من ينقذ الأجندة العالمية للتغير المناخي؟

  • 1/22/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ما يثير مشاعر الإحباط بشأن تغير المناخ هو أننا نستطيع حل المشكلة بتكاليف لا تزال تحت السيطرة، ولكننا فشلنا في القيام بذلك. ومرد هذا الفشل إلى مزيج من التعامي وخداع النفس. أما التعامي فتجده لدى أشخاص مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ينكر حقيقة تغير المناخ. أما خداع الذات فتجده لدى أولئك الذين يقرون بوجود المشكلة، وكل ما يفعلونه هو التظاهر بالعمل على حلها. والمطلوب القيام بما هو مفيد، وبسرعة، لأنها لم تعد مجرد تحد علمي أو تكنولوجي، بل تجاوزت حدود التحدي السياسي والاجتماعي. ويفند تقرير «فجوة الانبعاثات 2018» الصادر عن الأمم المتحدة، بكل وضوح، تفاصيل الفشل في إحراز أي تقدم في الماضي. ومن المرجح أن تسجل درجات الحرارة هذا العام أعلى مستوى للمرة الرابعة منذ عام 1880، بعد أن رصدت أجهزة القياس مستويات من الدفء خلال السنوات الخمس الماضية هي الأعلى، أما الطامة الجديدة فهي أنه في عام 2017 زادت الانبعاثات مرة أخرى، بعد ثلاث سنوات من الاستقرار. ويؤكد التقرير إضافة إلى ذلك، أن التزامات نفث الكربون التي حددتها الدول لنفسها على المستوى الوطني في إطار اتفاقية باريس عام 2015، لن تكون كافية، حتى لو تم تنفيذها، للحفاظ على الزيادة في متوسط درجات الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية فوق معدلات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الحد الذي يعتقد معظم الخبراء أنه مقبول. ويشير التقرير إلى أن المساهمات الحالية طبقاً لالتزامات باريس تعني زيادة الاحترار العالمي بنحو 3 درجات مئوية بحلول عام 2100، مع استمرار الارتفاع بعد ذلك العام. ولكي لا تفوت الفرصة المحددة في ضبط الحرارة عام 2030 لا بد من البدء فوراً. والأهم من ذلك أن التزامات باريس لا تزال مائعة. ولم تغير محادثات المناخ التي انتهت هذا الشهر في كاتوفيتشي، ببولندا، أي شيء على هذا الصعيد، ما يعني أنها أفرغت من مضمونها. ورغم موافقة الدول المشاركة على تقديم بيانات عن الانبعاثات إلى الأمم المتحدة كل عامين ابتداء من عام 2024، فضلاً عن وضعها أهدافاً جديدة كل خمس سنوات على مسار التغيير المناخي ما يجعل تحقيق التقدم أو عدمه أكثر شفافية، لكن هذا لا يعني أن التقدم سيكون كافياً، خاصة بعد أن منحت الولايات المتحدة نفسها فضاء مجانياً لنفث الكربون. ويرى أدير تيرنر،رئيس لجنة تحولات الطاقة في الأمم المتحدة أن الاقتصادات ذات بصمة الكربون الصفرية باتت اليوم مجدية ومنخفضة التكاليف. ويمكن ضبط نفث الكربون تقنياً بتكاليف اقتصادية منخفضة. ولا شك في أن محور التحول نحو الاقتصاد الصفري الكربون يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة التي تشهد تطوراً مطرداً. وتقدر هذه اللجنة أن التكلفة الاقتصادية لن تتجاوز 0.5 في المئة من الناتج العالمي بحلول عام 2060. ومع ذلك فإن هذا التحول الممكن لن يحدث بمفرده، بل إنه يتطلب سياسات واضحة ومحددة تضمن تعزيز دور التقنيات المناسبة، ووضع الحوافز المشجعة، ووضع الخطط الصحيحة، ولا سيما في ما يتعلق باستخدام الأرض. لكن تطبيق ذلك سيكون صعباً من الناحية السياسية، لأسباب ليس أقلها أن معاقبة الدول غير الملتزمة ليس ممكناً. والطامة الكبرى هي أن جدل المشككين في أهمية التغيير المناخي كانت له اليد الطولى في رسم سياسات العالم على حساب الحجة القوية للعلماء، والتقنيين، لذلك لم يحرز العالم تقدما يذكر على هذا الصعيد. وبات من الضروري حالياً، تغيير منطلقات الحوار من البعد المتعلق بمخاوف التأثير الخطير لنفث الكربون، إلى بعد أهم هو الفرص التي يتيحها تغيير سياسات حماية البيئة، وتبريد الكوكب. وما نحتاجه اليوم هو أن يكون الناس والشركات والساسة قبل كل شيء، قادرين وراغبين في تعزيز قناعة الإنسانية بوجود فرصة واعدة لتحقيق الازدهار للجميع، وأنها لا تزال في متناولنا. * فاينانشل تايمز

مشاركة :