كتب - أحمد سيد: رصدت الراية الاقتصادية نمواً مُتزايداً في حركة الإنشاء التي تقوم بها شركات التطوير العقاري، لاستكمال مشاريعها الإدارية والسكنية والتجارية، لاسيما مع بدء العد التنازلي لمونديال كأس العالم 2022 في قطر، حيث يشهد استاد الوسيل افتتاح ونهائي بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، لتسطر بذلك المدينة صفحة جديدة من تاريخ دولة قطر. كما رصدت الراية الاقتصادية إنجاز 90% من البنية التحتية للمدينة، بينما تسير عمليات تطوير المنشآت والأبراج الإدارية والسكنية في مختلف مناطق المدينة على قدم وساق، وبدأت المدينة الأيقونة تستقطب مؤسسات وشركات أعمال والسكان وكثيراً من الزوّار، بعد أن بدأت مناطق المدينة في اكتمال بعض مرافقها، خاصة منطقة مارينا الوسيل. وتمثل مدينة الوسيل أول وأكبر مدينة مستدامة في قطر تعتمد مفاهيم طموحة ورائدة تعزّز كل جوانب رؤية قطر الوطنية، حيث تتجاوز الوسيل المفهوم التقليدي للمدينة الحديثة بتضمينها الأفكار المبتكرة التي تأخذ بمبادئ الاستدامة في صلب المخطط الرئيسي للمدينة. ولا تعتبر مدينة الوسيل مجرد مبانٍ يتم بناؤها بطرق عصرية وتقنيات حديثة فحسب، بل إنها الوجهة الجديدة لمستقبل قطر وعنوان نهضتها المدنية، وامتداد حضاري لعاصمتها الدوحة، إنها مقصد النخبة ووجهة الغد. فمشروع الوسيل يعتبر مدينة متكاملة تفخر بتصميمها وتشييدها شركة الديار القطرية، التي حين بدأت برسم مخططاتها لم تضع البنية التحتية ولا المباني فحسب، بل كانت تصاميم المدينة منظومة متجانسة لتحقيق رؤية سبقت عصرنا لتكفل العيش الرغيد لكثير من الأسر ذات الثقافات المتعددة، لكي تعمل وتتفاعل على أرض دولة قطر. وتعد مدينة الوسيل أكبر مشروع عقاري تنفذه الديار القطرية في داخل قطر وخارجها، فالمدينة أكثر من مجرد مشروع عقاري، بل مدينة مستدامة ومكتفية ذاتياً، تمّ التخطيط لها بشكل شامل بحيث تدل على مدى التقدّم الذي أحرزته دولة قطر في كافة المجالات. ومن المقرّر أن يقطن المدينة أكثر من 200 ألف نسمة يعيشون في أحيائها الخلابة، ويتوقّع أن يعمل في مناطق المدينة الـ 19 نحو 170 ألف شخص، كما يتوقّع أن تستقبل منشآتها الترفيهية وأسواقها وفنادقها نحو 80 ألف زائر، نظراً لأن أحياء مدينة الوسيل التسعة عشر لن تتيح فرصاً سكنية وتجارية وفندقية جديدة فحسب، بل ستوفر كافة احتياجات المجتمع من مدارس ومساجد ومرافق طبية ورياضية وترفيهية ومراكز تسوق. كما تفخر مدينة المستقبل بشبكة السكك الحديدية الخفيفة، ونظام التاكسي العائم، وشبكة للمشاة والدراجات، وحديقة ونظام للمركبات وشبكة متطوّرة للنقل الداخلي. ويجري العمل على قدم وساق للانتهاء من المشروع المستدام المنشأ على أحدث الطرز العالمية والبالغ مساحته 38 كيلو متراً مربعاً. ويتضمن المخطط الرئيسي لمدينة الوسيل تخصيص 17٪ من مجمل مساحة الأرض للمساحات المفتوحة في المدينة، حيث اعتمدت الوسيل خُطة لإنشاء تشكيلات ومسطحات طبيعية وخضراء حساسة للمياه بهدف تقليل استهلاك المياه مع التركيز على اختيار النباتات والأشجار المستوطنة في قطر وتقليل المناطق العشبية إلى أقل قدر ممكن. كما تعتبر حديقة الوادي خير مثال للحدائق المحافظة التي توفر نظام فضاء مفتوح وفريد يقدّم توظيفاً طبيعياً لأنظمة الوادي الأصلية لإعادة تدوير وتجميع كل مياه الأمطار من مخرات السيول في الخور ومن نقط تجميع المياه من المناطق الحضرية المجاورة. وتتضمن خُطة المسطحات الطبيعية الخضراء المقترحة بحديقة الوادي استزراع نباتات فريدة مستوطنة ومحلية في الغالب، وذلك لإتاحة فرصة للتعبير عن المكون الثقافي والخبرات التعليمية والجمالية. كما تشجّع إستراتيجية المسطحات الطبيعية الخضراء في الوسيل على استخدام النباتات المحلية للوقاية من التصحر والحيلولة دون إهدار مياه الأمطار. ومن هنا فقد وقع الاختيار على النباتات المحلية لتشكيل ما يقرب من 40٪ من إجمالي الأنواع المفضلة في إستراتيجية الساحات الخضراء، وسيقتصر استخدام العشب أو المروج في 5٪ فقط من مجمل المساحة الخضراء. هذا، وتتكون المساحة الكلية من 55٪ المساحات الخضراء، أما نسبة الـ 45٪ الباقية فعبارة عن منشآت ومرافق. وقد أجرت الوسيل دراسة للتقييم والتخطيط البيئي تشتمل على إستراتيجية للحدّ من الأثر البيئي وحماية جودة التربة؛ حيث يمتدّ ساحل الوسيل لأكثر من 27 كيلو متراً، ويتم حمايته بالهياكل مثل المصدات الحجرية، وحائط حماية خرساني يتّخذ أشكالاً فنية متعددة تناسب البيئة الشاطئية بهدف خلق بيئة بحرية جديدة. وستعمل المصدات الحجرية كشعاب مرجانية اصطناعية، وستوفّر محضناً لمختلف النباتات والحيوانات. وعلاوة على ذلك، ستعمل المباني والمساحات الخضراء على طول الواجهة البحرية كمصدات للرمال والأتربة القادمة من الشمال. ويطبق المشروع توصيات خُطة إدارة البيئة لحماية البيئة الساحلية والبحرية في مختلف مراحل إنشاء وإدارة المشروع، كما يجري أيضاً مراقبة ترسب الطمي سنوياً لضمان حماية الساحل. وتنصّ إستراتيجية الوسيل على اتخاذ تدابير موسعة لحماية المياه على طول الواجهة البحرية للمدينة للحدّ من الآثار البيئية وحماية المنطقة الساحلية. كما تهدف إستراتيجية مدينة الوسيل إلى الحدّ من تأثير الأعمال الإنشائية وحماية الحياة الطبيعية في مواقع العمل الحالية على النحو الذي أوصت به لجنة تقييم الأثر البيئي، حيث تعزّز خُطة مدينة الوسيل التنوع البيولوجي للموقع بما في ذلك أحواض الأعشاب البحرية الكثيفة والأعشاب البحرية المتفرّقة، ومسطحات المدّ والجزر، والمناطق البرية المُنخفضة، والصحراء الصخريّة، والغطاء النباتي الأصلي. تشمل القطار الخفيف والنقل المائي شبكة نقل متكاملة تربط مناطق المدينة تعتمد مدينة الوسيل على شبكة نقل متكاملة تربط مناطق المدينة المختلفة وهي تنقسم إلى شبكة السكك الحديدية الخفيفة للحدّ من انبعاث المركبات وتوفير الطاقة، وتمّ إدخال نظام النقل المتكامل في مدينة الوسيل بما في ذلك السكك الحديدية الخفيفة المخصصة لمدينة الوسيل وتضمّ 38 محطة عبر 38 كم من السكك الحديدية لربط أحياء المدينة التسعة عشر وللاستجابة لمتطلبات نموذج النقل. كما تمّ إنشاء مواقف السيارات تحت الأرض لضمان قربها من محطات السكك الحديدية وتشجيع الناس على استخدام السكك الحديدية الخفيفة في التنقل داخل الوسيل، كما تتصل شبكة السكك الحديدية أيضاً بكل من الشبكة الوطنية والدولية. وكذلك تم تطوير نظام النقل المائي لاستخدام مارينا الوسيل والقناة الكبرى الرئيسية لنقل الركاب داخل مدينة الوسيل في المدينة نفسها ومنها إلى المدن الأخرى، والتخطيط لإنشاء شبكة للمشاة والدراجات وتربط الشبكة المدينة بأكملها عبر طرق للدراجات والمشاة بطول 67 كيلو متراً، وستقوم شركة مواصلات بإعداد نظام النقل بالحافلات لربط جميع المناطق السكنية والتجارية بشبكة النقل العام الرئيسية، بالإضافة إلى إنشاء شبكة طرق هرمية في الوسيل لتجنب الاختناق المروري وحماية المشاة بالتوسع في إنشاء أنفاق المشاة تحت الأرض. وتعمل هذه الشبكة على تقليل مسافة التنقل بالسيارة داخل مدينة الوسيل، حيث يتضمن مخططها الرئيسي العديد من المزايا مثل مد طرق للمشاة والدراجات للحدّ من التنقل بالسيارة وتعزيز فرص الحركة البدنية، وتخصيص قطع أراضٍ متعددة الاستخدامات في معظم الأحياء لتوفير الخدمات وتقليل الانتقالات، وإنشاء مساحات وممرات عمومية لتشجيع المشي بين الوجهات المقصودة، وإنشاء مناطق عامة قريبة لتشجيع التفاعل الاجتماعي والسلامة البدنية، ودمج جميع وسائل النقل العام ضمن المخطط الرئيسي لدعم الانتقال إلى الوجهات الرئيسية في كل منطقة، وتم توزيع جميع مرافق المدينة على أساس كل منطقة بما في ذلك المدارس والمساجد وغيرها، وتمّ تخطيط وتصميم الحدائق بكل منطقة على مسافة قريبة لكل حي سكني، وإتاحة 170 ألف وظيفة في الوسيل لتوفير فرص للسكان للعمل والعيش في الوسيل، وإنشاء مرافق رياضية وترفيهية رئيسية لسكان وروّاد الوسيل مثل ملاعب الجولف، واستادات وملاعب للتدريب، وحدائق للتنزه وأخرى لتجميل المدينة، ومرسى بحري، وأنشطة مائية ومرافق ثقافية. ينفذها مركز للقيادة والتحكم تكنولوجيا حديثة لإدارة المرافق والخدمات تمّ تشييد مدينة الوسيل بحيث توفر للمُقيمين والزوّار سبل الحياة العصرية من خلال الاستفادة من خدمات الأمن الداخلي المجهزة بالتكنولوجيا الحديثة، وتطبيق نظام العدادات الذكية بالمدينة وشبكتها الذكية وأنظمتها المُتكاملة لإدارة حركة المرور. وعلاوة على ذلك يُساعد توفر المنازل والشركات المؤتمتة بالكامل في الوسيل على تشغيل نظام إدارة المباني المتطوّر لكل مبنى في مدينة الوسيل. وقد استندت فلسفة المخطط الرئيسي الشاملة إلى مفهوم المنطقة والحي السكني الذي تمّ من خلاله دمج جميع مرافق المدينة في كل حي لتوفير أعلى مستوى من التواصل وتقليل مسافة السفر إلى المنشآت الخدمية الأساسية مثل المدارس والمساجد، ومراكز التسوق اليومية وتوفير السلع الأساسية لكل منطقة على مسافة قريبة. ولتنفيذ هذه المهام الذكية على أكمل وجه، تمّ إنشاء مركز الوسيل للقيادة والتحكم في قلب مدينة الوسيل الذكية حيث ستتمركز عملية إدارة ورصد جميع الخدمات الذكية، والذي يتكوّن من عنصرين رئيسيين مركزيين وهما غرفة عمليات على مستوى عالمي تستخدم كمركز للعمليات ومركز بيانات متطوّر للغاية. ويوفر مركز العمليات مرفقاً مركزياً لإدارة ورصد كافة الخدمات الذكية في جميع أنحاء مدينة الوسيل، وقد بنيت غرفة العمليات وفقاً لأعلى معايير مراكز التشغيل. وسوف تستضيف غرفة العمليات مُشغلي جميع الخدمات الذكية، كما تستضيف فريق التشغيل والصيانة الذي سيتأكّد من عمل المركز على الوجه الأمثل. ويوفّر مركز البيانات المعالجة الضرورية ومتطلبات التخزين والشبكات لجميع الخدمات الذكية، مع تمتّعه بمرونة التوسع من أجل تلبية الطلب على أي خدمات ذكية إضافية وخُطط التعافي من الكوارث. لتحقيق أعلى التصنيفات حوافز لتشجيع شركات التطوير العقاري تعدّ الوسيل هي أول مدينة من نوعها في قطر والخليج تطبّق معايير المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة «جي ساس» وذلك لتقييم جميع المباني وفقاً لاستدامتها وأدائها. والتصنيف الحالي الأدنى لأي مبنى في مدينة الوسيل هو نجمتان وفقاً للنظام الخليجي لتقييم الاستدامة. ولتحقيق هذا التصنيف يجب أن يتوافق المبنى مع مستويات الطاقة لضمان تحقيق الدرجات المستهدفة للحد من استهلاك الطاقة، كما يستخدم عداد المحافظة على المياه أيضاً لضمان جلب المواد من مصادر موثوق بها وبمواصفات مناسبة لتشجيع استخدام مواد التنقيب والحفر وغير ذلك. وقد قدّمت مدينة الوسيل مُخططا فريداً من نوعه لتشجيع شركات التطوير العقاري من القطاع الخاص على تحقيق تصنيف أعلى يصل إلى 5 نجوم وفقاً لتصنيف النظام الخليجي لتقييم الاستدامة. وتلتزم الوسيل بالحصول على شهادة الاعتماد من النظام الخليجي لتقييم الاستدامة (GSAS)، واتّخاذ التدابير اللازمة للحد من الأثر البيئي، حيث تعمل إدارة مدينة الوسيل على تخفيض الأعباء على البيئة الحضرية من خلال تقليل الحمل على البنية التحتية للمرور والنقل، وإنشاء طرق وممرات عالية الكفاءة فوق وتحت الأرض، والتحكم في كمية الضوء المنبعثة من أعمال المشروع أو أعمال التطوير، وتشجيع استخدام وسائل النقل العام وإنشائها بالقرب من المرافق القائمة، والحد من تلوث مجاري ومصارف المياه، ومنع أي مخاطر أو تلوث تتعرض له مصادر المياه، والحد من التعرض لضوء النهار أو تأثيرات الطاقة الشمسية في المنشآت المجاورة، بالإضافة إلى اتّباع معايير في الإنشاء تحدّ من الطلب على الطاقة في المباني من خلال تصميم المباني التي لا تستهلك طاقة كثيفة، واختيار نظم البناء الفعالة، وتخفيض الطلب على مصادر الطاقة غير المتجددة، وبالتالي تقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة ونضوب الوقود الحفري، وكذلك خفض الطلب على المياه بالتقليل من استهلاك المياه من أجل تخفيف العبء على أنظمة الإمداد ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإدارة استهلاك المياه من خلال التدقيق في اختيار التجهيزات والأجهزة المنزلية والعناية بمواصفاتها، وتجميع مياه الأمطار وإعادة استخدام مياه المغاسل وأحواض الاستحمام والغسالات والمصارف الأرضية المعروفة باسم المياه الرمادية في ري المسطحات الخضراء، وتصميم خُطة للمسطحات الطبيعية الخضراء تقلّل الحاجة إلى الري. نظام تبريد متطور يوفّر استهلاك الكهرباء يعدّ نظام التبريد في الوسيل واحداً من أكبر نظم التبريد في العالم، وقد تمّ تصميمه للحدّ من انبعاث 65 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويّاً. وتمّ تصميم شبكة الغاز في مدينة الوسيل بحيث تتصل كل وحدة في المدينة بشبكة الغاز الطبيعي، وبالتالي يتمّ توفير استهلاك الكهرباء، وخاصة للطبخ المنزلي، وجميع أماكن الترفيه العامة الكبيرة، والأماكن المخصصة للأغذية والمشروبات. بالإضافة إلى جمع النُّفايات التقليدية، حيث يتمّ جمع النفايات عبر مواسير خاصة باستخدام التيارات الهوائية، وقد تم تصميم وتنفيذ هذا النظام بحيث يفصل بين النفايات الرطبة والجافة لدعم المرفق الوطني لمعالجة النفايات، وينتج هذا النظام ما يقرب من 420 طناً من النفايات العضوية القابلة للاحتراق ونحو 310 أطنان يمكن إعادة تدويرها. كما تمّ تصميم محطة معالجة مياه الصرف الصحي في الوسيل لضمان إعادة تدوير جميع المياه الرمادية المعالجة وتجهيزها لأغراض الري. وقد رُوعي في تصميم محطة معالجة مياه الصرف الصحي اتّباع أحدث التصاميم العالمية بإنشائها على منصة مدمجة لتوفير أرقى المعايير في معالجة مياه الصرف الصحي والحلول البيئية المستدامة من خلال الاستفادة من تكنولوجيا Membrane bioreactorالتي تستخدم أغشية الألياف المجوفة المغمورة لخدمة تطوير مدينة الوسيل واللؤلؤة قطر ومشروع بحيرة لقطيفية. كما يتضمن مرفق معالجة الحمأة المتكامل، والذي يقوم بضغط المخلفات والتفريغ الهوائي ونزح المياه باستخدام الترشيح بالضغط، خروج الحمأة بنسبة جفاف 30٪ على الأقلّ عند مخرج المحطة، في حين أن ناتج مياه الصرف الصحي المعالجة والمطابقة لأرقى المعايير البيئية والصحية ومتطلبات السلامة يصلح للاستخدام في أغراض الري واحتياجات تجميل مدينة الوسيل التي يخدمها 9 كم من مواسير الصرف الصحي المعالج بأقطار تتراوح ما بين 700 ملم و1000 ملم.
مشاركة :