اتفاقية «الذل» التي تبرأ منها كل الشرفاء، بين الدوحة وأنقرة، والتي كشفت عن احتلال عسكري فعلي لقطر، ليست وليدة الصدفة، وليست بسبب المقاطعة العربية للدوحة، إنما هي وليدة اتفاقية أخرى، طُبخت على نار هادئة بين عامي 1996 و2003، في تركيا، والتي لا يمكنها أن تحمل اسماً سوى «اتفاقية الخراب». وبينما انشغلنا كلنا، بمحاربة الهلال الإيراني الذي حاول اختراق خاصرتنا من الشمال في العراق وسوريا، ومن الجهة الأخرى في اليمن، بعد حرب العراق 2003، بدأ تنفيذ «اتفاقية الخراب»، بتنصيب أردوغان، خليفة لـ «جماعة الإخوان المسلمين»، في دول عربية مثل مصر وتونس وليبيا والأردن واليمن والكويت وغيرها، وعليه، تم إحياء جماعة الإخوان الإرهابية، التي تخلت عن دينها الحقيقي المعتدل السمح، واتبعت النهج العبثي الجديد، فنفث فيها يوسف القرضاوي سموماً هجينة، واختلط فيها الولاء والبراء مع مصالح متشعبة، يعجز الشيطان عن فهمها. العجيب، أن جناحي اتفاقية الخراب، لا يُحسبون فكرياً على الدين الإسلامي، ففي الدوحة، النظام حرباوي براغماتي متلون، وهو أقرب إلى فكر منظّره عزمي بشارة، اليساري الذي يحمل الهوية الإسرائيلية، والذي أقسم بالولاء لدولة إسرائيل، أما في أنقرة، فالنظام علماني صرف، في الدستور والتشريعات وتطبيقاتها، فكيف تم إقناع الجهلاء من الأمة، على الولاء لهذه التوليفة العجيبة؟ الريال القطري، قال كلمة مؤثرة لهؤلاء الجهلة، وكذلك كان مهندس المؤامرات، حمد بن جاسم، يتحرك بطائرات خاصة وحقائب مليئة بالمال، في كل اتجاه، يلتقون في أنقرة أو إسطنبول أو الدوحة أو أوروبا، يبيعون كل شيء، ويشترون كل شيء، وخلال الربيع البائد، تم بيع تونس ومصر وليبيا، بثمن بخس. بحمد الله وفضله، ثم بفضل جهود الإمارات والسعودية، تم استعادة مصر بأيدي الأحرار هناك، ولكن بنود اتفاقية الخراب، كانت قائمة، ما جعل تونس تسقط بين يدي الإخوان، وجعل من ليبيا مسرحاً لعملياتهم المدعومة بالكامل من قطر وتركيا. خلال بحث علمي، وجدت أنه، وخلال الأعوام 2013-2018، وحين بدت ملامح ضياع الأهداف الاستراتيجية لاتفاقية الخراب، تحول شركاء الخراب إلى إمداد جماعتهم في ليبيا، من إرهابيي ميليشيات ما يسمى ب»أنصار الشريعة «، و»درع وفجرليبيا» و»داعش» وغيرها، بالسلاح التركي، الذي تدفع ثمنه قطر، فيضرب خليفة الإخوان عشرة عصافير بحجر واحد، منها تجديد سلاحه المهترئ القديم، ويدعم اقتصاده المنكوب، ويحكم سيطرته على بعض شباب الأمة العربية، وعلى حكومات إخوانية هشة. الصور الفوتوغرافية، التي التقطتها الذاكرة البحثية وخزنتها، تسجل الدور التركي، قبل وخلال بداية الأزمة في ليبيا، وتحديداً، حين قيل إن العمليات هناك، هي لإجلاء العمال الأتراك المقيمين في ليبيا، لكن الأنياب تكشفت عن نوايا مختلفة، فوضحت الصور، أن تركيا كانت تسعى إلى إعادة التموضع، بما يضمن استمرار النفوذ الفكري والعسكري في ليبيا، تنفيذاً لاتفاقية الخراب، لكن التحقيقات فضحت عمليات نقل أسلحة، في ذات السفينة التي جاءت بهدف الإجلاء، جماعات إرهابية ومرتزقة مع أسلحتهم، اقتحموا الأراضي الليبية، بهدف تفتيت اللُحمة الوطنية، وزرع الفتن، ومواجهة القوات المسلحة الليبية الشرعية. إذن، غيض من فيض قطري قديم متجذر، التقى مع أحلام عثمانية ساخطة ناقمة، أدت إلى انحراف السلوك الطبيعي إلى السلوك المتهور الإرهابي بمقدار 180 درجة، آملاً بإحكام سيطرة قوى الإسلام السياسي على مركز الحكم في دول عربية، وتحويل الجيش النظامي إلى ميليشيا إرهابية في ليبيا، أو لإنقاذ ما تبقى من اتفاقية الخراب، التي سقطت حكماً، بقرار المقاطعة العربية لدويلة قطر. اتفاقية الذل والاستعمار للدوحة، هي مطلب تركي، للحصول على أموال قطرية جديدة، بعد أن بات في حكم المؤكد، فشل اتفاقية الخراب وانتهاء مفعولها.طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :