قال مختصون نفطيون إن انخفاض الاستثمارات في استخراج النفط الصخري والمياه العميقة بدأت تظهر آثاره على أسعار الخام في الأسواق العالمية. وأشاروا إلى أن تقرير أوبك الشهري الأخير، الذي توقع نمو الطلب، أعطى مزيدا من الدعم للأسعار التي فقدت قرابة 50 في المائة منذ حزيران (يونيو) الماضي. وقال لـ "الاقتصادية" يوناثان سترن كبير الباحثين في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إن بعض شركات النفط توقفت عن التنقيب في المياه العميقة بسبب ارتفاع التكلفة، كما أن جهود التنقيب توقفت بسبب انخفاض الأسعار وارتفاع تكلفة الاستخراج. وأضاف "هذا التقلص الاستثماري أعطى إشارات للسوق بأن حالة تخمة المعروض في طريقها للتراجع وأن الإنتاج لن ينمو بالمعدلات المتسارعة السابقة نفسها". وأكد ضرورة تأمين الاحتياجات المستقبلية للطاقة في كل دول العالم والتغلب على الأزمات الاقتصادية بآليات فعالة ومؤثرة خاصة في ظل الظروف الراهنة. وطالب بالاهتمام بتطوير المرافق والبنية الأساسية للإنتاج والاستثمار في الدول المنتجة وإجراء إصلاحات اقتصادية واسعة تعالج تباطؤ النمو في دول العالم خاصة في الدول المستهلكة. من جهته قال لـ"الاقتصادية" إبراهيم عزت المختص النفطي ورجل الأعمال المقيم في فيينا إن تقرير "أوبك" الشهري الصادر أخيرا بث التفاؤل والثقة بالسوق وساهم في استمرار تحسن الأسعار بعدما أكد توقعات تنامي الطلب على النفط التقليدي. وأضاف أن السوق يستعيد توازنه سريعا حيث كان تباطؤ إنتاج النفط الصخري أسرع من المتوقع وساهم بشكل كبير في تحسن الأسعار إلى جوانب عوامل أخرى منها تحسن في الطلب وتقلص في الاستثمارات . وتابع أن تنامي الطلب أصبح ضرورة مهمة للتوازن في أداء السوق. وأكدت "أوبك" في تقريرها الشهري أن متوسط الطلب على نفطها سيبلغ 29.21 مليون برميل يوميا خلال 2015 بزيادة قدرها 430 ألف يوميا عن توقعات الشهر الماضي. وخفضت المنظمة نمو المعروض العالمي من المنتجين خارجها بمقدار 420 ألف برميل يوميا خلال 2015 عن تقديراتها في تقرير الشهر الماضي إلى 850 ألف برميل يوميا. وقال عزت إن تراجع إنتاج النفط الصخري يتنامى ما يؤكد توقعات بأن الأسعار تتجه للارتفاع بعد انسحاب المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة. من جهته، يرى بيتر تراوبمان المختص في مجال الطاقة أن السوق تشهد تقلبا واسعا بسبب صراع بين عوامل تدفع إلى الارتفاع وعوامل أخرى تدفع إلى الهبوط. وأضاف أن ارتفاع المخزونات الأمريكية إلى مستويات قياسية إلى جانب تباطؤ الطلب في الصين يدفع إلى الهبوط بينما تقلص إنتاج الصخري والوصول إلى القاع السعري يدفع السوق إلى الارتفاع. وشدد على أن المؤشرات الاقتصادية في الصين كفيلة بإحداث تأثير واسع في أسعار سوق النفط وأضاف "السوق الصينية قادرة على قيادة الطلب في العالم إلى النمو ودفع الأسعار إلى التحسن". وتوقع أن تسجل المؤشرات الصينية نتائج إيجابية في الفترة المقبلة ما سيكون له مردود إيجابي على أسعار النفط الخام. وأضاف تراوبمان أنه رغم الاتجاه نحو التحسن والتعافي النسبي مقارنة بالفترة الماضية "نجد أن بعض المؤسسات المالية والمصرفية حذرة في توقعاتها للفترة المقبلة وتقوم بإعداد حساباتها على متوسطات منخفضة لأسعار النفط تحسبا لأي طوارئ". وأكد ضرورة العمل على الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط معتبرا هذا الأمر "خطوة أساسية لاستقرار إنتاج النفط وضمان أسعار عادلة له". يذكر أن الخام الأمريكي مال إلى الهبوط النسبي في الأسواق العالمية أمس فيما استمرت سلة خام "أوبك" في المحافظة على مكاسبها السعرية، وسط مخاوف بشأن الطلب على النفط من الصين واستمرار تأثير إضراب عمال المصافي في الولايات المتحدة وتباطؤ إنتاج النفط الصخري. وواصلت سلة خام "أوبك" ارتفاعاتها السعرية ولكن بوتيرة أقل حيث سجلت 53.58 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 53.36 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أمس إن سعر السلة التي تضم 12 خاما للدول الأعضاء حقق مكاسب ملموسة في الأسبوع الماضي حيث سجل يوم الإثنين السابق 48.19 دولار للبرميل لتكسب السلة قرابة خمسة دولارات في أسبوع. ونزل خام برنت عن 58 دولارا للبرميل أمس بعد أن حذرت وكالة الطاقة الدولية من تراجع أسعار النفط مع استمرار تنامي المخزونات هذا العام. وقالت الوكالة في تقرير شهري "رغم توقعات تقلص الفارق بين العرض والطلب بنهاية 2014 فإن الضغوط النزولية على السوق ربما لم تبلغ بعد منتهاها". وتراجع خام برنت 44 سنتا إلى 57.90 دولار منهيا موجة صعود دامت لثلاثة أيام. وارتفع سعر الخام القياسي أكثر من 9 في المائة الأسبوع الماضي في أكبر زيادة أسبوعية منذ شباط (فبراير) 2011. وهبطت العقود الآجلة للخام الأمريكي 84 سنتا إلى 52.02 دولار. وسجل تضخم أسعار المستهلكين في الصين أدنى مستوى له في خمس سنوات في كانون الثاني (يناير) ما أثار المخاوف بشأن الطلب على النفط بثاني أكبر اقتصاد في العالم. وأضافت أسعار النفط نحو 19 في المائة منذ 29 كانون الثاني (يناير) الماضي بفعل علامات على تباطؤ إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بالتزامن مع إضراب تسع من المصافي الكبرى في أكر إضراب تشهده البلاد منذ 1980 بالتزامن مع تخفيض شركات نفط كبرى للإنفاق الرأسمالي. وبحسب بورصة نيويورك التجارية. تمت تجارة العقود الآجلة للنفط الخام في آذار (مارس) على 52.17 دولار للبرميل وانخفض بنسبة 1.31 في المائة. وتمت المتاجرة مسبقا على جلسة انخفاض 52.06 دولار للبرميل وفي الوقت نفسه في نايمكس. وهبط سعر نفط برنت لشهر نيسان (أبريل) بنسبة 0.79 في المائة لتتم المتاجرة به على 58.62 دولار للبرميل.
مشاركة :