من غير المعقول بعد مضي 28 عاماً على تحرير بلادنا الغالية من الاحتلال العراقي ألا يوجد فيها حتى اليوم متحف تاريخي متكامل ومتخصص، يجسد كل تاريخ الغزو من بدايته حتى نهايته، مشتملاً على بانوراما الأحداث والوقائع لتعرض على الزوار بالصورة اللائقة في صالات عرض الصور وقاعات الإفلام الوثائقية وجداريات للشهداء، ولوحات للأسرى. تمر علينا هذه الأيام الذكرى العظيمة لتحرير الكويت من الغزو العراقي الغادر (2-8-1990/ 26-2-1991) حيث كُتب تاريخ الكويت من جديد، وسجل أبناء الوطن بطولاتهم بأحرف من نور لتخلّد في ذاكرة الأمة كدليلٍ لامعٍ للفداء والتضحية. حادثة كبرى مثل كارثة الغزو العراقي للكويت يجب أن تأخذ مكانها المستحق في مسيرة البلد، وإذا كانت الكويت حالياً عامرة بمئات الألوف من أبنائها ممن شهدوا تلك الجريمة النكراء، وأدركوا نعمة التحرير، فإن أبسط واجباتنا هو توثيق وتثبيت تلك الكارثة بكل تفاصيلها وأحداثها ويومياتها، ونقلها حرفياً بالصوت والصورة والوثائق والأسماء واللحظات للأجيال اللاحقة؛ لتعرف وتطلع على هوْل ما نُكبَت به الكويت خاصة والأمة العربية عامة من تلك الكارثة، ولتخليد ذكرى أبطال الوطن من رجاله ونسائه وإنصافهم، وكذلك لضمان عدم تحريف هذه الوقائع مستقبلاً من أي جهة كانت داخل أو البلاد خارجها. لدينا كل المعلومات اليقينية والبراهين الموثقة لتلك الحقبة من القرارات الأممية والمشاركات الدولية والوثائق العراقية التي صدرت داخل الكويت من سلطة الاحتلال والكتب والصحف وبرامج التلفزيون المخصصة لتلك الجريمة العالمية، ولدينا أكثر من ذلك شهادة الصامدين وحكايات آلاف الأسرى وقصص مئات الشهداء بإذن الله ممن ارتوت الكويت بدمائهم الزكية، وتطهر ترابها بأجسادهم النقية، ثم المخزون المليوني الهائل من الصور والأخبار والتقارير الإعلامية التي غطت تلك الكارثة من إرهاصاتها المبكرة في يوليو 1990 حتى فجرها الصادق في فبراير 1991 من كل وسائل الإعلام والوكالات الإخبارية حول العالم. إنه لمن غير المعقول وبعد مضي 28 عاماً على تحرير بلادنا الغالية من الاحتلال العراقي ألا يوجد في الكويت حتى اليوم متحف تاريخي متكامل ومتخصص، يجسد كل تاريخ الغزو من بدايته حتى نهايته، مشتملاً على بانوراما الأحداث والوقائع لتعرض على الزوار بالصورة اللائقة في صالات عرض الصور وقاعات الإفلام الوثائقية وجداريات للشهداء، ولوحات للأسرى، وقسم خاص للقرارات الأممية، وآخر للسلطة الإدارية المحتلة داخل الكويت، وقسم للدول المشاركة في قوات التحالف، وقسم للكويتيين في الخارج، ومعرض واسع لمخلفات الحرب من المواد والخرائط والمعدات، وموقع خاص للإصدارات والكتب والمجلات التي رصدت الكارثة، وهكذا ينشأ مجمع تاريخي وتعليمي ومعلم حضاري مشرف يروي قصة الغزو والتحرير، وسيكون بلا شك مزاراً لضيوف البلاد، وفرصة للتعبير عن شكرنا لكل من ناصرنا وساندنا في تلك الأيام العصيبة. إننا نناشد مجلس الوزراء الموقر المبادرة لإنشاء ذلك المتحف الوطني المنتظر، ولن نملّ كشهودٍ أحياء على جريمة الغزو العراقي، وشاكرين نعمة التحرير الإلهية عن إعادة ورواية ما شاهدناه في تلك الأيام، حتى نرسخها في تاريخ بلادنا الغالية، والحمدلله من قبل ومن بعد.
مشاركة :