التسوك سنة مؤكدة، ويكفي القول بأن السواك مرضاة للرب، فضلاً عن كونه مطهرة للفم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب»، وهو من خصال الفطرة وطيب للفم، فقد ثبت فيما رواه الإمام مسلم عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال «عشر من الفطرة»، «وعدّ منها السواك»، وكان أول من استعمل السواك هو نبي الله وخليله إبراهيم عليه السلام، ورغب صلى الله عليه وسلم في استعماله، وهو فضلاً عن أنه هدي نبوي فإن له فوائد طبية، ويثبت العلم والطب يوماً بعد يوم فعالية التسوك في حماية الأسنان من التسوس والنخر، فهو ينظف الفم ويفيد اللثة، وهو المعجون الطبيعي الذي يطهر الفم، ويجعل رائحته طيبة زكية، وأكدت نتائج البحوث العلمية أن السواك يحتوي على مواد فعالة تحمي الأسنان واللثة لساعات طويلة من أضرار الميكروبات.من أعجب ما قيل في السواك ما ذكره ابن القيم حين قال: «وفي السواك عدة منافع: يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويذهب بالحفر، ويصح المعدة، ويصفي الصوت، ويعين على هضم الطعام، ويسهل مجاري الكلام، وينشط للقراءة، والذكر، والصلاة، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ويعجب الملائكة، ويكثر الحسنات».وما سبق ذكره عن فضل السواك والحث عليه يشمل كل أداة يتم بها تنظيف الأسنان، إذا تحقق بها المقصود، وسواء تم ذلك بعود الأراك، أو عود الزيتون، أو النخيل أو غيره، وكلمة «السواك» في أصل معناها اللغوي تطلق على عملية «دلك الأسنان» بغض النظر عن الأداة التي تستعمل في ذلك، ثم قيل لما يستخدم في هذا الدلك: سواك، وغلب إطلاقه عرفاً على: «عود الأراك»، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر في تسوكه على «عود الأراك» بل كان يتسوك به - وهو الغالب - وبغيره أيضاً حيث ورد أنه استاك كذلك بعود من النخيل.وكانت العرب تستاك بأشياء كثيرة قال ابن عبد البر في «الاستذكار»: «وكان سواك القوم: الأراك، والبشام، وكل ما يجلو الأسنان ولا يؤذيها ويطيب نكهة الفم: فجائز الاستنان به»، ولذلك لم يقصر الفقهاء حكم السواك على «عود الأراك»، بل ذكروا أن التسوك يحصل بكل ما يتحقق به تنظيف الفم من عود خشن ونحوه.استخدام الفرشاةوالتسوك عبادة معلومة الحكمة والمقصود منها واضح بيّن، وهو تنظيف الأسنان وتطييب رائحة الفم، وهذا يتحقق بأي أداة تحقق المقصود، وهو ما جعل الفقهاء والعلماء يفتون بأن استعمال الفرشاة والمعجون يغني عن السواك، بل وأشد منه تنظيفاً وتطهيراً، فإذا فعله الإنسان حصلت به السنّة؛ لأن العبرة ليست بالأداة بل العبرة بالفعل والنتيجة، والفرشاة والمعجون يحصل بهما نتيجة أكبر من السواك المجرد.وقد اهتم صلى الله عليه وسلم كثيراً بما يبقى في الفم من بقايا طعام وأمر بإزالتها، وبين خطرها على الأسنان، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن فضل الطعام الذي يبقى في الأسنان يوهن الأضراس»، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلل بعد الطعام، وهو استعمال عيدان دقيقة ينظف بها ما علق من بقايا الطعام بين الأسنان، فعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تخللوا على إثر الطعام وتمضمضوا فإنه مصحة للناب والنواجذ»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل فليتخلل، فما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبلع».وقد ربط النبي بين عدم الاستياك وسقوط الأسنان وقال صلى الله عليه وسلم: «أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب عليّ»، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر به أصحابه، فعن تمام بن العباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مالي أراكم تأتوني قلحا؟، استاكوا»، (والقلح ترسبات صفراء في الأسنان).«طيبوا أفواهكم»والتسوك مستحب عند تلاوة القرآن، فعن على رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي، قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنو منه (أو كلمة نحوها) حتى يضع فاه على فيه، فما يخرج شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم للقرآن»، وعن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طيبوا أفواهكم بالسواك فإنها طرق القرآن».كما أن التسوك مستحب قبل الصلاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة»، وفي رواية: «عند كل وضوء» رواه الشيخان، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بدون سواك».ويستحب التسوك في كل وقت، فعن عامر بن ربيعه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد»...ليلاً ونهاراً وكان صلى الله عليه وسلم يستاك إذا دخل بيته، فقد روى شريح بن هانئ قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: «بالسواك»، وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ بالسواك لدى الاستيقاظ، وإذا قام من الليل ليتهجد، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك»، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي». وعنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرقد من ليل فيستيقظ إلا تسوك»، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام إلاّ والسواك عند رأسه فإذا استيقظ بدأ بالسواك»، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ركعتين ثم ينصرف فيستاك».ويستحب غسل السواك بعد استخدامه، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يستاك فيعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه».
مشاركة :