الشاب الذي رآه الملك عبدالعزيز ينشر ثيابه على صخرة أصبح وزيراً للمالية

  • 1/18/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الحديث مع السفير رشاد بن علي سمر الدين له طعم ونكهة خاصة، فهذا المكاوي المخضرم «سحارة» ذكريات وقصص وحكايات لا تمل. عمل في البناء وفي الطوافة وسافر مع «الركب» على حمار اشتراه بعد أن باع «دبابه» والتحق بالخطوط الجوية السعودية بعد اختبار شك ممتحنه الأمريكي في نتيجته.. لا نريد أن نفسد عليكم متعة هذا المشوار الحافل فتعالوا نسمع الحكاية من صاحبها.. النشأة والطفولة r مرحلة الطفولة من أجمل مراحل العمر.. ماذا تختزن الذاكرة عن هذه المرحلة؟ - أنا مكاوي أباً عن جد من حي أجياد ففي هذا الحي ولدت عام 1368ه أي أن عمري الآن 72 عاماً وكانت ولادتي ليلة مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان والدي عامل مولداً في تلك الليلة وداعي أئمة الحرم والشيوخ والشطا والسيد علوي مالكي صديق والدي كي يقرأوا المولد وأثناء قراءتهم للمولد في تلك الليلة كانت ولادتي، حيث أصبحت الوالدة تصرخ وتنادي على والدي قائلة يا علي.. يا علي الحقني أحضر الداية فأحضر الداية وولدتني حسبما أخبرتني - رحمها الله- لكني فتحت عيني ووعيت على الدنيا عندما أصبح عمري أربع أو خمس سنوات في الطائف. r لماذا انتقلتم للطائف؟ - كان الوالد يصيف في الطائف ويمكث فترة الصيفية التي تمتد لأربعة أو خمسة شهور إلى أن يشتد البرد ثم يعود لمكة خاصة أن لدينا ثلاثة بيوت في الطائف ولدينا بيتان في مكة المكرمة، وهو البيت الذي ولدت فيه في برحة الطفران وهو مكون من ثلاثة أدوار وبيت آخر مكون من أربعة أدوار على شارع مقابل بيت عبدربه في برحة الطفران وهو وقف لجدي، وكنا ثمانية إخوان وأخوات، أربعة إخوان وأربع أخوات وكانت الوالدة وحيدة أمها وأبوها ووالدي كان كذلك وحيد أمه وأبوه وكان لي عم اسمه عمر عاش معنا فترة إلى أن توفاه الله. ريالات الملك عبدالعزيز r ماذا كان يعمل الوالد؟ - كان عمله مقاولاً، وإذا قاول على عمارة لا بد له أن ينهيها، وأذكر في تلك الفترة أخذ عمارة لسعيد باحكم على المسيال عمرها من ساسها إلى رأسها وكان وقتها يأخذني معه للحفلات في الطائف وأنا صغير، حيث كانوا يخرجون للهدا والشفا ووادي محرم كان طريق الشفا طريقاً ترابياً مليئاً بالحجارة غير مسفلت، وأذكر عندما كنا نلعب في الشارع بالطائف وعمري أربع سنوات كانت سيارة جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله- تمر من جوارنا وكنت أجري وراءها، وكان الملك عبدالعزيز يخمش ويرمي لنا ريالات الفضة ونحن في غاية الانبساط والسعادة نجري وراء السيارة ونجمع الريالات، وكان يذهب إلى الدكة يصلي المغرب والعشاء ثم يعود لقصره وكانت الشوارع جميعها ترابية لا يوجد أسفلت. r هل هناك ذكريات أخرى تذكرها عن جلالة المؤسس الملك عبدالعزيز «رحمه الله»؟ - أذكر عندما جاء الملك عبدالعزيز ودخل مكة استقبله الفراشون لأنهم كانوا هم فراشي الملك عبدالعزيز ومن هنا جاء لقب فراش لهذه العائلة لأنه كان لديهم المفارش وعندما استقبلوه أرادوا أن يعملوا له غرفة نوم يرتاح فيها لأنه قادم من سفر من نجد والطائف؛ فسألوا من يعرف يعمل غرفة النوم فقالوا لهم «محمد وزري» شيخ النجارة وهو جدي لأمي فطلبوه فجاء وعمل غرفة نوم للملك عبدالعزيز لها أبواب وفي الأبواب مرايات ولم تكن الناس تعرف المرايات وقتها، كما عمل له طراحة بالطرف لأنه لم يكن هناك اسفنج أو قطن، فعندما جاء الملك عبدالعزيز ودخل القصر «قصر السقاف» في حي المعابدة دخل على غرفة النوم وشاهدها سألهم من عمل غرفة النوم هذه؟ قالوا له محمد وزري شيخ النجارين، قال لهم أحضروه. r ماذا كان يريد منه؟ - كان يريده أن يذهب معه إلى الرياض لمرافقته كي يعمل مثل هذه الغرفة له في قصره بالرياض؛ لأنه أعجب بها كثيراً، المهم عندما وصل المرسول لجدي وقال له الملك عبدالعزيز يريدك كاد أن يغمى عليه من الخوف وأصيب بإسهال لأنه خاف أنه عمل عملاً لم يعجب الملك أو أن الغرفة لم تعجبه لكن خوفه تبدد عندما سلم على الملك، حيث بادر بسؤاله قائلاً: هل أنت الذي عملت هذه الغرفة؟ قال له نعم أنا الذي عملتها طال عمرك فقال له «عبي شنودك لكي تذهب معي للرياض» حاول أن يعتذر منه لكنه أصر عليه وقال له إذا تريد أن تأخذ أهلك معك نأخذهم معنا لأني أريدك أن تكون مرافقاً لي. حكاية الوزير عبدالله السليمان r وهل ذهب جدك مع جلالته؟ - نعم ذهب معه للرياض وأصبح مرافقاً له في النهار يعمل في النجارة وفي الليل يرافقه، وكان من عادة الملك عبدالعزيز أنه يصلي المغرب ويذهب إلى منزل أخته نورة كل يوم يتقهوى عندها، وكان جدي يرافقه كل يوم مع أنه خصص له غرفة ينام فيها، وفي ليلة من الليالي أثناء سيرهم وهم ذاهبون إلى منزل الأميرة نورة قابلهم شخص في الطريق لابس سروال نصف وجالس يغسل ملابسه وينشرها على صخرة، وكان شاباً عمره لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً، فعندما رآه الملك عبدالعزيز سأل جدي ماذا يعمل هذا الولد؟ قال له يغسل ملابسه، فنادى عليه الملك قائلاً يا ولد فرد عليه سم طال عمرك، قال له تعال فعندما جاء سأله؛ ماذا تعمل في هذا المكان؟ قال له أغسل حوائجي، ثم قال له تعرف تقرأ؟ قال له نعم. ثم قال له وهل تعرف تكتب؟ قال نعم. فقال له: لم حوائجك وتعال معي فلمّ حوائجه وذهب مع جلالته وطلع هذا الشاب هو الوزير عبدالله السليمان الذي سطع نجمه في ذلك الوقت، وقد حدثت هذه القصة للأمير مشعل بن محمد بن سعود عندما جاء وتعشى عندي وعندما قلت له بأنه طلع هذا الشاب عبدالله السليمان قال لي فضلاً أعد القصة مرة أخرى لأنه اندهش من غرابتها؛ فقد وصل هذا الرجل وزيراً لأنه كان يقرأ أو يكتب في وقت لم يكن فيه أحد يعرف القراءة والكتابة، كما أن الملك عبدالعزيز أحضر لأولاده إمام الحرم الشيخ عبدالله خياط كي يعلمهم ويحفظهم القرآن الكريم، وعندما مكث جدي عند الملك عبدالعزيز واستقر طلب من جلالته أن يسمح له بزيارة أهله في مكة فسمح له بالذهاب لمدة أسبوع بعدها رجع جدي للملك، وبعد أن أنهى جميع الأعمال التي كلف بها طلب منه أن يعود إلى مكة عند أهله، وبعد أن كرر عليه الرجاء قال له ما دام هذه رغبتك وما دام أنك لا تريد أن تحضر عائلتك معك لك الخيار في البقاء أو العودة لأهلك في مكة لكن لا تنسانا من الدعاء. r كم أخذ جدك على غرفة النوم التي عملها للملك؟ - رفض أن يأخذ شيئاً لأنه يعد عيباً كبيراً أن نأخذ مقابل خدمة قدمناها لملكنا الذي حل ضيفاً علينا فهذا أقل واجب نقدمه له، لكن عموماً كانت الرواتب وقتها إما قمحاً أو مضيراً «اللبن الجاف» أو رأساً من الغنم لأنه لا يوجد فلوس. حياة جميلة r كيف كانت الحياة في مكة على أيامكم؟ - كانت الحياة جميلة على الرغم من أنه لم يكن فيها أي مظهر من مظاهر الحياة الحديثة في الوقت الحاضر حتى الماء والكهرباء لم يكونا موجودين، أذكر عندما أملأ الكأس بالماء كانت الماء تنزل وهي ملأى بالدود فكنت أنفخ الدود كي تنزل أسفل الكأس وأشرب. اليوم من يستطيع أن يشرب من كأس به دودة واحدة؟َ وكنت عندما تفتح الحنفية إذا غبت عنها أسبوعاً تجد «أبو مقص» كبير ينزل منها، وعندما مدوا لنا ماسورة ماء عند بيتنا في بداية السبعينيات كنت تجد أهل الحارة جميعهم صافين طابوراً كل واحد معه تنكة يريد أن يملأها من هذا البزبوز، وأحياناً تجد على البزبوز مائة تنكة صافة بالدور طابور، وكانت الإنارة بالفوانيس والأتاريك وكان لدينا فوانيس وأتريك واحد وكانت مذاكرتنا في الحرم، حيث لم تكن هناك إنارة إلا فيه وكانت الشوارع تضاء بالأتاريك من قبل متعهد البلدية وكان يأتي قبل المغرب يعلق الأتاريك في الحبال وهو يمشي وعندما ينتهي من التعليق أثناء عودته يرفعها للأعلى ثم يربط الحبل كي يبقى الأتريك في الأعلى ولم يكن هناك أي وجود للمبات. 4 سيارات r وماذا عن وسائل النقل في تلك الفترة؟ - كان التنقل كله على الحمير ولم يكن في حارة أجياد السد إلا أربع سيارات فقط سيارة عند العم عثمان فراش والد العميد م.عبدالحميد ووالد عبدالملك وعبدالعزيز وكانت السيارة عند ولده عبدالعزيز الشقيق الأكبر للعميد عبدالحميد، وسيارة عند بيت حسن وحسين شيخ وهي من نوع ونيت ينقلون فيها العمال وأدوات البناء لأنهم كانوا مقاولين وسيارة قلاب عند حامد قرشي وسيارة رابعة كانت للوالد اشتراها مؤخراً وهي جيب «أندنوفر» له مقعدان أماميان للسواق وخلفية طولية، اشتراها وكان يأخذنا للتنزه بها وعندما جاءت العطلة الصيفية باع الجيب واشترى سيارة شيفروليت موديل 1955م وأصبح ينقلنا بها، وعليها تعلمت قيادة السيارة في الطائف ونحن مصيفين. على مقاعد الدراسة r ننتقل للحديث عن مراحل الدراسة.. فماذا عن هذه المراحل بدءاً بالكتاب؟ - درست في كتاب الشيخ إسحاق أولاده حسن وحسين والدهم كان شيخاً للمقاولين وكان فاتحاً كتاباً بجوار منزلنا وبعد أن مرض انتقلت أنا وأختي للدراسة عند الفقيهة أم عبدالحليم وعبدالعليم رضوي - رحمه الله- وهناك فقيهة أخرى في أجياد درسوا عندها أخواتي وهي لا تدرس إلا بنات، وفي الطائف التحقت بالمدرسة اليمانية الابتدائية وكانت بجوار بيتنا وكنت أدرس نصف السنة في الطائف والنصف الباقي من السنة أدرسه في المدرسة المنصورية في أجياد بمكة، وكانت المدرسة اليمانية تقع في الشارع الرئيسي نفسه الآن الذي يذهب بك إلى الشهداء وفي هذا الشارع نفسه كانت هناك آبار وبساتين وحفر ووسط هذه الحفر كان بيت القاضي قد أنشأوا مدرسة سموها المدرسة اليمانية في بداية السبعينيات الهجرية ثم هدموها فيما بعد وانتقلت المدرسة إلى شارع الملك فيصل ونقلت معها للدراسة بها ثم نقلوها في مدرسة محمد سرور الصبان وكان قد عمل مسجداً وبازاناً ومدرسة لوجه الله، وكان مديرنا الأستاذ عبدالرحمن المسفر أخو كريم المسفر لاعب الوحدة. r كيف كانوا يسمحون لك بأن تدرس نصف السنة في الطائف ونصفها الباقي في مكة المكرمة؟ - كانت الدنيا سهلة ودروشة استمررت على هذا الحال إلى أن أكملت المرحلة الابتدائية وعندما أنهيتها قلت لوالدي من غير المعقول أبقى على هذا الحال أدرس نصف السنة في الطائف ونصفها الآخر في مكة، وبعدها انتقلت لدراسة المرحلة المتوسطة في مدرسة خالد بن الوليد بمكة المكرمة وكانت مقابل قهوة علي محضر، وبعد أن أنهيت المرحلة المتوسطة كان لدي دباب أبو شكمانين عام 1385/ 1386ه وكانت الناس تتحدث عن الركب والزيارة، وكنت في ثورة الشباب فذهبت إلى جهة الحلقة وكان لي أصدقاء هناك قلت لهم أريد أن أبيع الدباب وأشتري بقيمته حماراً لأني نويت أن أذهب مع الركب للمدينة المنورة أزور؛ فأخذني صديقي فهد تيسير وهو من الشامية ومعه زميل آخر اسمه عبدالعزيز هواري إلى حوش لبيع الحمير واختاروا لي حماراً كبيراً طوله يقارب المترين فبعت الدباب بتسعمائة ريال واشتريت بقيمته الحمار بنفس السعر فأخذت الحمار وربطته عند باب المنزل بدون علم والدي وكان من عادة والدي أن يخرج لأداء صلاة الفجر في الحرم فعندما خرج وجد الحمار مربوطاً سألني حمار من هذا؟ قلت له هذا حماري اشتريته أمس لأني قررت أن أقفل الشقاوة بالزيارة أريد أن أذهب مع الركب للمدينة المنورة أزور لأنني كنت شقياً على مستوى مكة كل الحواري تعرفني أنا وأخي فهد كنا نعمل مزامير ومضاربات كنت أحضر شخصاً اسمه الهليكة يضارب معي وكنت أعطيه نصف ريال في كل مضاربة. الركب إلى المدينة المنورة r ماذا كان ردة فعل الوالد عندما علم بأنك تريد أن تزور بعد أن بعت الدباب واشتريت بثمنه حماراً؟ - استغرب في البداية ثم وافق بعد أن أقنعته وقال يمكن أخوك فهد يذهب ويزور معك وكان يصغرني سناً فذهبت مع الركب في أول أسبوع من شهر رجب. r ما المقصود بالركب المكي وكيف كان يتم التخطيط له؟ - الركب يمثل أحد مظاهر الحياة في الزمن الجميل؛ ونعني به تلك القوافل التي كانت تسير من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة على ظهور الدواب لعدم وجود السيارات في ذلك الوقت والركب يكون على شكل جماعات لمواجهة مخاوف الطريق وتتنوع فيه الركاب المستخدمة من الخيول والحمير والجمال وكان الركب ينطلق من حي جرول والزاهر شمال مكة ويمر بوادي فاطمة ثم عسفان ثم رابغ ثم أم البرك وعنقل، حيث يمر الركب بالقرى والبحر على طريق المدينة المنورة وهو عادة مكية أصيلة تقام سنوياً في أول جمعة من شهر رجب، والركب مجموعة كبيرة من الأفراد يسافرون من مكة بعد أن يتم تجميعهم من حارات مكة ويتم توديعهم على طريق المدينة باتجاه مسجد السيدة عائشة ثم ينطلقون ويلتقون مع ركب أهالي جدة والطائف على طريق عسفان وكانوا يرددون أهازيج شعبية وأناشيد منها «عسى عسى في كل عام نشاهد البدر التمام» وكان الشيخ عبدالعزيز محضر هو شيخ الركب وهو صديق الوالد ونحن جماعة المحضر كنا نذهب في حدود خمسين شخصاً نلتقي في البداية في حي الشهداء ثم نجتمع في وادي فاطمة ومن هناك ننطلق للمدينة المنورة. r في كم يوماً تقطعون الطريق من مكة المكرمة للمدينة المنورة؟ - كنا نقطعها في ثمانية أيام، حيث نسير براحتنا برفقة شيخ الركب عبدالعزيز محضر وعبدالعزيز عياد وسراج عياد عيال عمدة شعب علي وكل واحد معه زمزميته مربوطة معه يشرب منها ومعه أكله في خرجة اللهم عدا الشاي نعمله ونشربه مع بعض، وهناك أناس يقطعوا الطريق في أربعة أيام وهؤلاء يواصلوا الليل بالنهار دون أن يرتاحوا. r كم يوماً كنتم تمكثون في المدينة المنورة للزيارة؟ - كنا نمكث شهراً وأغلبهم كانوا يذهبون مع عائلاتهم، أذكر والدي عمل لنا حفلة وداع في وادي فاطمة، حيث بتنا ليلة هناك ودعا لها العمد وكانت حفلتنا لوحدنا غير حفلة أهالي أجياد وفي صباح اليوم الثاني مشينا إلى أن وصلنا رابغ وهناك لحقنا والدي بالذبائح وذبح وأقام وليمة للركب كله ومن هناك واصلنا المسير في الخطوط الترابية بين الجبال إلى أن وصلنا للمدينة المنورة وفي المدينة استقبلنا مدير الشرطة الذي كان وقتها جميل الميمان لا أذكر رتبته لكني أعتقد أنه كان عميداً وهو مكاوي أصيل من حي أجياد بمكة يحب المزامير والأناشيد مثل أحمد زكي يماني يحب الصهباء، وعمل لنا استقبالاً حافلاً ونشر الجنود وطلاب المدارس في الشوارع وفي المدينة كل واحد ربط بهيمته وذهبنا لزيارة النبي وصليت ركعتين ثم صلينا الفجر وذهبنا لزيارة البقيع والمساجد السبعة وهكذا. عامل بناء r جيلكم كان جيلاً مكافحاً فهل كانت هناك أعمال زاولتها في تلك الفترة أم إنك ولدت وفي فمك ملعقة من ذهب لأن والدك كان مقاولاً ميسور الحال؟ - لا يوجد ذهب ولا فضة، صحيح كانت أحوال والدي طيبة ولكني أردت أن أثبت لوالدي بأنني رجال ولكون والدي كان مقاولاً قررت أن أمارس هذه الصنعة بالقوة لوحدي، حيث عملت مع مقاول كان جاراً لنا في أجياد اسمه زيني شلظوم - رحمه الله - كان أولاده أصدقائي وكانوا يعملون في المقاولات في الحجر والطين يبنون ويهدون ويكسرون فعملت معهم وكانوا مقاولين وقتها على بناء منزل الشيخ علي أبو العلا - رحمه الله- الذي كان في طلعة الحفاير فعملت معهم معلم بناء كسرت الصخور وبنيت بالطوب وبالحجر، وكان زيني شلظوم يأخذ مقاولات أحوشة في المسفلة فكنت أذهب مع ولده نبني هو يبني من طرف وأنا أبني من الطرف الآخر نمد الخيط ونبني. r كم كانت الأجرة في اليوم؟ - كانت سبعة ريالات، بعدها عملت مطوفاً في الحرم بعد أن اختبرت في وزارة الحج والأوقاف وحصلت على رخصة بمزاولة المهنة، وكنت أطوف وأنا ألبس الجبة السوداء في الحرم خاصة ليلة النصف من شعبان ورجب ورمضان والحج ولم أكن أشترط أي مبلغ فالذي يعطيني خمسة ريالات والذي يعطيني عشرة أو أقل أو أكثر، وكان من زملائي في التطويف معالي الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق - رحمه الله- كان يطوف معنا وهو صديق لوالدي وكان يكبرني بثماني سنوات وكان يحرص على تطويف الأمراء والأميرات إذا جاؤوا للحرم والشيوخ لأنه متعلم عنا نحن في المتوسطة وهو في الجامعة. أسرة مطوفين r على ذكر الطوافة أنت من أسرة توارثت هذه المهنة إلا أنك لم تمارس هذه المهنة في عهد المؤسسات أسوة بباقي أسرتك؟ - كان جدي ووالد جدي وجد جدي كلهم مطوفين، وصك بيت الوقف مكتوب فيه ملك محمد سمر الدين بن محمد بانو المطوف، لقبنا المطوف، وعندما كنت صغيراً أذهب مع ستي ومع أمي وعمري أربع أو خمس سنوات كان النساء يستلطفنني وأنا صغير ويسألنني أنت ولد من؟ أقول لهم ولد سمر الدين يقلن سمر الدين المطوف، أقول لهن نعم، وكان جميع حجاجنا من الهنود والوالد لا يتحدث الهندية وكان خائفاً من الإحراج لكنه يطوف حجاج هو لا يجيد لغتهم فترك مهنة الطوافة لهذا السبب، خاصة أنه كان مقاولاً كبيراً حتى أن ابن لادن طلبه لأن يعمل لديه لكنه رفض. في السلك العسكري r نعود لمواصلة المشوار بعد الحصول على شهادة الكفاءة المتوسطة أين كانت الوجهة؟ - كانت للعسكرية فبعد أن عدت مع الركب من المدينة المنورة مكثت فترة فإذا بي أجد الدفاع الجوي وكان اسمه سلاح الطيران يعلن عن فتح باب القبول للطلاب من المرحلتين المتوسطة والثانوية فقدمت عليهم بشهادة المتوسطة وكان معي العمدة أحمد بصنوي، وسلمان الحريبي، وفيصل كسار، وصبحي صواف، ومحمد أبو صيب - رحمه الله- فأرسلونا للظهران لإجراء الكشف الطبي لمدة أسبوع وبعدها ابتعدوثنا على «كوهات» في الباكستان لدراسة اللغة الإنجليزية والتدريب العسكري؛ التدريب على الأسلحة الرشاش والبندقية فدرست تلك السنة في كوهات ثم درست سنتين أخريين تخصصت في الأسلحة والذخيرة ثم عدت إلى المملكة. r ماذا كانت الرتبة العسكرية بعد التخرج والعودة إلى المملكة؟ - كانت وكيلاً فنياً، فعندما عدت للمملكة وجدت العمل في العسكرية صعباً بالنسبة لي لا أستطيع تحمله فقلت لوالدي أريدك تشوف لي طريقاً لإخلاء طرفي من العسكرية فأعطاني خطاباً للفريق محمد بديرة مدير التدريب الحربي وكان قائد الجيش في سوريا أيام حرب فلسطين، فذهبت له على مكتبه في الوزارة بالرياض وسلمت عليه وبعد أن سألني عن والدي وعن أهل الحارة، قلت له أريدك تساعدني في البحث عن طريق للخروج من العسكرية قال لي لماذا؟ قلت له أنا لا أستطيع أن أذهب إلى شرورة ونجران، عمل العسكرية عمل شاق ومتعب بالنسبة لي، فكتب كلمتين على ورقة صغيرة وقال لي تعال معي. r إلى أين أخذك؟ - إلى مكتب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وكان مكتب الأمير خلف مكتبه فدخلنا وسلمنا على الأمير وعندما قرأ الورقة قال لي ألا تريد أن تخدم بلدك؟ قلت له أنا أخدم بلدي في كل مكان ولكن حدثت لي حالات نفسية عندما نشبت الحرب بين الهند وباكستان أصبحت لا أستطيع تحمل العمل في العسكرية، فقال ما دام الوضع كذلك فلا مانع ووقع على الموافقة بإخلاء الطرف. في الخطوط السعودية r وبعد العمل في العسكرية؟ - بعد العمل في العسكرية قدمت على الخطوط السعودية وعندما قدمت سألوني ماذا تحمل من شهادة؟ فقلت لهم ما الشهادات المطلوبة التي تريدونها؟ قالوا بصراحة نريد إنجليزي إذا تعرف إنجليزي تعال، فقلت لهم اختبروني فعقدوا لي اختباراً وأعطوني ورقة الأسئلة وكان من ضمنها سؤال يحتمل إجابتين فكتبت واحدة منهما وكان الذي يجري الاختبار شخص أمريكي فعندما صحح الورقة وجدها كلها صح ما عدا هذا السؤال الذي يحتمل إجابتين فشك أنني أغش من براشيم أو كتب، ففتش الماصة ولم يجد شيئاً فأخذ ورقة الإجابة ورماها في سلة المهملات وأعطاني ورقة أخرى كي أحل من جديد ليتأكد بأنني أنا الذي أجبت عنها بدون مساعدة فحللتها كلها صح وفي هذه المرة تلافيت الغلطة السابقة وكتبت الإجابة الثانية للسؤال وعندما صحح أعطاني العلامة كاملة لكنه لم يعتمد هذه الإجابة وإنما اعتمد الإجابة السابقة التي فيها غلطة والتي رماها في سلة المهملات ووظفني. r وظفك على أي مرتبة؟ وما مسمى الوظيفة؟ - على وظيفة فني صيانة طائرات على الدرجة الخامسة والثلاثين وعندما تسلمت هذا العمل اختبروني اختباراً عملياً مرة ثانية، حيث أحضروا لي ما يشبه الفخ وأعطوني مفاتيح وقالوا لي هيا فكها وركبها وبالساعة ففكتها وركبتها في الزمن المحدد فقالوا لي هل أنت ميكانيكي؟ قلت لهم لدي خبرة لأن لدينا ورشة في مكة ورشة سمكرة وبوية وميكانيكا لكني لا أذهب لها فعينوني على هذه الوظيفة. r كم كان أول مربوط لهذه الوظيفة؟ - كان سبعمائة ريال. r وفي العسكرية؟ - في العسكرية كان أربعمائة ريال. r وبعد العمل فني صيانة طائرات على الدرجة الخامسة والثلاثين؟ - خيرونا إذا نريد أن نبقى أو ندرس ونحول إلى تخصصات أخرى كالهندسة الجوية وخلافها، فأردت أن أختبر وأحول إلى عمل آخر وكان الاختبار في عمارة الكعكي فذهبت لاختبر وكان معي زميل لا يعرف لغة ولا يعرف حتى قراءة الأسئلة فحللت وأعطيته ورقتي لأني تركت مكان الاسم فارغاً وقلت له اكتب اسمك عليها وأخذت ورقته وأجبت عنها وكتبت عليها اسمي أي إنني حللت عني وعنه والآن هو تقاعد وهو على وظيفة مهندس جوي، بعدها عملت في وظيفة إداري مستودعات وعملت عاماً رئيساً مكلفاً لهذا القسم ثم شغرت الوظيفة وظيفة رئيس القسم وكانت شركة إياتا الأمريكية هي التي تدير الخطوط السعودية والمدير الأمريكي يريد أن يعين أحد أصدقائه في هذه الوظيفة مع أني أحق منه بها حاولت أن أتوظف عليها ولكن بدون فائدة وفي أحد الأيام قال لي والدي خذني عند عمك عبدالله بصنوي عمدة الشامية فذهبنا له وأخذناه معنا في السيارة ثم قال لي اذهب للسليمانية وخذ عمك عمر عيوني فذهبنا وأخذناه معنا. r أخذتموهم معكم إلى أين؟ - إلى الشيخ أحمد زكي يماني في وادي محرم وكان لديه قصر هناك فرحب بنا وجلسوا يغنوا الصهبة واليماني والشيخ أحمد زكي يماني في غاية الانبساط وبعد العشاء أخذتهم على مكة، وأثناء رجوعنا ميلت على العم عبدالله بصنوي وقلت له يا عم عبدالله هل تعرف أحداً في الطيران أو في الخطوط سألني لماذا؟ قلت له لأنه توجد وظيفة في قسمي عملت فيها لمدة سنة وأنا أستحقها ولا بد أن آخذها، فقال غداً أحضر أنا ووالدك نمر عليك في بيتك بجدة ويصير خير، وبالفعل جاءا في اليوم الثاني وكنت في انتظارهما، وقال لي العم عبدالله هيا نريد أن نذهب لمكتب الشيخ عبدالله مهدي رئيس الطيران المدني، فذهبنا له وعندما رأى العم عبدالله طار بنا فرحاً ورحب بنا والعم عبدالله سأله عن والدته وقال له كيف حال خالة فطوم وفلانة لأنه يعرف السلالة كلها، ثم قال لي هيا تحدث مع الشيخ فتحدثت معه وقلت له لدينا وظيفة اسمها كذا يريدون يعطونها لشخص خواجة وأنا أحق بها؛ لأني عملت فيها لمدة عام بالنيابة، فطلب مستر «بيك» وقال له مستر رشاد غداً سيأتي لك اذهب معه لمدير عام الإدارة واعتمد له هذه الوظيفة، فقال له حاضر، وفي الحال تم تعييني مديراً لإدارة المستودعات. r وبعد العمل مديراً لإدارة المستودعات في الخطوط السعودية؟ - بعدها ضموا المستودعات بجدة مع باقي مستودعات المملكة وأصبحت المستودعات مركزية فيها كل شيء من المسمار إلى محرك الطائرة حتى الأدوات المكتبية والشوك والملاعق هذه كلها لدينا موجودة في المستودعات ونقلنا وقتها من المطار القديم للمطار الجديد وأصبحت أنا الذي أتسلم العهد، ومن خلال عملي في المطار سلمت وقابلت الملك فيصل والملك خالد - رحمهما الله- وقابلت خادم الحرمين الملك سلمان - حفظه الله- وكان وقتها أميراً للرياض، وبعدها طلب مني الكابتن أحمد مطر المدير العام أن أستلم قسم الجمارك التابع للخطوط السعودية فذهبت وعملت مديراً له حاولت بعدها أن أتقاعد مبكراً وكان باقي على تقاعدي عامان لكي أحصل على الشيك الذهبي إلا أن الأمير مشعل بن محمد وهو صديق لي نصحني بأن أكمل خدمتي لأنه كان باقي لي سنتان فأكملتهما وتقاعدت، وأذكر عندما عملت فنياً في صيانة الطائرات كانوا يريدون أن يوضبوا طائرة من نوع «تشاري الفادا كوتا» وضبناها من وإلى حتى البويا أخرجناها والأسلاك. r كم كان راتبك عندما تقاعدت؟ - كان يزيد عن الثمانية عشر ألف ريال. r وبعد التقاعد من العمل في الخطوط السعودية؟ - بعد التقاعد عرض علي أحد أرحامنا في الرياض وكان لديه شركة تأمين ويريد فتح فرع لها في جدة أن أتسلم إدارة الفرع فوافقت واستأجرت المكان وأسسته وعقدت عدداً من الاجتماعات مع مديري شركات التأمين كالتعاونية وبوبا وغيرهم، وبعد العمل قرابة العام وجدت نفسي بأنني تعبت واتصلت بصاحب الشركة وقلت له أنا تقاعدت لكي أرتاح وهذا المكتب ليس فيه راحة أريدك تسلم الإدارة لأحد غيري لأنني لا أستطيع مواصلة العمل، فقال لي أنا لا أستطيع أن أئتمن أحداً غيرك، فما كان منه إلا أن قفل الفرع وقال أنا لدي فروع عديدة غيره في الرياض والدمام والظهران وغيرها. بعد التقاعد r كيف تقضي وقتك بعد التقاعد؟ - تفرغت لتكريم الشخصيات التي قدمت عطاء للوطن إضافة لإشرافي على وقف جدي، حيث إنني ناظر عليه وكان قبلي الوالد ناظراً على وقف سمر الدين لجد جدي أبو جدي كان لديه عمارة في أجياد على شارعين في برحة الطفران عملها وقفاً وكانت ستي - رحمها الله- هي الناظر عليه ثم توفيت ومسك النظارة شخص اسمه علوي جان ابن خالة والدي وهو أكبر سناً من والدي، ثم تسلم والدي النظارة على الوقف وهو لا يقرأ ولا يكتب لكنهم أصروا عليه بأن يتسلم النظارة لأنه أكبرهم في الطبقة وفي الدرجة فتسلم النظارة عدة سنوات إلى أن تعب وبعد أن تعب تسلمت النظارة بعده من عام 1424ه وما زلت ناظراً على الوقف حتى الآن أقوم بتأجيره وتوزيع الإيجارات على الورثة. سفير السلام وحقوق الإنسان r من الذي منحك لقب سفير؟ - المركز المصري للسلام العالمي لحقوق الإنسان باعتباري خبيراً متخصصاً في شؤون السلام العالمي وحقوق الإنسان؛ وهو معتمد من منظمة العفو الدولية وهيئة اليونسكو بالأمم المتحدة، حيث عملوا لي حفلاً كبيراً في أحد فنادق القاهرة وسلموني الشهادة. r من أبرز الشخصيات التي كرمتها؟ - كرمت الكثير ولا أستطيع أن أحصي لك عدد الشخصيات التي كرمتها لكن منهم الفنان جميل محمود ومحمد عبده، ود.حسن حجرة، وحامد عباس - رحمه الله- والأمير مشعل بن محمد بن سعود وغيرهم. r لماذا ركزت في التكريم على الفنانين دون غيرهم ما علاقتك بالفن والفنانين؟ - أنا ليس لي علاقة بالفن، ولكن كان لي صديق اسمه صالح عسيري عميد الغناء «الصهبة» و«اليماني» وكانوا يغني هو ومجموعته ويدعونني؛ ومن هنا بدأت علاقتي بالفن والفنانين فبدأت بتكريم الأستاذ حامد عباس - رحمه الله- فقال أريد أن أعزم جميل محمود وحسن اسكندراني، وبدأت البشكة تكبر وأصبح هناك أناس يأتون بدون دعوة فبدأت بتكريمه ثم تكريم محمد الصيادي وهو أحد زملائي القدامى كان موظفاً عندي في القسم وكنت أنا رئيسه لكنه استقال من العمل لمواصلة دراسته وعاد بالدكتوراه فكرمته وبعدها استمررت في التكريم. r متى كان الزواج وما قصته؟ - تزوجت من زوجتين وأنجبتا لي لكنهما لم يعيشا معي كان بجواري جيران لبنانيين قالوا لي أنت عندك إجازة تعال سافر معنا إلى لبنان يمكن تتزوج من هناك ويحصل النصيب فسافرت معهم ونزلت عند الشخص الذي ذهبت معه وكان رجلاً طيباً فقال لي توجد فتاة أخي متزوج أختها فقلت ما دام أخوه متزوجاً من أختها معنى هذا أنها عائلة طيبة فخطبتها ووافقوا وحصل النصيب وكان ذلك قبل خمسة وثلاثين عاماً عندما كانت العمائر في بيروت مخرمة والكلاب والقطط تلعب في الشوارع لأنه لا يوجد ناس في بيروت كما هو الحال الآن. مواقف وذكريات r ما الذكرى التي ما زلت تذكرها عن بيروت في تلك الفترة؟ - أذكر أنني تعرفت وقتها على مدير عام الأيتام في طرابلس ودعاني فذهبت إليه، وقال لي أنت سعودي نريدك تحضر لنا مساعدات للأيتام من السعودية، قلت له أعطني الأوراق النظامية فأعطاني كل الأوراق والمستندات التي استند إليها، أخذتها وعدت إلى مكة وقلت لوالدي أريدك أن تساعدني أنا معي خطاب من دار الأيتام أريدك أن تدلني على أناس من أهل الخير يساعدونهم، فقال أنا ليس لدي إلا معالي الدكتور محمد عبده يماني وكان وقتها وزيراً للإعلام ولديه مكتب آخر في برج دلة بجدة وكان والدي معه ورقة منه بأن حامل هذه الورقة يدخل عليه في أي وقت، فذهبت له مع والدي في مكتبه ببرج دلة ورحب بنا، فعرضت عليه الملف معه الأوراق الثبوتية من دار الأيتام وبعد أن تصفحه كتب لهم مساعدة قدرها عشرة آلاف دولار، حيث أعطاني شيكاً بالمبلغ قبل 35 عاماً فذهبت وأخذت إجازة وسافرت وسلمتهم الشيك، وفي العام الثاني قابلتهم فقالوا هذه المساعدة مقطوعة ونحن نريدها تستمر فقلت لهم طيب وعندما رجعت للمملكة ذهبت لمعالي الدكتور محمد عبده يماني - رحمه الله- وقلت له الوضع لديهم صعب وهم يريدون هذه العشرة آلاف ريال المساعدة السنوية أن تستمر فطلب شخصاً سودانياً مسؤولاً عن المساعدات وقال له اعتمدوا مساعدة سنوية قدرها عشرة آلاف دولار لدار الأيتام الزهراء بطرابلس، وما زالت هذه المساعدة سارية منذ 35 عاماً حتى الآن. r وما الذكرى التي ما زلت تذكرها عن مرحلة الطفولة في الطائف؟ - أذكر في أحد الأيام طرق الباب علينا ونحن في الطائف رجل وقال اقفلوا الراديو وكان والدي خلفي فقال له خيراً إن شاء الله، قال له يا عم اقفلوا الراديو قال له الوالد لماذا؟ قال لأن الملك عبدالعزيز انتقل إلى رحمة الله فخيم علينا الحزن، وكنت وقتها في السنة الأولى الابتدائية، وأذكر على أيامنا بأنه كان للراديو رخصة وتصريح وكان للراديو إريال فوق البيت وسلك في الأرض نضع له ماء وكانت هذه تعليمات الذين يبيعون الراديوهات وهم الذين يمدون لك السلك عندما يبيعون لك الراديو لتفريغ الشحنات إذا جاءت الصواعق مثل الذي في ذيل الطائرة لتفريغ الشحنات. r وما الذكرى التي ما زلت تذكرها عن أيام الصبا في مكة المكرمة ولن تنساها؟ - أذكر أن أهل مكة كانوا يحرصون على حضور السيد علوي مالكي عند عقد القران أو في الأفراح وإذا لم يحضر السيد علوي مالكي يصبح كأنه لم يكن هناك فرح، وكان السيد علوي يحضر جميع المناسبات التي في مكة ويعتذر عندما تكون المناسبة خارجها كالطائف مثلاً، لكن أهل الفرح يحرصون على حضوره لفرحهم في الطائف؛ فكانوا يسألون عن واسطة تمون على السيد علوي فيقولون لهم يمون عليه علي سمر الدين أي والدي فيأتون لوالدي ويطلبون منه أن يذهب معهم لمنزل السيد علوي لكي يذهب معهم لعقد القران في الطائف فيستحي الوالد منهم ويذهب للسيد والسيد يستحي من والدي ويقبل فيقوم والدي باستئجار السيارة ويأخذه ويأخذني معه لأني أصبحت المرافق له وأهل الزواج يخصصون لنا مجلساً نرتاح فيه أنا وهو، وفي المساء يعقد عقد النكاح، حيث الملكة، وأذكر مرة أراد السيد علوي يلف عمامته فمسكني طرف العمامة ومسك هو الطرف الثاني وأصبح يبرم ويلف العمة على رأسه لأن طولها عشرة أمتار وهي خفيفة من النوع الشاش إلى أن وصل عندي وأعطاني بالسبابة في بطني كنوع من الدعابة أو المزاح وكنت وقتها في وضع الشهيق فدخت وكاد أن يغمى عليّ وزعلت منه وقلت له هل تريد أن تقتلني هذه ضربة مميتة فأصبح يراضيني. r كم كان يأخذ السيد علوي مالكي على الملكة باعتباره نجم الفرح الذي لا يتم إلا بحضوره؟ - كانوا يستحون يعطونه فلوسا، يعطونه بدلاً منها كتفاً أو فخذاً من اللحم، أو كيساً من الأرز، أو تنكة سمن، وكنا نربط الكتف أو فخذ اللحم في السيارة بعد يشمعوها ويضعوا عليها الملح ونعلقها في الهواء، لكي لا تخرب من الطائف إلى مكة المكرمة.

مشاركة :