محمد حنفي – اختتمت الندوة الرئيسة لمهرجان القرين الثقافي 25 «الإعلام الجديد والأزمات الثقافية» فعالياتها، التي استمرت على مدى يومين، حيث تناول المحور الخامس والأخير للندوة موضوع «الإعلام الرقمي بين الدكتاتورية والديموقراطية». أدار جلسة الختام وزير الإعلام الأسبق والكاتب سامي عبداللطيف النصف. كانت البداية مع ورقة الناقدة والأكاديمية الكويتية د. سعاد العنزي التي تناولت فيها مفهومي الديموقراطية والدكتاتورية في الإعلام الرقمي، وهو المصطلح الذي فضلته على مصطلح الإعلام الجديد، وأكدت أن هذا الإعلام أصبح يشكل جزءا أصيلا من الوعي الثقافي، كما أسهم في إعادة التفكير في كثير من المفاهيم السائدة، وعلى رأسها الديموقراطية والدكتاتورية. العنزي أشارت أيضا إلى أن الإعلام الرقمي بات يشكل وسيطا مساعدا للحركات التحررية وناشطي حقوق الإنسان وقضايا المهمشين مثل البدون، لكنها في الوقت نفسه أكدت أن مفهومي الديموقراطية والدكتاتورية انتقلا من هرم السلطة إلى الجماهير، وفي الوقت نفسه كشف الإعلام الرقمي هشاشة وسطحية المواطن العربي والكثير من حركات المعارضة. سمكة فاسدة في البحيرة الصحافي الأردني أسامة الرنتيسي بيّن في ورقته عن «تسلط الإعلام الرقمي على الناشئة» التأثير الطاغي لحد الهوس بالإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي على الشباب العربي، حيث وصف الإعلام الرقمي بالوسيلة الأهم عبر التاريخ. وأكد الرنتيسي أن هذا الحضور الطاغي للإعلام الرقمي أظهر الكثير من السلبيات بين المراهقين العرب، مثل الإدمان واكتئاب الفيسبوك وتضخم الأنا، ودعا الآباء والمؤسسات الوطنية للتعامل مع هذه السلبيات، وأنهى ورقته بتأكيد أن وجود سمكة فاسدة في البحيرة ليس مبررا لتجفيفها. إعلام المواطن الروائي عزت القمحاوي تحدث في ورقته عن «إعلام المواطن وأثره على الثقافة وسوق الكتاب»، حيث أشار إلى تغيير المعادلة الاتصالية التي كانت سائدة منذ اختراع الصحافة، التي لم تعد حكرا على نخبة محددة، وإنما اسهم الإعلام الرقمي في ظهور ما أطلق عليه إعلام المواطن، حيث يمارس القارئ المحترف الصحافة والنقد. القمحاوي أكد أن ظهور الإعلام الرقمي أعاد اللحمة إلى جسد الثقافة العربية، وأسهم في رواج سوق الكتاب، وأعاد البريق للأعمال الكلاسيكية في معارض الكتب، لكنه عاب على هذا الإعلام دعم فكرة «الأكثر مبيعا» وإسهامه في ترويج أعمال فارغة المحتوى. صناعة قادة الرأي كانت الورقة الأخيرة للروائي الكويتي حمود الشايجي الذي ركز فيها على «مفهوم الجماهير في الإعلام الحديث ومواقع التواصل»، الشايجي أشار إلى أن عدد المتابعين على مواقع التواصل أصبح المقياس في الإعلام الحديث، وانتقد الشايجي هذا المقياس مقتبسا كلمة الروائي الإيطالي إمبرتو إيكو عن مواقع التواصل وانها «منحت حق التعبير لجحافل من الأغبياء». الشايجي أشار إلى أنه بعد أحداث الربيع العربي لجأت الأنظمة والدول إلى تجنيد المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الوصول إلى شرائح الشباب والترويج لأعمالها وقراراتها، فيما أطلق عليه صناعة «قادة رأي»، وهو ما اعتبره مجرد مقياس كمي لا يحظى بأي موهبة سوى القدرة على جذب المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي.
مشاركة :