خطيب الحرم المكي: تعظيم الله يُنجي العبد من مشاقة ربه ورسوله

  • 1/18/2019
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة خياط، المسلمين بتقوى الله في السر والعلن وفي الخلوة والجلوة؛ فهي وصية للأولين والآخرين قال تعالى: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: مما مَنّ الله به على أولي الألباب من عباده، وما اختص به أولي النهى من خلقه؛ أنْ جعل لهم من كمال العقل، وحياة القلب، وصفاء النفس، وصواب الرأي، وسداد المسلك، واستقامة النهج، وتمام الخشية منه، ودوام التعظيم له، وشدة الحرص على أسباب رضوانه وموجبات رحمته وغفرانه ووسائل تأييده وعونه وتوفيقه، الموصلة إلى حسن ثوابه ونزول رفيع جناته. وأضاف إمام المسجد الحرام: الله جعل لهم من كل ذلك ما يحول بينهم وبين أن يكونوا من الأخسرين أعمالاً؛ فتراهم أبداً في منجاة من العثار، وسلامة من التباب، وحفظ من التردي في وهدة الضلال، المفضي إلى سوء المآل، وعظم الخسران؛ ذلك أن أظهر ما يوصفون به أنهم مطيعون لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، تلك الطاعة التي تحملهم على النأي عن كل ما يعكر هذه الطاعة، أو يؤثر عليها أدنى تأثير، أو يوهن عراها، أو ينتقص من شأنها، أو يضعف من درجتها. وأكد أن أشد ما يحذره العقلاء على أنفسهم، وأعظم ما يحرصون على تنكبه واجتناب سبيله، مشاقة الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، بالمخالفة والمعاندة والعصيان لهما حتى يصير المشاقون لهما كما قال الإمام الحافظ ابن كثير: "كأنهم ساروا في شق، وتركوا الشرع والإيمان واتباعه في شق"؛ فهذه المشاقة لله والرسول التي هي شأن الكافرين المكذبين بآيات الله عز وجل ورسله، منافية أشد المنافاة للطاعة لهما، المتصف بها أولو الألباب من عباده، والصفوة من خلقه؛ فلا عجب إن كانت العقوبة الشديدة المرعبة المرهبة التي تُقَض لها مضاجع كل ذي حس مرهف وقلب حي وعقل سديد؛ لا عجب إن كانت هذه العقوبة مرصودة لمن شاق الله ورسوله، نكالاً من الله وجزاءً وفاقاً، تنتظر كل مجترئ على ربه، وكل متعدّ لحدوده، لا يرجو له سبحانه وقاراً، ولا يصيخ سمعه للنذر، ولا يتعظ بالمثلات، ولا يكون له فيمن أسخط الله واتبع هواه فعاجله الله بالنكال والعذاب الشديد: عبرة موقظة، ولا عظة مستنقذة. وأردف: الله سبحانه وتعالى توعّد المشاقين له ولرسوله صلى الله عليه وسلم بأشد العقاب في الدنيا، وبأسوأ المصير في الآخرة؛ ففي الدنيا جعل الله تعالى جزاء من سلك طريق المشاقة له ولرسوله، أن يحسّنها ويزينها في نفسه؛ استدراجاً منه عز وجل كما قال سبحانه: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}، وكما قال عز وجل: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}، وكما قال: {ونذرهم في طغيانهم يعمهون}، وأما في الآخرة فيدخله العزيز القدير نار جهنم يصطلي بحرّها، ويقاسي عذابها؛ لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة كما قال تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون}، وقال عز من قائل: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً}. وقال "الخياط": من أظهر ما تكون به السلامة من سلوك سبيل المشاقة لله ورسوله، تعظيم الله تعالى وكمال الخشية منه، الناشئة من العلم بعظيم قدرته، وشدة بأسه، وأليم عقابه، كما تكون السلامة منه أيضاً بإسلام الوجه له سبحانه، والتسليم لأمره ونهيه، والإذعان لشرعه وتحكيمه في عباده، ويعين على ذلك كله أعظم معونة: طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في الجليل واليسير، كما قال سبحانه: {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حُمّل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين}. وأشار إلى ضمان ربنا -تقدست أسماؤه وصفاته- لمن أطاع رسوله، الهداية التي تحجز صاحبها، وتقف سداً منيعاً بينه وبين المشاقة لله وللرسول. وهذه الهداية هي ثمرة الاستجابة لله وللرسول التي أمر الله بها المؤمنين. وهي الاستجابة التي أوضحها رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه بقوله: (إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه). وحذر من سلوك سبيل المشاقة لله وللرسول حذار! فإن مآل ذلك البوار والهلاك والخسار، ودخول النار.

مشاركة :