بعد 27 ساعة على مغادرته الأرض، وتحديداً في يوم 18 يونيو 1985م، أطلق المكوك الفضائي "ديسكفري" القمر الصناعي العربي "عرب سات 1B"، بمتابعة مباشرة من أول رائد فضاء عربي مسلم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز لتحسين الاتصال بين الدول العربية، وتقديم خدمات إخبارية، وتغطية أكثر من 8000 قناة هاتفية. ولكن قبل عملية الإطلاق، بحسب ما ورد في كتاب كوكب واحد لمؤلفه الأمير سلطان بن سلمان، واجه فريق المركبة مشكلة طارئة في اليوم الثاني من الرحلة الفضائية تتعلق بورود أخبار ومعلومات مغلوطة وغير دقيقة من مركز المراقبة الأرضية في "هيوستن" الأميركية تُشير إلى خروج لوحات القمر الصناعي عن إطارها، ليقوم طاقم المركبة وقتئذ بالتأكد من عدم صحة هذه المعلومات، من خلال كشف تلفازي على القمر من خارج المركبة الفضائية، ثم إطلاق القمر الصناعي "عرب ساتB1" إلى مداره المخصص بنجاح تام، ليكون أحد أبرز الإنجازات التي سجّلت للعرب حضورهم وتميّزهم في علوم الفضاء والاتصالات. وتشير القصة إلى أنه عندما أُطلق القمر كانت الساعة تشير إلى 13:57 بعد الظهر بتوقيت جرينتش، حيث ينبغي أن يتزامن التوقيت مع ما يُعرف باسم "الفجوة الفضائية المواجهة للشمس"، لتزويد الخلايا الشمسية بالطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل القمر، لذا انطلق القمر العربي أولاً على متن جهاز "الزنبرك النابض"، ثم أخذ يلف في الفضاء، وذراعاه الشمسيتان ملتصقتان بجسمه، وكان على المركبة الفضائية أن تبتعد عن القمر مسافة 40 كيلو متراً على الأقل قبل إعطاء الأوامر الصادرة من الأرض لبدء إشعال محركه الذي بلغت تكلفته نحو تسعة ملايين دولار، ويُعرف باسم "محرك الحضيض أو تغيير الارتفاع بام دي". عندما اشتغل المحرك صعد القمر من مداره الدائري المنخفض على بعد 320 كلم من الأرض إلى مدار آخر بيضاوي الشكل على بعد 520 كلم، وبعدها انفصل تماماً عن القمر بعد مضي 86 ثانية من تشغيله، ومع انفصال المحرك كان القمر قد غاص في متاهات الكون الفسيح، وذلك بسبب قوة محرك الحضيض ودفعه، الذي تبلغ الثانية الواحدة من تشغيله 100 ألف دولار، وبعد أن وصل القمر الصناعي إلى مداره الانتقالي البيضاوي وفتح ذراعيه جزئياً، اندفع القمر إلى مداره الثابت الشبه الدائري على بعد 36 ألف كيلو متر من سطح الأرض، حيث يحتاج القمر للوصول إلى هذا الارتفاع الشاهق إلى ما بين أسبوع إلى 10 أيام، بعدها يتم تثبيته على هذا المدار المتزامن جغرافياً مع الأرض، ليدور مرة واحدة كل 24 ساعة مثل الأرض، وذلك بواسطة 12 صاروخا نفاثاً، وفي هذا الوقت تكون ذراعا القمر الشمسيتان مفتوحتين بصورة تامة لإمداد القمر بكل ما يحتاج إليه من طاقة شمسية للعمل.
مشاركة :