لم تكتب الشعر إلا منذ عامين، لكنها مهتمة جداً بالقراءة، وربما هذا الأمر منحها القدرة على اكتشاف موهبتها، وعلى كتابة قصائد حازت إحداها على إجماع لجنة التحكيم، لما فيها من جودة ومن إضاءات شعرية. وحلّت الشاعرة عبلة جابر التي شاركت في الموسم السابع ضيفة على الحلقة، وتحدثت عن تجربتها في «أمير الشعراء» الذي كان بالنسبة إليها طوق نجاة، وبسببه استعادت حاسة السمع التي حرمت منها 17 عاماً. وأدانت بالفضل للشيخ محمد بن زايد آل نهيان. يذكر أن الفائز بالمركز الأول في كل موسم يحصل على لقب «أمير الشعراء»، وبردة الشعر، وخاتم الإمارة، وجائزة نقدية بقيمة مليون درهم إماراتي.
مشاركة :