مصرف HSBC يقدم حسابات لمجرمين وسياسيين ومشاهير

  • 2/10/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

متهربون من الضرائب، رجال أعمال مشبوهون، سياسيون فاسدون في الرشوة ونهب الأموال، بل مجرمون تواقون لغسل أموالهم، كل هؤلاء جاءوا في وثائق سربتها الصحافة الدولية أمس عن أنشطة فرع مصرف إتش. إس. بي. سي في جنيف. لكن المصرف البريطاني أكد في توضيح رسمي أنه غير نموذجه في الأعمال التجارية المصرفية في عام 2008، وأنه فصل نفسه عن زبائنه المشكوك فيهم. وألقت هذه الوثائق التي اطلعت عليها صحف دولية ضوءا شديدا على أنشطة فرع إتش. إس. بي. سي في جنيف قبل عام 2008. وتدّعي الوثائق وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، أن المصرف ساعد العملاء في أكثر من 200 دولة على التهرب من الضرائب المفروضة على حسابات تشتمل على مبالغ قدرها 119 مليار دولار (104 مليارات يورو). كما أظهرت بأن إتش. إس. بي. سي يقدم حسابات لمجرمين ورجال أعمال وسياسيين ومشاهير على المستوى الدولي، وفقا للاتحاد الدولي لصحافيي التحقيقات. هذه السلسلة من التحقيقات الاستقصائية التي أطلق عليها اسم سويس ليكس أصبحت متاحة للاطلاع بعد أن نقلت السلطات الفرنسية معطيات النشاطات المصرفية لـ 106 آلاف عميل في مصرفي إتش. إس. بي. سي وباريبا إلى صحيفة لو موند الباريسية اليومية، التي ناشدت هي نفسها الاتحاد الدولي للصحافيين آي سي آي جي مواصلة التحقيق في هذه القضية. وقال الاتحاد: استفاد مصرف إتش. إس. بي. سي من قيامه بأعمال تجارية مع تجار الأسلحة الذين قاموا بتمرير قنابل الهاون إلى جنود أطفال في إفريقيا، وإلى وسطاء الأعمال القذرة في دول العالم الثالث، وإلى تجار الألماس الملطخين بالدم، وغيرهم من الخارجين على القانون الدولي. في سويسرا، شاركت كل من صحيفة لو تون، أكبر الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية، ومجلة لا بدو الأسبوعية، ولو ماتان دو دومانش، في هذه التحقيقات الاستقصائية. وتغطي المعلومات المتعلقة بالأموال الفاسدة، الفترة ما بين عامي 2005 و2007. ومرت نحو 180 مليار دولار في هذه الحسابات المشبوهة بين عامي 2006 و2007 للهروب من الضرائب، ولغسل الأموال أو لتمويل الإرهاب، حسبما قرأت الاقتصادية في التحقيقات المنشورة في الصحف السويسرية ولوموند. وكشفت لو تون من بين أمور أخرى، أن 98 في المائة من عملاء المصرف الفرنسيين كانوا متهربين من الضرائب. وتم أيضا تسليط الضوء على أسماء بعض العملاء المشهورين، سواء كانوا دكتاتوريين، أو سياسيين عاديين يبدون للعيان نظيفين. ومن بين أصحاب الحسابات المعروفين، ضم فرع المصرف في جنيف أشخاصا من عائلة وأقارب الرئيس السوري بشار الأسد، أو مقربين منه (أخته، زوج أخته، شقيقهوغيرهم)، ودكتاتوريين من هاييتي، ونيجيرياوغيرهم. هؤلاء الأشخاص وعشرات غيرهم تورطوا في قضايا فساد أو اختلاس أموال، حسب ما كشفته الوثائق. وتشمل الأسماء في الملفات أشخاصا صدرت بحقهم عقوبات في الولايات المتحدة، بمن فيهم رجل الأعمال التركي سليم ألجواديس وجينادي تيمتشينكو، معاون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المستهدف بعقوبات بسبب أكرانيا. وورد في القائمة وزير التجارة المصري السابق رشيد محمد رشيد لامتلاكه توكيلا قانونيا على حساب بقيمة 31 مليون دولار، وفقا للملفات. من جانبها، أعلنت مجلة لا بدو أنها ستقوم بكشف جديد عن أسماء جديدة في طبعتها المقبلة يوم 12 شباط (فبراير) الجاري. وأوردت المجلة مزيدا من التفاصيل حول كيفية عمل فرع إتش. إس. بي. سي في جنيف كـ قاعدة خلفية لنشاطات تجار إكيستازي (نوع من المخدرات المنشطة) في أطلنطا، وكذلك لتاجر سلاح إسرائيلي. من جانبها شددت صحيفة لو ماتان دومونش على أن البيانات المسروقة تم تصنيفها على أنها حقيقية، عقب تحقيق أجرته الشرطة القضائية الاتحادية السويسرية. واستشهدت وسائل الإعلام الفرنسية مثل لو موند ولو فيجارو بأسماء أخرى ضمت رؤساء دول، ورجال أعمال، ورياضيين، وممثلين، وسينمائيين، كالممثل الكوميدي الفرنسي جاد المالح، أو المخرجة دو لول، والسينمائية ليزا ازيلوس، ولاعب كرة القدم كريستوف دوجاري بطل العالم ضمن فريق فرنسا في عام 1998. ويرتبط فلافيو برياتور، رجل الأعمال في سباق فورميولا ون، بـ 38 حسابا مصرفيا فيها ما يقدر بحدود 73 مليون دولار ما بين عامي 2006 و2007. وأبى كبار رجال الأعمال أن يتفوق عليهم الرياضيون والفنانون وألا يكونوا في القوائم. فالحلاق الفرنسي الشهير جاك ديسانج، كان على قائمة عملاء المصرف في جنيف. وقد صحح ديسانج وضعه مع هيئة الضرائب الفرنسية في عام 2012، وفقا لـ لو موند. وكرد فعل على هذا الكشف، أقر مصرف إتش. إس. بي. سي في بيان له أمس بوجود أوجه قصور، لكنه أكد أنه بدأ بإجراء تغييرات جذرية في عام 2008 لتفادي استخدام الخدمات المصرفية التي يقدمها كوسيلة للتهرب من الضرائب أو غسل الأموال. وقال مورا فرانكو المدير التنفيذي للمصرف، في بيان خطي وزعه على الصحافة: ليست لدينا أي شهية للقيام بأعمال تجارية مع عملائنا أو عملاء محتملين قادمين ممن لا يستوفون معاييرنا في تصنيف الجريمة المالية. واعتبر أن النموذج القديم من الأعمال التي تقوم بها المصارف السويسرية لم تعد مقبولة بعد اليوم. ونشر المصرف أيضا وثيقة، شرح فيها أنه دفع العملاء المشبوهين نحو الخروج من المصرف، وهو انعطاف حاد أدى بدوره إلى انخفاض قوي في عدد الحسابات المصرفية، التي بلغت 10343 حسابا بعد أن كانت 30412 حسابا في 2007. وهو ما يمثل انخفاضا بحدود 70 في المائة. وأن كتلة الأموال تحت الإدارة هبطت إلى 68 مليار دولار من 118.4 مليار. وفسر المصرف الحالة الناجمة عن تحقيقات سويس ليكس بمثابة نتيجة لاستحواذ المصرف في عام 1999 على كل من مصرفي ريببلك ناشيونال بانك أوف نيويورك، وصفرة ريببلك هولدنك، حيث كان لهاتين المؤسستين ثقافة مختلفة عن ثقافة المشتري إتش. إس. بي. سي، حسب بيان المصرف. وقال إن المصرف الخاص في سويسرا تبنى نشاطاته الأساسية من خلال الاستحواذ على المصرفين. من جانبها، لم تعلق الرابطة السويسرية للمصرفيين بصورة مباشرة على هذه التطورات، لكنها أعادت إلى الأذهان أن الأمثلة التي تم ترويجها اليوم إنما هي تنتمي إلى الماضي. وبالنسبة للرابطة، فإن القطاع المصرفي بدأ بالنضج منذ ما يقرب من عشر سنوات. وأن المصارف أصبحت مطالبة بالالتزام باستراتيجية ضريبية تتطابق مع متطلبات الشفافية التي يستند إليها المركز المالي السويسري. وذكرت الرابطة في بيان، تلقت الاقتصادية نسخة منه، بالجهود التي تبذلها سويسرا من أجل الامتثال الضريبي الكامل، خاصة بما يتطابق مع قانون الامتثال الضريبي الأمريكي فاتكا. وفي اتصال هاتفي أجرته الاقتصادية مع، توبياس لوكس، الناطق الرسمي باسم الهيئة الاتحادية لمراقبة الأسواق المالية، ذكرت الهيئة أنها وجهت لوما لمصرف إتش. إس. بي. سي بسبب أوجه قصور وجدتها الهيئة في التنظيم الداخلي للمصرف، وكذلك في نظام التحكم في الأنشطة التي يضطلع بها نظام الحاسوب في المصرف. وقالت إنها أصدرت بيانا عن هذه المسألة في شباط (فبراير) 2012. وقالت الهيئة، التي تعرف في سويسرا بـ شرطي المصارف، أنها منعت مصرف إتش. إس. بي. سي من قبول عملاء جدد يعرفون باسم بي إي بي، (مختصر ثلاث كلمات باللغة الفرنسية تعني: الشخص المكشوف سياسيا) لفترة زمنية محددة، وأنها فتحت تحقيقين بعد سرقة البيانات من قبل هيرفي فالسياني، وأن هذه الإجراءات اكتملت الآن. وأكد، لوكس، لـ الاقتصادية أن مصرف إتش. إس. بي. سي الخاص ليس الوحيد الذي أدانته الهيئة بسبب انتهاكاته النظام القانوني المتعلق بغسل الأموال، بل هناك عدد قليل آخر من هذه الحالات، لوحظت في السنوات الأخيرة. المصدر - الاقتصادية

مشاركة :