صدر حديثا كتاب "ديانة اليمن السرية.. ألوهية الحكيم الفلاح في الموروث الشعبي" عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر للكاتب أحمد العرامي، والمتوقع أن يشارك بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورة اليوبيل الذهبي. يسلط الكتاب الضوء على أبرز ظواهر الأدب الزراعي في الثقافة الشعبية في اليمن، وتتمثل في "ظاهرة الحكيم الفلاح" أو ما يعرف بالحكماء الزراعيين، أو شعراء الأحكام، أمثال "علي ولد زايد، والحميد بن منصور، وشرقه بن أحمد، وأبو عامر، وحزام الشبثي، وسعد السويني"، وهم جميعًا شعراء، حكماء، فلاحون، مجهولون لا معرفة تاريخية لنا بهم، لكنهم حاضرون بقوة في الوجدان الزراعي اليمني ومن خلال الأقوال التي تنسب إلى كل منهم، ويتناقلها الفلاحون جيلًا عن جيل وبالتواتر، متصلةً بأعمال الزراعة وشؤون الحياة المختلفة، وتحظى بكثير من الإعجاب والتقدير الاستثنائي حتى أن مكانة هؤلاء الحكماء، ومكانة نصوصهم، تضاهي النصوص الدينية والمرجعيات المقدسة. وتفترض الدراسة أننا أمام ظاهرة أدبية شعبية تبدو امتدادا أو أصداء لأدب زراعي ديني يمني يعود إلى ما قبل الإسلام بكثير، أي أن ما ينسب إلى هؤلاء الحكماء، إنما هو أصداء لملاحم دينية زراعية تفككت، وأما شخصياتهم، فإنما هي بقايا أو ظلال لشخصيات آلهة أو أنبياء أسطوريين زراعيين تنكروا. هكذا كما لو أن الظاهرة صورة من صور مقاومة الثقافة الشعبية، أو الثقافة المغلوبة لأنساق الهيمنة. بل ونموذج حي من نماذج تحولات الأساطير في المكان وعبر الزمان. وفي سبيل قراءة ذلك، تتبع الدراسة منهجًا أشبه ما يكون بالمنهج التكاملي، بدءا من قراءة النصوص من الناحية الأسلوبية والرمزية ودلالاتها الاجتماعية، ومن ثم مقاربتها من خلال افتراض علاقة المناقضة بين طابعها الزراعي والأدب العربي الكلاسيكي "الجاهلي" ذي الطابع البدوي، وفي نفس الوقت مقارنتها، بما وصلنا من نماذج أدبية من اليمن القديم، أو نماذج أخرى من ثقافة الشرق والغرب القديمين، بما في ذلك حضارات آشور وبابل والحضارة الإغريقية.
مشاركة :