الاستدامة أسلوب حياة.. عندما يصنع الأفراد «واقعهم الأخضر»

  • 1/20/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تفعيل سياسات الاستدامة التي تضعها الحكومات وتدشن لها المؤسسات وآليات الرقابة وضوابط البناء والتخطيط للبنى التحتية، ينبغي أن يواكبه وعيٌ من الأفراد كي تتحقق الأهداف القصوى لهذه السياسات، خاصة وأنها باتت ضمن أدوات مواجهة التغير المناخي، وما قد ينجم عنه من تداعيات سيدفع دول العالم طوعاً أو كرها نحو الاستدامة، التي لم تعد الآن رفاهية، بل اتجاه حتمي للحفاظ على الموارد المتاحة وتقليل عبء فاتورة الطاقة من جهة وحماية كوكب الأرض من جهة أخرى، أي أنها أهداف محلية تصب في هدف عالمي. ومن المنطقي تبسيط مضامين الاستدامة بمفاهيمها المتنوعة للأفراد باعتبارهم حجر الزاوية في تنفيذها عن اتخاذهم قرارات استهلاكية أو استثمارية، ما يعني أن الكرة الآن باتت في ملعب الأفراد، لحماية الموارد وضمان حق الأجيال المقبلة فيها، وتقليل الهدر في المياه والطاقة والغذاء، والحرص على تقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، ما يُسهل تطبيق الالتزامات التي نصت عليها اتفاقية باريس للمناخ الصادرة عام 2015. والاستدامة التي تعني تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها، تتضمن ركائز ثلاثاً: بيئية واقتصادية واجتماعية، وعادة ما تتم الإشارة إليها بـ(الكوكب والأرباح والناس أو المجتمع). المفهوم الحقيقي للاستدامة تلخصه عبقرية البساطة التي اتسم بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بقوله: «إننا نولي بيئتنا جُل اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا.. لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض للمحافظة عليها، وأخذوا منها قدر احتياجاتهم فقط وتركوا ما تجدُ فيه الأجيال القادمة مصدراً ونبعاً للعطاء»، مقولة تعكس وعياً فطرياً بأهمية الحفاظ على الموارد، رأيتها في «مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء» بمدينة العين. أصبحت الإمارات نموذجاً لجميع دول المنطقة في تطبيق أسس التنمية المستدامة، على مستوى السياسات، وعلى مستوى التخطيط العمراني، خاصة تراخيص البناء ودرجات التقييم كنظام «اللآلئ» في أبوظبي ونظام «السعفات» في دبي، كما أن للاستدامة حضور قوي في بنود خطة أبوظبي 2030، كما أن دبي لديها استراتيجية للطاقة النظيفة 2050، والمدينة عضو في مبادرة (C40) التي تعد شبكة من المدن العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي. اختيار المنزل من أهم القرارات المرتبطة بوعي الفرد بالاستدامة، تحديد مكان المنزل الذي يعيش فيه أو الوحدة السكنية التي يستقر بها، والأمر تحكمه تساؤلات مؤداها: مدى قرب الوحدة السكنية من مكان العمل، فالأفضل أن يكون قريباً، ولا يحتاج لوسيلة نقل، ما يعني توفيراً في الوقت والطاقة، وهذا المبدأ ينطبق على قرارات فردية كثيرة منها اختيار مدارس الأبناء، ودور الحضانة أو حتى مراكز التسوق التي يحتاجها الفرد لشراء احتياجاته، وأيضاً مراكز اللياقة البدنية. ويحتاج الفرد معرفة تصنيف الوحدة السكنية التي يقدم على حيازتها أو استئجارها من حيث مدى حاجتها للطاقة في عملية التبريد أو التدفئة، ويقول الدكتور توفيق هيدموس، أستاذ مساعد في كلية «التصميم» بالجامعة الأميركية في الإمارات، إنه في إيطالياً مثلاً يتم تصنيف الوحدات السكنية من حيث استهلاكها لطاقة التبريد والتدفئة إلى A-B-C، ليكون لدى الفرد دراية، قبل اختياره للوحدة، بحجم الطاقة التي ستستهلكها. ويرى د.محمد القفطنجي، أستاذ العمارة والتصميم البيئي بجامعة أبوظبي، أن من المهم عند اختيار المنزل التأكد من موقعه، فإذا كان اتجاهه صوب الشمال، ففي هذه الحالة يكون الأنسب، لما في ذلك من تأثير عل التهوية والتبريد، ومن ثم الحد من استهلاك الطاقة، ولابد من البعد عن اختيار منزل يكون اتجاه نحو الشرق أو الغرب. ومن المهم استخدام العزل الحراري، في واجهات المنازل، والتأكد من أن الدهانات المستخدمة غير سامة، ولا تصدر منها انبعاثات ضارة، وشراء ما يسمى «دهانات خضراء» وبالنسبة للألوان، فإن الأفضل أن تكون فاتحة للتكيف مع الخصائص المناخية المحلية، وليست داكنة، وعند تركيب تجهيزات خاصة بالمياه، يتم اختيار القادر منها على قياس كمية المياه المستهلكة ومن ثم لفت الانتباه إلى ترشيد الكمية والحد من الهدر، ويمكن أيضاً تدوير «المياه الرمادية» -من المغاسل وأحواض الاستحمام والغسالات- في الوحدة السكنية وإعادة استخدامها في ري الحديقة أو المياه المخزونة لاستخدامات المراحيض. ويلفت القفطنجي الانتباه إلى الطاقة الشمسية كخيار مستدام سواء لتسخين المياه أو تشغيل الأجهزة الكهربائية. كما أن ضمان وجود منافذ تهوية طبيعية، سيقلل حتماً من عبء التكييف وحتى التدفئة وما يستهلكانه من طاقة. أنواع الزجاج المستخدم في النوافذ تلعب دوراً فهناك أنواع من الزجاج E Low Glass تقلل من التوصيل الحراري وتحد من انتقال الحرارة من خارج المنزل إلى داخله، وهناك نوع يسمى Reflected Glass يمنع دخول أشعة الشمس إلى داخل المنزل. «المدن المضغوطة» ويرى مأمون المؤيد، المهندس المعماري والخبير البحريني المتخصص في التصميم الحضري، أن أحد أسباب نجاح فكرة «المدن المضغوطة» في سنغافورة مثلاً واليابان يعود إلى قرار الأشخاص الذين اختاروا مناطق سكنية تتمتع بجاذبية لعوامل أهمها قرب المسافة المقطوعة منها إلى مراكز العمل واتصال هذا النوع من المدن بمراكز التسوق والترفيه وارتباطها بالمدن المجاورة بشبكات نقل فائقة السرعة. هذه المدن تعتمد على التوسع الرأسي في المباني على مساحات صغيرة ما يحقق بعض متطلبات الاستدامة، خاصة ما يتعلق بالنقل، وتوفير الوقت، واستثمار الأرض. القرارات الشجاعة والذكية للسكان عند اختبارهم السكن والعمل في هذه المدن أدت إلى توفير ما يزيد على 20% من الوقت الذي كان يضيع في الانتقال اليومي بوسائل تقليدية واستثمار الوقت في إثراء الحياة الاجتماعية للسكان. وسيلة الانتقال وإذا كانت الوحدة السكنية بعيدة عن مقر العمل، ما هو الخيار الأفضل بالنسبة لوسيلة النقل؟ في حالة توفر بنى تحتية ومناخ ملائم للانتقال بالدراجات الهوائية، سيكون هذا هو القرار الأكثر استدامة، تليها السيارة الكهربائية، وقد يكون الخيار الثالث المتاح من حيث انسجامه مع معايير الاستدامة هي خطوط النقل الجماعي مثل مترو الأنفاق، الترام، والنقل الجماعي بحافلات صديقة للبيئة. وفي حال تعذر استخدام هذه الوسائل لن يكون هناك خيار سوى استخدام سيارة خاصة أقل استهلاكاً للوقود، ومراعاة الاستفادة من التطبيقات الذكية لضمان عدم قطع مسافات طويلة وتفادي الاختناقات المرورية، والتركيز على ترشيد استخدام المياه عند غسل المركبة، والاتجاه للتنظيف من دون استهلاك المياه. التسوق: المنتجات الغذائية قرار شراء المنتجات الغذائية، وثيق الصلة بالاستدامة، فالأفضل شراء منتجات محلية، لتجنب استهلاك نظيرتها المستوردة التي تصل الأسواق بعد رحلة قطعت خلالها آلاف الأميال، استهلكت خلالها المزيد من الوقود وتسببت في انبعاثات مسببة للاحتباس الحراري، ناهيك عن الطاقة المستهلكة في التوزيع والتخزين، على سبيل المثال، عند الحاجة لشراء فاكهة أو خضراوات، سيكون القرار المثالي شراء منتج عضوي مزروع محلياً ومقر إنتاجه هو الأقرب، مقارنة بمنتجات منافسة غير عضوية سواء محلية أو مستوردة. فالمنتجات الزراعية المستوردة هي الأقل التزاماً بـ«الاستدامة» لكونها تستهلك كميات هائلة من الطاقة في حال استيرادها بحراً أو جواً أو براً. وفي حالة عدم توافر المنتج الزراعي المحلي، يكون البديل منتجاً تمت زراعته في مكان قريب من مركز المستهلك، ليكون الحسم في القرار المستدام للأقرب ثم الذي يليه. وهناك اعتبار يتعلق باستهلاك البروتين الحيواني، فكلما ازداد استهلاك الفرد منه، كلما ابتعد عن الالتزام بمعايير الاستدامة، لأن استهلاك اللحوم الحمراء مثلاً يتطلب موارد زراعية (أعلاف مراعي خضراء، حبوب) وجميعها تهدر طاقة ومياه أكثر أثناء إنتاجها، خاصة عند مقارنتها بالبروتين النباتي. ويلفت د. هيدموس الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة IUAV في إيطاليا، الانتباه إلى أهمية إدراك المستهلك لمصطلح «المياه الافتراضية»، أي كمية المياه المستخدمة في إنتاج سلعة ما، على سبيل المثال لإنتاج طن قمح يتم استهلاك 1340 متراً مكعباً من المياه، كما أن إنتاج كيلو جرام واحد من اللحم يستهلك نحو 15 ألف لتر مياه، وهي كمية يتم حسابها بما تتناوله الماشية من أعلاف وحشائش، وحتى تجهيز اللحوم للأكل، ومن الأفضل حسب معايير الاستدامة، استهلاك المنتجات الأقل استهلاكاً للمياه الافتراضية. «هيدموس»، المتخصص في الاستدامة البيئية ومحاكاة الأنظمة القائمة في الطبيعة لحل مشكلات بشرية معقدة)، يرى أنه من المهم أن يدرك الفرد مصطلح Embodied Energy، الذي يرصد مجموع الطاقة المستهلكة في جميع مراحل العملية الإنتاجية لسلعة ما، مثلاً لو كانت تتضمن مكوناً معدنياً، يتم رصد الطاقة المستخدمة في المناجم لاستخراج المعدن وأيضاً طاقة تصنيعه وتوزيعه ونقله إلى أن يصل للمستهلك. وهناك مصطلح «تقييم حياة المنتج» الذي يعنى برصد دورة حياة المنتج حتى بعد استهلاكه وتحويله إلى مخلفات يمكن تدويرها. وعند التخلص من النفايات، ينبغي الحرص على تصنيف القمامة إلى ورق، بلاستيك، مواد أخرى في المنزل والتخلص منها في الأماكن المخصصة لإعادة التدوير، ومن الضروري الحرص علي إعادة استخدام كل ما يمكن أعاده استخدامه من مواد ومنتجات. مثلاً الأكياس البلاستيكية يمكن أن تستخدم كأكياس للقمامة، ومن الأفضل الاعتماد على أكياس قابلة للتحلل كخيار أفضل. الوعي بـ«البصمة الكربونية» من المهم إدراك «البصمة الكربونية» التي ترصد حسابياً معدل انبعاث ثاني أكسيد الكربون الناتج عن أي نشاط يقوم به فرد أو مؤسسة ما أو مركبة، على سبيل المثال تنتج السيارة التقليدية خلال أربع سنوات من تشغيلها قرابة 4 طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون، ولتعويض هذا الضرر البيئي ينبغي زراعة عدد محدد من الأشجار لامتصاص هذا الغاز، ومن هنا تأتي أهمية التشجير، وأيضاً تشجيع «البستنة» في أفنية المنازل، من أجل مزيد من التواصل الإيجابي مع الطبيعة. «ساعة الأرض» بدأت فعالية «ساعة الأرض» عام 2007، وتتلخص في تخصيص 60 دقيقة في السبت الأخير من شهر مارس كل عام، من الساعة 8:30 إلى 9:30 مساءً لإطفاء الأنوار، في خطوة رمزية للحد من استهلاك الطاقة، وتكثيف وعي الأفراد بأهمية مواجهة التغير المناخي، وكانت مدينة سيدني الأسترالية هي أول مدينة تطبقها قبل 11 عاماً، ودبي، هي أول مدينة عربية تشارك فيها منذ عام 2009، وهي فعالية الهدف منها نقل الاهتمام بالتغير المناخي من الإطار النخبوي للحكومات وصناع القرار إلى أكبر عدد ممكن من الأفراد في شتى أرجاء العالم. وستحل النسخة الجديدة من هذه المناسبة عالمية الطابع، يوم السبت الموافق 30 مارس المقبل. شراء الأثاث المنزلي عند البحث عن منتجات يتم استخدام الخشب فيها بنسبة كبيرة مثل المفروشات، لابد من التأكد من أن الأخشاب المستخدمة مطابقة لـ(شهادة مجلس الإشراف على الغابات)، أي أن المنتج تم تصنيعه من أخشاب تنمو في غابات متجددة، مع العلم أيضاً أن الأخشاب يتم استخدامها أحياناً في البناء. وفرت التقنيات الحديثة بطاقات بيانات تحدد مدى كفاءة الأجهزة المنزلية في استهلاك الطاقة، فكلما زادت درجة كفاءة الجهاز من حيث استهلاكه للطاقة، كلما كان الأجدر بالشراء مقارنة بالأجهزة البديلة، ويمكن أيضاً انتقاء أجهزة تعمل بالطاقة المتجددة كالشمسية مثلاً. وتسير التقنيات الحديثة في اتجاه تطوير ما يسمى بـ«البيوت الذكية» التي تستخدم «إنترنت الأشياء» ومن خلال هذه الأخيرة، يستطيع الفرد، قياس كمية الطاقة التي يستهلكها جهاز ما «ثلاجة»، «جهاز تكييف»، «غسالة أطباق» مثلاً، ومن ثم الوعي بحجم ما يتم استهلاكه من الطاقة، والعمل على ترشيده. توجد منتجات ورقية «مُعاد استخدامها»، ويمكن إعادة استهلاكها، لمنع استهلاك المزيد من الأشجار، فهذه الأخيرة، ينبغي الحفاظ عليها لامتصاص ثاني أكسيد الكربون والحد من الاحتباس الحراري. يمكن للفرد الاستغناء عن إيصالات أجهزة الصراف الآلي، واختيار «عدم الطباعة»، والاعتماد على المعاملات الإلكترونية قدر الإمكان، وتفعيل العمل بما يسمى «المكاتب الافتراضية» التي توفر عناء السفر وتحد من استخدام الورق. دور السكان ويرى د. خالد جلال أحمد، أستاذ مشارك بقسم الهندسة المعمارية بجامعة الإمارات، أن للسكان دوراً في تحقيق منظومة الاستدامة المتكاملة بيئياً واجتماعياً واقتصادياً في المجتمعات السكنية المستدامة بالدولة، وذلك من خلال ممارساتهم داخل المنزل وعلى مستوى الحي السكني أيضاً. ولتحقيق الاستدامة البيئية: فإنه بالإضافة لاستخدام لمبات الليد والأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة عند الشراء، ينبغي التأكد من إطفاء وحدات الإضاءة والإطفاء الكامل للأجهزة المنزلية وليس فقط تركها على وضع الاستعداد، ومن المهم بالنسبة للسكان استخدام وحدات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لتوفير جزء من احتياجات المنزل من الطاقة الكهربائية. يمكن الاستفادة من المبادرات الحكومية في هذا الشأن مثل مبادرة «شمس دبي». نصائح ما قبل التشييد ويلفت د. خالد جلال الانتباه إلى قرارات يستطيع الفرد اتخاذها للحد من الطاقة اللازمة للتبريد أو حتى التدفئة، على سبيل المثال تحويل سطح المنزل إلى «حديقة» مزروعة ومظللة سيقلل الاكتساب الحراري من خلال سطح الفيلا. وعند بناء المنزل، ينبغي مراعاة اختيار مواد البناء المنتجة محلياً والموفرة للطاقة خصوصاً المهدرة في تكييف الهواء كأنواع الزجاج العازل للنوافذ وحلوق من الـ«بي. في. سي» أو المعدنية المعزولة حرارياً، مع تركيب ستائر داخلية تقلل من نفاذ أشعة الشمس. وينبغي عدم المبالغة في مساحات الغرف والصالات أو ارتفاعات الأسقف والتي تزيد من استهلاك طاقة التكييف. يمكن تقليل استهلاك الطاقة في التكييف بشكل مؤثر عند لصق طبقة فيلمية رقيقة علي زجاج النوافذ كما هو الحال في ما يسمى المخفي في السيارات، استخدام الدهانات ذات الألوان الفاتحة خارجياً، تقلل من امتصاص الحرارة وداخلياً تزيد من انعكاسات الضوء، ولتوفير المياه المهدرة في ري الحدائق المنزلية: استخدام تقنيات التنسيق غير النباتي (هارد سكيب) وزراعة نباتات محلية تتحمل درجات الحرارة العالية ولا تحتاج للكثير من المياه، مع استخدام تقنيات الري الأوتوماتيكي الموفر للمياه. محفزات الاستدامة الاجتماعية البعد الاجتماعي في التجمعات السكنية محور مهم، وضمن هذا الإطار يؤكد جلال أهمية تكوين علاقات جيرة طيبة مع السكان المحيطين لتنمية رأس المال الاجتماعي من خلال التفاعل المجتمعي واقتراح المبادرات التطوعية بالتنسيق مع البلديات على مستوى الحي كإقامة معارض وفعاليات فنية واجتماعية وتوعوية وغيرها، الإيجابية الاجتماعية تتحقق من خلال الحرص على سلامة وأمان وهدوء الحي السكني من خلال تجنب الممارسات الضارة والمزعجة. تحسين الصحة البدنية والنفسية من خلال ممارسة رياضة المشي مع الأصدقاء والجيران في المناطق المخصصة لذلك بالحي السكني. «التواصل مع الطبيعة» وعي الأفراد بأهمية الاستدامة يزداد كلما كانوا أكثر ارتباطاً بالطبيعة، فالحفاظ على مكونات هذه الأخيرة، خطوة جوهرية يصعب تحقيقها دون الالتزام بسلوك يحمي مكونات الطبيعة ويتعامل معها كإرث تتداوله الأجيال المتعاقبة. وعلى هامش فعاليات «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، أطلقت «جمعية الإمارات للطبيعة»، بالتعاون مع «هيئة البيئة أبوظبي» والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى برنامجاً اتحادياً موجّهاً للشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عاماً، والهدف منه تثقيف وإلهام الشباب المواطنين من أجل استكشاف بيئتهم والاحتفاء بالتراث الطبيعي. وتخاطب المبادرة الشباب من خلال التواصل وأيضاً بالتعليم التفاعلي عبر الإنترنت. «الإمارات للطبيعة» وتعزيز الاستدامة «جمعية الإمارات للطبيعة» منظمة غير ربحية تقود التغيير الإيجابي للحفاظ على التراث الطبيعي لدولة الإمارات. ويقول «فيشال كومار» مدير مشروع «إشراك القطاع الخاص في الأعمال المناخية»، بما أن عدد سكان الإمارات حالياً يقترب من 10 ملايين نسمة، يعيش 90% منهم في المناطق الحضرية، فإن الظروف المناخية، وتزايد عدد سكان الحضر وإدراك الحاجة إلى التطوير على نحو مستدام، أدت إلى خلق الحاجة إلى تصميم وتطوير مدن ومجتمعات تساهم في تقليل الآثار السلبية على البيئة. وبما أن للمدن تأثيرات كبيرة على البيئة، فقد حان الوقت كي تتجه الجهود العالمية نحو نمو المدن على نحو مسؤول ومستدام، وتتعاون الجمعية مع واضعي السياسات، والمطورين العقاريين في مجالات تتعلق بالنمو المستدام للمدن كتنمية الطاقة المتجددة، والحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وضمان الكفاءة في استخدام الطاقة والمياه وتفعيل النقل المستدام، إلخ. وحسب «كومار» من الضروري إيجاد حلول مبتكرة وفعالة للتهديدات المحلية والعالمية التي تواجه الناس والكوكب بما في ذلك التغير المناخي والأنواع المهددة بالانقراض والاستهلاك غير المستدام للموارد الطبيعية، وتقوم جمعية الإمارات للطبيعة بدعم «هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس» في تطوير معيار اقتصاد الوقود في المركبات في دولة الإمارات. وسيضمن تنفيذ هذا المعيار أن يستخدم أسطول الدولة من الشاحنات الخفيفة والسيارات الخاصة لكمية أقل من الوقود في كل كيلومتر يتم قطعه وسيسجل انخفاضاً في انبعاثات الكربون. في الماضي، قامت الجمعية بدعم «هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس» في تطوير معيار الإضاءة الداخلية. وحالياً، يمنع معيار الإضاءة الداخلية، الذي نفذته هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس في عام 2014 المصابيح الداخلية ذات الإضاءة المنخفضة من دخول أسواق الإمارات. كما اضطلعت الجمعية بتنفيذ مبادرات مجتمعية بشأن زيادة الوعي في ما يتعلق بمقاييس كفاءة استخدام الطاقة والمياه التي من الممكن الالتزام بها بسهولة في المنازل والمكاتب. خلال العقد الماضي، شهدت دولة الإمارات تنفيذ العديد من السياسات واللوائح التي تعزز التنمية المستدامة، من بينها «شمس دبي»، حيث قامت هيئة كهرباء ومياه دبي بتنفيذه عام 2015، ومن خلاله يتم السماح للمشتركين بتركيب ألواح شمسية على ممتلكاتهم واستخدام الطاقة الشمسية المنتجة لتلبية احتياجاتهم من الطاقة، وأي فائض في الكهرباء التي تولدها الألواح الشمسية المثبتة على العقار يتم تقييده في حساب هيئة كهرباء ومياه دبي، ما يؤدي إلى الحد من فواتير الكهرباء في الأشهر التالية. مبادرة (C40) ولفت «كومار» الانتباه إلى مبادرة (C40)، كونها شبكة عالمية للمدن الكبيرة التي تقوم بإجراءات لمعالجة التغير المناخي من خلال تطوير وتنفيذ سياسات وبرامج تولد تخفيضات قابلة للقياس في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والمخاطر المناخية مع زيادة الفرص الصحية والاقتصادية إلى جانب الرفاهية لسكان المدن. وتعد دبي واحدة من المدن التي شاركت في المبادرة، وهي الممثل الوحيد من منطقة مجلس التعاون الخليجي. وتضم المبادرة الآن ربط أكثر من 90 مدينة رائدة في العالم، والتي تمثل أكثر من 650 مليون شخص وربع الاقتصاد العالمي. أهداف .. وألوان بدأ رسمياً في 1 يناير 2016، العمل على تنفيذ الأهداف الـ17 لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، وستعمل البلدان خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة، وحشد الجهود للقضاء على الفقر وهو الهدف رقم 1 ثم القضاء على الجوع، وضمان الصحة الجيدة والتعليم الجيد والمساواة بين الجنسين، والمياه النظيفة، والطاقة النظيفة، والعمل اللائق والنمو الاقتصادي، والصناعة والابتكار، والحد من أوجه عدم المساواة، ومدن ومجتمعات محلية مستدامة، وحماية الحياة تحت الماء، والحياة في البر، وتعزيز السلام والعدل والمؤسسات القوية، وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف. ولكل هدف لون محدد، على سبيل المثال الهدف رقم 11 «مدن ومجتمعات محلية مستدامة» يظهر باللون البرتقالي، والهدف رقم 6 «الإدارة المستدامة للمياه والصرف» يظهر باللون السماوي، والهدف رقم 7 «الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة» يشار إليه باللون الأصفر، ويأتي الهدف رقم 15 باللون الأخضر الفاتح، مركزاً على حماية النظم البيئية وحماية التنوع البيولوجي، الألوان الأربعة تظهر في شعار «أسبوع أبوظبي للاستدامة». «يوم خالٍ من حقائب البلاستيك» تحل هذا العام يوم الأربعاء 3 يوليو 2019، فعالية تحظى بمشاركة واسعة من الأفراد على الصعيد العالمي، لزيادة الوعي بأهمية توفير بدائل لحقائب البلاستيك التي تستخدم مرة واحدة لما لها من أضرر كبيرة على البيئة، يطال قرابة 700 نوع من الكائنات، وتتسبب في أمراض سرطانية، اللافت أن عمرها قصير قد يصل إلى 25 دقيقة، وتحللها قد يستغرق 400 عام. ويمكن استخدام أكياس قابلة لإعادة الاستعمال مصنوعة من القماش أو ورق «كرتون» مثلاً بحيث يعاد استخدامها لفترات طويلة وهي غير ضارة بالبيئة. من جهة أخرى، تقليل فاتورة استهلاك الطاقة والمياه هدف يعود بالفائدة على الأفراد، وتشجعه من حين لآخر شركات توزيع الطاقة وتطلق من أجله حملات توعوية. هدف يتطابق في الوقت نفسه مع أهداف الاستدامة، خاصة ما يتعلق بتقليل استهلاك الطاقة وبالتالي الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، عندما يتم توليد الكهرباء من مصادر غير نظيفة كحرق الفحم والديزل مثلًا، والأمر نفسه يتحقق عند ترشيد استهلاك المياه أو تدوير «المياه الرمادية». توفير استهلاك الكهرباء هدف بمقدور الأفراد القيام به، من خلال استخدام المصابيح الموفرة للطاقة LED وفصل التيار الكهربائي عن الأجهزة بعد الانتهاء من استخدامها، والاعتماد على أجهزة تكييف عالية الجودة، وتفعيل أنظمة تظليل لتقليل انتقال الحرارة من خارج المبنى إلى داخله. وبالنسبة لترشيد استهلاك المياه، فيمكن تحقيقه باستخدام صنابير قادرة على تخفيض استهلاك المياه، واستخدام مراحيض منخفضة التدفق، وتفعيل أفضل تقنيات ري من حيث ترشيد المياه في الحدائق والمزارع. مفهوم الاستدامة.. وكيف ظهر ظهر مفهوم الاستدامة للمرة الأولى مرتبطاً بحماية الغابات، أملاً في تحقيق التوازن بين ما يتم قطعة من أشجار وبين التنوع البيولوجي الذي ينبغي الحفاظ عليه، وتبلور المفهوم ليشير إلى حماية حق الأجيال المقبلة في التنمية. وظهر المفهوم بوضوح في قمة ريو دي جانيرو عام 1992، حيث تضمن المبدأ 3 في إعلان «ريو» عبارة مفادها أن الحق في التنمية ضرورة ينبغي تحقيقها بحيث تلبي المتطلبات التنموية والبيئية للأجيال الحاضرة والقادمة بشكل منصف». مفهوم التنمية المستدامة ظهر للمرة الأولى عام 1987 في تقريرٍ صادر عن المفوضية العالمية للبيئة والتنمية بعنوان «عالمنا المشترك». وفي كتابهما المعنون بـ«بيان للمدن المستدامة»، يتبنى «جيرمي جينز» الناقد الألماني المتخصص في الهندسة المعمارية والصحفي النمساوي ستيفان جاغر، مقولة مفادها أن «التصرف محلياً بطريقة مستدامة يتضمن بالتأكيد التفكير وفق إطار عالمي طالما أن الهدف من الاستدامة هو تطبيقها على كوكب الأرض بأكمله». منتجات العناية الشخصية عند اتخاذ قرار شراء منتجات العناية الشخصية، ينبغي الانتباه إلى الأصناف التي تضر بطبقة الأوزون، وهي منتجات، لا يوجد بشأنها تنويه أو تحذير، في حين المنتجات غير الضارة بطبقة الأوزون تحمل تنويها بأنها غير ضارة. وفي أوروبا مثلًا، يقول د. هيدموس، توجد أنواع من «الشامبو» تم تصنيعها بمكونات «عضوية»، ولذلك ينبغي على المستهلك أن يكون على دراية بوجود منتجات طبيعية للعناية الشخصية، وإنْ لم يجدها، فعليه البحث عنها، ومن ثم تشجيع منتجيها على الوصول للأسواق المحلية ونقل التجربة إلى مستهلكيها، ومن ثم ظهور منتجين محليين. الزراعة العضوية الوعي بالاستدامة يتجلى بأبهى صوره في الزراعة العضوية، التي تعتمد على وسائل طبيعية في التسميد ومكافحة الآفات الزراعية، وفي الوقت نفسه تضمن تنوعاً حيوياً تستفيد منه البيئة، وعلى الصعيد العالمي تتزايد مبيعات الأغذية والمشروبات العضوية، فبعدما بلغت 15 مليار دولار قبل أكثر من عقدين، قفزت في إحصاءات عام 2016 إلى 90 مليار دولار، ويتركز الطلب على هذه المنتجات في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث أكبر أسواق المنتجات العضوية هي الولايات المتحدة 38.9 مليار يورو وألمانيا 9.7 مليار يورو وفرنسا 6.7 مليار يورو، ولدى الولايات المتحدة النسبة الأكبر من سوق المنتجات العضوية، حيث تشكل وحدها 47 في المئة من السوق العالمي للمنتجات العضوية. ويقول راشد سليم الكتبي، الذي ينتج -في منطقة «ناهل» بالعين- محاصيل عضوية منذ عام 2009، إن متطلبات التحول من الزراعة التقليدية إلى العضوية تتضمن: الابتعاد عن أية مدخلات كيمياوية أو مبيدات حشرية، واستبدال الأسمدة الكيمياوية بأخرى عضوية، وهي متوفرة في السوق المحلي، وكذلك وسائل مكافحة الآفات الزراعية، وتجنب أي مخلفات ملوثة للبيئة مثل الوقود أو الزيوت وبطاريات السيارات. ويستطيع المزارع تصنيع أسمدة عضوية من مخلفات النباتات تسمى «كمبوست»، حيث يتم تجميع بقايا النباتات وإضافة المياه إليها وتخزينها مدة شهرين وبعدها تصلح لتسميد التربة. وحسب «الكتبي»، يمكن تصنيع وتفعيل تقنيات ري تضمن ترشيد استهلاك المياه، كالري بالتنقيط، والإمكان أيضاً استخدام الطاقة الشمسية في التبريد، ويستطيع المزارعون أيضاً تطبيق الزراعة العضوية في «البيوت المحمية» أو الصُوب الزراعية، وتقليل استهلاك الطاقة عبر التبريد بالمياه.

مشاركة :