قال خبراء مشاركون في قمة الأمن الغذائي العالمي -المنعقدة على هامش الدورة العشرين من معرض «جلفود»-: إن بوسع دول مجلس التعاون الخليجي لعب دور ريادي في بناء علاقات شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص؛ بهدف التصدي للتحديات المتعلقة بالأمن الغذائي العالمي. وتشكّل قمة الأمن الغذائي العالمي منصة هامة لوضع أسس متينة لحوكمة السياسات والاستراتيجيات العالمية المرتبطة بأمن الغذاء، حيث تجمع هذه القمة وزراء ومسؤولين دوليين بارزين علاوة على صناع القرار وخبراء من القطاع الخاص من عدة دول، بُغية مناقشة جوانب مهمة تتعلق بالقطاع الزراعي، مثل الاستدامة، وإصلاح السياسات، ورسم الاستراتيجيات العالمية الخاصة بالاستحواذ على الأراضي الزراعية، والمبادرات المحلية في هذا المجال. وافتتح القمة رسمياً النائب الأول للرئيس في مركز دبي التجاري العالمي أحمد الخاجة، الجهة المنظمة لحدث «جلفود»، أكبر معرض تجاري سنوي لقطاع الأغذية والضيافة في العالم، حيث أكّد الخاجة في كلمته الافتتاحية أمام القمة على أهمية الضمان الفوري لأمن الغذاء على المدى الطويل، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيظلّ الشغل الشاغل لجميع دول العالم، وأما على مستوى المنطقة، فإن الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية في الشرق الأوسط، والنمو السكاني، وزيادة الطلب على البروتين الحيواني، ومحدودية إمدادات المياه، أمور تُكسب الأمن الغذائي أهمية خاصة. مضيفاً: إن قمة الأمن الغذائي العالمي أصبحت منبراً لصانعي سياسات عالميين بارزين ومختصين كبار في هذا القطاع ما من شأنه الإسهام في رسم ملامح مستقبل غذائي أكثر أمناً. وفي سياق متصل، شدّد رئيس مجلس إدارة شركة الغرير للموارد عيسى الغرير على أهمية التنسيق والتعاون بين القطاعين العام والخاص؛ من أجل التصدي للتحديات التي تواجه أمن الغذاء. وقال الغرير: إن أمن إمدادات الغذاء هو الأساس لمجتمع مستقر وآمن، مشيراً إلى أن الأمن الغذائي يتمتع بأهمية خاصة لمنطقة الخليج والشرق الأوسط؛ نظراً للزيادة السريعة في عدد السكان وندرة الأراضي الصالحة للزراعة ونقص المياه. وأضاف: «هذه العوامل لن تتغيّر، لذلك ينبغي علينا العمل من أجل التخفيف من حدتها عبر تقديم حلول استراتيجية يتم الإعداد لها بعناية وفي إطار زمني كافٍ». إلا أن تلك الحلول لا يمكن أن تتمحور حول الشركات وحدها، كما لا يمكن أن تكون نتيجة لسياسات تُمليها الحكومات، فلا القطاع الخاص وحده ولا الحكومة وحدها قادرة على تحقيقها، فهذه الحلول لا يمكن بلورتها إلاّ عبر تعاون وثيق بين الجانبين. ويُعتبر ضخّ مزيد من الاستثمارات الحكومية في مجال التقنية، وتحسين القدرات الإنتاجية المحلية ومرافق تجهيز الأغذية وتخزينها، من الحلول الرامية إلى تحقيق نمو مستدام في دولة الإمارات. كما أشار الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لشركة الظاهرة الزراعية خديم عبدالله الدرعي إلى أن دولة الإمارات بدأت بتجربة برامج عدة تقوم على التعاون بين القطاعين العام والخاص، ويتطلب إحراز تقدم على صعيد الأمن الغذائي وتقديم حلول مستدامة وطويلة الأجل، وقد استطاعت دولة الإمارات تجسير الفجوة بين القطاعين العام والخاص بشكل جيد فيما يتعلق بالاستثمار الزراعي المتسم بالكفاءة والمسؤولية والطابع الأخلاقي، وأشار الدرعي إلى وقوع دولة الإمارات على طرق رابطة بين كثير من البلدان الرئيسية المنتجة والمستهلكة للغذاء، معتبراً أنها تشكل ممراً يسهل من خلاله عبور الغذاء بين إفريقيا وآسيا، ما يجعلها تمثل معادلة رابحة للدول المنتجة والمصدرة والمستوردة على السواء. وقال الدرعي: إن شركة الظاهرة الزراعية ظلّت تستثمر المال في سبيل تزويد الحكومة بالتوريدات الغذائية، موضحاً أن دولة الإمارات تأتي في طليعة الدول التي تشهد دعماً حكومياً للقطاع الخاص في استثمار الأراضي الزراعية في بلدان أخرى لتوسعة القطاع الزراعي، وأضاف: «نحتاج إلى تفعيل هذا النموذج وتعظيم الجهود المبذولة في هذا الجانب من أجل التصدي لقضية الأمن الغذائي». وكشفت مفوضة الاقتصاد الريفي والزراعة بمنظمة الوحدة الإفريقية توموسيمي رودا بيس عن أن القارة السمراء تحتوي على فرص استثمارية هائلة متاحة أمام مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لزيادة المحاصيل الزراعية، وقالت رودا بيس في الجلسة الافتتاحية التي ركزت على القطاع الزراعي المزدهر في إفريقيا وحملت عنوان «وضع أسس متينة للحوكمة العالمية للسياسات والاستراتيجيات ضماناً للأمن الغذائي»: إن الحقول الخضراء تهيمن على المشهد الزراعي في إفريقيا خلال الوقت الراهن، وأن 95% من الأراضي الزراعية جنوب الصحراء الكبرى هي أراضٍ غير مروية. وأضافت: «إفريقيا كقارة لا تستفيد سوى من 3% فقط من إمكانات الري المتاحة لديها، ما يعني أن ثمّة فرص استثمارية كبيرة سانحة». وفي سياق متصل، قال أمين مجلس الوزراء لشؤون الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية في كينيا فليكس كوسكي: إن الأراضي جنوب الصحراء الكبرى لا تزال غير مستغلة كما ينبغي، مشيراً إلى أنها منطقة «تنطوي على إمكانيات مؤكدة»، وأضاف: «نعتقد أن منطقة الشرق الأوسط مهيّأة للاستفادة من الزراعة في إفريقيا، والتي تعتبر محرك الرخاء والازدهار، من خلال استكشاف فرص الاستثمار في حلول الأمن الغذائي واستغلالها، ما من شأنه العودة بالنفع على المنتجين والمصدرين». وفي ضوء المكانة المهمة للسياسات والاستراتيجيات المستدامة على جدول أعمال القمة، كشف كوينتن غراي، المفوض الزراعي في مكتب شؤون الزراعة بوزارة الزراعة الأمريكية، عن خمسة عوامل قال إنها ينبغي أن تشكل الأساس لأي استراتيجية دولية تتعلق بالأمن الغذائي. وأضاف غراي: «بحلول العام 2050، سيتجاوز عدد سكان العالم 9 مليارات نسمة، وسوف يزداد الطلب جراء ذلك على الغذاء بنسبة 60 بالمائة، ونحن بحاجة -من أجل معالجة هذه القضية- إلى قوى عمل زراعية كافية لتحفيز الشباب على الاستمرار بالعمل في المزارع، كما ينبغي علينا تعظيم الإنتاج من الأراضي الصالحة للزراعة، والاستثمار في تقنيات جديدة لزيادة الإنتاج، علاوة على البحث عن حلول مجدية ومستدامة للمسائل المرتبطة بالتغير المناخي، مثل إمدادات المياه، ويجب علينا أيضاً تحسين سلسلة القيمة لتقليل ما يضيع من المحاصيل بعد الحصاد. هذه المجالات الخمسة تتمتع بأهمية قصوى عند البحث في وضع سياسات الأمن الغذائي». أما المدير التنفيذي لشركة «مونديليز العالمية» بالخليج وباكستان آلن سميث، فقد طرح رؤيته بشأن الطريقة التي يمكن بها للقطاع الخاص أن يُسهم في إثراء النقاش حيال قضية الأمن الغذائي، وذلك خلال جلسة عقدت بعنوان «رفع درجة انخراط الشركات في مواجهة التحديات المتصلة بالأمن الغذائي». وقال سميث: إن إحداث نقلة نوعية في سلاسل التوريد الزراعي في «مونديليز» هو ركيزة أساسية لمستقبل مستدام، داعياً شركات الأغذية إلى التركيز على توظيف حلول زراعية مبتكرة والاستثمار في السلع الأساسية لضمان الأمن الغذائي، وأضاف: «نحن بحاجة لتناول قضية الأمن الغذائي بطريقة مستدامة بيئياً، وتعمل في الوقت نفسه على تحقيق نمو اقتصادي وتوليد فرص تجارية». يذكر أن «جلفود» ينعقد في إطار الدورة الثانية من «مهرجان دبي للمأكولات»، الحدث الاحتفالي الذي يقام خلال فبراير في أرجاء مدينة دبي. ويُعتبر «جلفود» حدثاً تجارياً مخصصاً للزوار من التجار ورجال الأعمال والمهنيين، وسوف يفتح أبوابه من الساعة 11 صباحاً وحتى 7 مساءً بين 8 و11 فبراير، ومن الساعة 11 صباحاً وحتى 5 مساءً في اليوم الأخير 12 فبراير. يمكن للزوار التسجيل على أرض الحدث مقابل 250 درهماً (66.65 دولار). الحقول الافريقية باتت وجهة متميزة للاستثمار الزراعي الخليجي
مشاركة :