في وسيلة التواصل الاجتماعي (تويتر) سأل الدكتور سعد البازعي، أو تساءل، عن: ما هي الملحقيات الثقافية الأكثر فاعلية في النشاط الثقافي؟ سؤال مطروح للجميع، وعند سؤاله تفاعل المتابعون، وكان الملاحظ أن هناك ثناءً على أداء مدير القسم الثقافي في ملحقيتنا بالإمارات الدكتور محمد المسعودي، وهو للحقيقة يستحق من خلال تزاملي معه لسنوات عدة قبل أن تنتهي فترة إيفادي هناك. سؤال الدكتور لم يتحدث عن فترة معينة، ولكن فُهم من السؤال أنه يتحدث عن الوقت الحاضر، غير أن البعض ذكر بعض الأسماء في فترات سابقة، ومن حق الجميع أن يذكر ما طاب له من الأسماء فهذا رأيه، لكن يحزّ في النفس أن يتم تجاهل اسم وعلم كبير كان له دور كبير ومشهود في الملحقيات في العقود الأخيرة، وبالذات ملحقيتنا في لندن وأرلندا، وهو الأديب الكبير عضو مجلس الشورى حالياً عبدالله الناصر. كان هناك تجاهل وأزعم أنه متعمد، فبداية في تويتر وبعدها في مقالة أو مقالتين ثم في تحقيق في إحدى الصحف عن الملحقيات ودورها الثقافي، وكان العامل المشترك في كل هذه المواضيع محاولة الإيحاء بأن خلف النشاط الثقافي في لندن الراحل السفير القدير الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله-، وهو ليس حباً بالسفير بقدر ما هو كره للناصر. للمعلومية ولمن لا يعرف أو يعرف ويتجاهل، فقد كان الناصر من أقرب الناس إلى غازي القصيبي والعكس صحيح، والفترة التي تزامن فيها الاثنان كانت نبراساً للتعاون وتمثيل الوطن بكل حب وإخلاص وشفافية، لكن موضوع الاهتمام الثقافي كان من صلب عمل عبدالله الناصر واهتمامه الشخصي من دون الإقلال من شخصية الدكتور غازي القصيبي الذي يعرف شخصية الناصر وإمكاناته، والحقيقة أن عبدالله الناصر وظّف ثقافة غازي القصيبي وقلمه الرائع، واستكتبه من ضمن الطاقم العملاق الذي كان يعمل في المجلة الثقافية التي كانت منذ عددها الأول مبهرة بالمقاييس الثقافية لمجلة تصدر شهرياً، وحصدت شهرة كبيرة في دول عربية كثيرة وكانت من بنات أفكار الناصر، أما كتابها أو من يعملون بها فهم الطيب صالح وشوقي بغدادي وخلدون الشمعة وعبداللطيف اطيمش وياسين رفاعية وبلند الحيدري وغادة السمان وسلمى الجيوشي ومحمد عابد الجابري، فضلاً عن أسماء سعودية كبيرة، منهم عبدالله الغذامي وحمد القاضي وعبدالله المعطاني وعبدالله الطاير وأشجان هندي وجاسم الصحيح وكثيرون لا تحضرني أسماؤهم. الناصر، فضلاً عن المجلة، كان شعلة نشاط في ما يخص الثقافة والشأن الثقافي، وهو ما أشار له المرحوم غازي القصيبي في ثناء عاطر عليه في أحد حواراته، حتى سمّيت الملحقية آنذاك جامعة الدول العربية ثقافياً، كون موظفوها من مختلف الجنسيات العربية، وأجرت المجلة في فترة الناصر حواراً مع الشاعر الراحل الكبير نزار قباني كأول حوار معه تجريه مجلة سعودية، كما أجروا حواراً مع الراحل العملاق نجيب محفوظ. بالمناسبة، بعد مغادرة عبدالله الناصر الملحقية، بعد 25 عاماً قضاها في خدمة الثقافة بين الجزائر وهيوستن ولندن، تم تعيينه مديراً عاماً للملحقيات الثقافية، فواصل منها الاهتمام بالجانب الثقافي، مرشِّحاً من توسّم بهم همّاً ثقافياً للعمل في الملحقيات، وكان يحرص على أن يكون الموفَد فضلاً عن مؤهلاته كمشرف طلابي ذا معرفة ثقافية، لكن لم يسعفه الوقت، إذ عُين عضواً في مجلس الشورى. في الأخير، للتوضيح في الخلط بين عمل السفارة وعمل الملحقيات فلا علاقة للسفارة بالشأن الثقافي، بعيداً عن كون الوزير مثقفاً كحالة غازي القصيبي أو حالة الوزير السابق وسفيرنا الحالي في المغرب الدكتور عبدالعزيز خوجة، الذي كان سفيراً قبل أن يصبح وزيراً للإعلام في كل من تركيا وروسيا والمغرب ولبنان، وذلك منذ عام 1986 حتى عام 2009، ومع كونه شاعراً لامعاً فلم يربط أحد بين نشاط ملحقياتنا في تلك الدول (لا توجد ملحقية في روسيا) وبينه، لأنه كما أسلفت هذا خاص بالملحق فقط والملحقية ترتبط بوزارة التعليم العالي (التعليم حالياً)، بل إن القصيبي نفسه كان سفيراً في البحرين قبل بريطانيا، ومع ذلك لم يتحدث أحد عن نشاط ثقافي في البحرين، ناهيك أن النشاط الثقافي في لندن استمر كما هو بعد مغادرة غازي القصيبي إلى الرياض.
مشاركة :