"التسامح".. ثمرة يغرسها الآباء في الأبناء

  • 1/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

التسامح أحد السمات الأساسية التي تكفل التوازن النفسي للأفراد، وتجعلهم نافعين لأنفسهم، وتسهم في النهوض بالأوطان، ومن هنا أقرت الدولة 2019 عاماً للتسامح إيماناً منها بهذه القيمة العظيمة، وتحقيقاً لهذا الهدف هناك أساليب عديدة يجب اتباعها لغرس ثقافة التسامح لدى الصغار والأجيال الجديدة ضمن عمليات التنشئة السليمة التي تجعل من الأوطان شجرة وارفة الظلال تجمع تحتها مختلف الثقافات والأفكار، نتعرف إليها من خلال تجارب شخصية واختصاصين أكدوا أهمية تعزيز ثقافة وروح التسامح بين الصغار سيراً على النهج الذي يشهد به الجميع على أرض الإمارات التي ترفع راية التسامح والسلام بين الثقافات والبلدان المختلفة. مكارم الأخلاق ميساء البدواوي، أم لأطفال في مراحل تعليمية مختلفة، أكدت أن التسامح أرقى وأجمل صفة في مكارم الأخلاق وقد تعلمناها في منازلنا ومدارسنا، وتعد من أبرز السمات السائدة في مجتمع الإمارات، حيث نتعامل مع كل الجنسيات والثقافات بحب وقبول، ما صنع نسيجاً قوياً بين الجميع صغاراً وكباراً، ومن مختلف الثقافات والأفكار، وهو ما تعمل على غرسه في أبنائها بشكل عملي، وليس فقط مجرد النصائح النظرية، لأنه لا سلام في الحياة أو «راحة بال» من دون تسامح. وتقول «أربي أبنائي على التسامح ليتمكنوا من العيش في سعادة، فدائماً استخدم معهم أسلوب السؤال في أي موقف بينهم أو بين أصدقائهم: أسامحته؟ وأكرر السؤال أسامحت أخاك؟ أسامحت صديقك؟ وأردد دائماً لا تنم وأنت في قلبك حقد على من أساء إليك.. سامح جميع الناس قبل نومك فبذلك تشعر بالرضا وتحظى بغد مشرق ويوم جميل».. وسلك أبنائي السلوك الذي أتمناه عن مفهوم التسامح، حيث أسمعهم بعد أي خلاف بينهم يسأل كل منهم الآخر: أسامحتني؟ ويلح بالسؤال مكرراً أسامحتني؟ حتى يسمع كلمة نعم سامحتك.. وأحياناً يطلب مني أحدهم اصطحابه ليشتري هدية يريد أن يقدمها لصديقه «عربون صلح» ولكي يخبره بأنه سامحه على ما حدث بينهم من خلاف سابق. مهارات التواصل وتقول سارة الزيدي، مدربة تطوير الذات، إن التسامح من القيم السامية التي حثنا عليها ديننا الكريم، وتربينا عليها في مجتمعنا، وأصبحت سمة نزهو بها بين شعوب الأرض، ومن المفيد أن نعمل على ترسيخها باستمرار في نفوس الأجيال، خاصة أن الإمارات بلد مضياف وتحيا على أرضه جنسيات كثيرة بحب وتعاون استناداً إلى مفاهيم التسامح، موضحة أنه من هذا المنطلق يجب أن تهتم الأسرة بتنشئة الطفل على هذه القيمة، إلا أن افتقار الوالدين أو أحدهما لبعض أساسيات تعليم الطفل والمرحلة المناسبة لتعليمه هذه القيمة، قد يؤثر سلباً عليه، وبالتالي ينبغي على الوالدين في الأساس أن يتحليا بهذه القيمة حتى يستطيعا غرسها في أبنائهما، وعليهما إدراك شعور الاحتياج للصداقات والتعاون مع الغير من عمر 6 سنوات، وهنا يكتسب الصغار مهارات التواصل والقيادة والانقياد، وهي المرحلة المناسبة لتعلم قيمة التسامح التي تعزز التواصل السليم مع الآخرين. حملات توعية أحمد شلبي، مدرس اللغة العربية بإحدى مدارس أبوظبي، أشار إلى أنّ التسامح خُلق يتعلمّه الإنسان منذ نعومة أظفاره، ويكبر معه إذا ما تمّت العناية به من خلال التربية الصالحة من أسرته وما يحيط به من مؤسسات تربوية واجتماعية، فالتسامح عفو عن الإساءة، ومن الطبيعي أن تغرس الأسرة والمدرسة القيمة وتعلمها لأبنائها، فهي سلسلة تربوية مترابطة، وحين ينشأ الطفل على ذلك، نجد مجتمعاً متسامحاً ومترابطاً مثل الذي يشهد به الجميع داخل الإمارات. ومن واقع مجال عمله، يشرح أنه يقوم بحملات عن التسامح بالإذاعة المدرسية وتوعية الطلاب بأن التسامح ليس ضعفاً، فذلك المفهوم خاطئ لدى البعض، ويجب أن يعمل التربويون على مواجهته، ليترسخ لدى الطلاب الإيمان هذه القيمة الكبيرة وارتباطها بقوة الشخصية والتصالح مع الذات، وبأنّ المشاعر السلبية التي يحملها التعّصب والغضب والكره تؤدي إلى مشاكل صحية، عكس المشاعر الإيجابية للتسامح لأنها تريح القلب ولا تجهده، بل تحسّن من أدائه. ودعا إلى أن يكون التسامح منهج حياة، لأن الأبناء يراقبون وعلينا أن نكون قدوة لهم، متسامحين مع بضعنا ومع من حولنا، إيماناً بأنه فضيلة تعبر عن قوة لا ضعف وينبغي التمسك بها، وهي من صفات السعداء الذين يملكون دستور الأخلاق، ويسهمون في بث الروح الإيجابية في المجتمعات. الأطفال متسامحون عيسى المسكري، استشاري العلاقات الأسرية، أوضح أن التسامح قيمة سامية ومهمة في المجتمع، وتكريس لإرث الإمارات الذي حثّ على التسامح وقبول الآخر وحسن التواصل معه، وهو ما أدى في النهاية إلى أن تكون الدولة قبلة لحضارات وثقافات العالم، ويعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية في حب واحترام متبادل، لافتاً إلى أن الأطفال متسامحون بطبعهم لنقاء فطرتهم وهو ما نلاحظه حين يتشاجر طفلان على شيء ما.. فبعد انتهاء الشجار يستأنفان الصداقة فيما بينهما، ولكن الآباء والأمهات يعلمون الأطفال صفات جديدة، منها أن التسامح ضعف أو علة، وهذا يؤكد دور الأهل في غرس وإعلاء هذه القيمة أو العكس لدى الأبناء عبر السلوكيات والمفاهيم المتبعة معهم، فالابن يرى أباه لا يسامح والأم لا تسامح، فيبدأ الطفل اكتساب صفات جديدة مثل الثأر والانتقام وأخذ الحقوق وعدم التنازل عنها، في حين أن التسامح بمعناه الحقيقي عفو المقتدر، وصاحب مكارم الأخلاق التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا. ويؤكد أن التسامح قد يظهر أمامنا صفة سهلة، لكنها أعقد السمات وأصعبها، ولذلك كانت الإمارات سباقة في إدراك هذا الواقع والتعامل معه ضمن استراتيجية شاملة على مدار عام كامل، وهو تخصيص 2019 عاماً للتسامح، حيث تسعى خلاله إلى تقوية هذه الصفة ونشر مبادئها محلياً وعالمياً، ويكون ذلك على جميع المستويات الثقافية والفكرية بغض النظر عن أي اختلافات ظاهرية بين البشر، ويشرح استشاري العلاقات الأسرية، التسامح وغيرها من الصفات الحسنة يتم غرسها في أطفالنا منذ الصغر، وإذا تم الاعتناء بهذه السمات ستثمر لنا أطفالاً يتحلون بالتضحية والإيثار والحب. تربية أجيال متسامحة وجه عيسى المسكري، استشاري العلاقات الأسرية، مجموعة من النصائح لأولياء الأمور تساعدهم على تربية أجيال متسامحة، منها: - قبل أن تسامح الآخرين تعلم كيف تسامح نفسك، فقد يسيء أحدهم بالقول أو بالفعل فتعلن أنك سامحته، لكن عند رجوعك للبيت قد تتكرر هذه الكلمة في ذهنك مرات عدة، فتشعر بنوع من لوم الذات بلا مبرر، لكن حين نسامح أنفسنا سنتجنب ذلك، خاصة أن أغلب المشاكل النفسية تنطلق من هذه الزاوية «لوم الذات من دون مبرر». - عندما تسامح، فهذا لنفسك أولاً وليس للآخرين، فالتسامح تقدير للذات ويفيد شخصيتك، فتصبح الأسعد والأقدر على إقامة علاقات قوية مع الآخرين. - نذكر الأبناء بأنه لا أحد يدخل المدرسة ليتعلم لغة الإساءة والانتقام، بل لغة العفو والتسامح والاعتذار لأنها سمات الكبار والناجحين، ويصعب أن تجد شخصاً فاشلاً يكون متسامحاً مع الآخرين وقادراً على التواصل معهم.

مشاركة :