روسيا تتبنى إقامة مشاريع نووية لتوليد الطاقة الكهربائية وإنعاش الاقتصاد المصري

  • 2/11/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رغم حالة الطقس الصعبة التي لفت ربوع مصر بعاصفة ترابية، فإن القمة المصرية - الروسية خرجت بنتائج عملية تعكس مدى الرصيد التاريخي لقوة العلاقات، والتخطيط لآفاق مستقبلية لتطويرها، والعمل معا لمواجهة التحديات الدولية ومواجهة الإرهاب، والبحث عن تسويات سياسية لأزمات سوريا وليبيا. ولوحظ أن الطقوس التي أحاطت بزيارة الرئيس فلاديمير بوتين لمصر كانت غير تقليدية، حيث بدأت بحضور عرض بالأوبرا وعشاء في برج القاهرة. وفي المؤتمر الصحافي المشترك للرئيسين السيسي وبوتين، اتفقا على إعطاء دفعة جديدة للعمل معا في كل المجالات على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي، كما تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات. وفى كلمته بالمؤتمر الصحافي، وبعد انعقاد جلستي عمل، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: «إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بالرئيس بوتين رئيس روسيا الاتحادية في القاهرة، كضيف عزيز على بلدنا، وأنتهز هذه الفرصة لأنقل له خالص مشاعر الصداقة والتقدير التي يكنها المصريون لفخامته ولدولته ولشعبها الصديق، ارتباطا بالمواقف الشجاعة والداعمة التي أبدتها بلاده إزاء مصر وشعبها في ظروف دقيقة مرت بها على مدار العامين الماضيين». وتابع الرئيس المصري قائلا: «إنني أشعر بسعادة بالغة أن تأتى زيارة الرئيس بوتين إلى القاهرة في هذا التوقيت لتؤكد على موقف روسيا المتضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب، ولتؤكد على التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين منذ قيام ثورة الثلاثين من يونيو (حزيران)، ولتضيف إلى ما شهدته زيارتي لروسيا في شهر أغسطس (آب) الماضي من تعزيز للعلاقات المصرية - الروسية وتجديد انطلاقها إلى آفاق أكثر رحابة على مختلف الأصعدة». وأوضح السيسي أنه استعرض مع بوتين «مختلف أوجه العلاقات الثنائية بين بلدينا، حيث أعدنا التأكيد على تمسكنا بثوابت العلاقات الاستراتيجية القائمة بين مصر وروسيا، وعلى استمرار تبادل اللقاءات رفيعة المستوى، وتبادل وجهات النظر بشكل متعمق في كل ما يخص العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن استمرار التعاون بين البلدين في مختلف المحافل الإقليمية والدولية لدعم مواقفنا المشتركة من القضايا المختلفة. كما أكدت والرئيس بوتين على الاستمرار في تعزيز التعاون العسكري بين بلدينا، خاصة في ظل الظروف الراهنة». وأعاد الرئيس السيسي التأكيد كذلك على ضرورة دفع علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.. «حيث اتفقنا على تيسير حركة التبادل التجاري، وإزالة المعوقات أمامها، وعلى التعاون في مجال تخزين الحبوب. كما اتفقنا على تيسير جهود إقامة منطقة التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركي الأوراسي، بما يوسع آفاق العلاقات التجارية والاقتصادية مع روسيا وسائر دول الاتحاد». وأشار الرئيس المصري إلى الاتفاق أيضا على تعزيز التعاون في مجال الطاقة بمختلف أنواعها، بما في ذلك التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، لا سيما أن روسيا تتمتع بمزايا نسبية كبيرة وخبرة واسعة في هذا المجال الذي توليه مصر اهتماما خاصا في إطار خططها الطموحة للتنمية وتوفير احتياجاتها من الطاقة. ونوه بأنه استعرض مع الرئيس بوتين التحضيرات المصرية الحالية للإعداد لمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في شرم الشيخ، كما أعرب عن تطلعه لوجود مشاركة روسية فاعلة فيه، وهو ما أكد عليه الرئيس الروسي. كما اتفق على دفع العلاقات الاستثمارية بين البلدين، والبدء في إقامة المنطقة الصناعية الروسية، التي تم تحديد موقعها في شمال عتاقة على محور قناة السويس. واستكمالا لمسار التعاون الثنائي، أوضح السيسي أنه تم الاتفاق كذلك على تعزيز علاقات التعاون في مجال السياحة، حيث أكد الرئيس الروسي دعمه لجهود مصر لاستعادة كامل نشاطها السياحي، فضلا عن تشجيع السائحين الروس على زيارة مصر. وعلى صعيد الأوضاع الدولية والإقليمية، قال السيسي إن لقاءه مع بوتين اكتسب أهمية خاصة في ضوء التحديات التي تواجهها مصر وروسيا الاتحادية في المرحلة الراهنة.. «وقد أكدنا في هذا المجال على وقوفنا جنبا إلى جنب في مواجهة هذه التحديات، ففي ظل تفشى آفة الإرهاب البغيض الذي أضحى يعاني منه العالم أجمع، فقد اتفقت مع الرئيس الروسي على أن تحدى الإرهاب الذي تواجهه مصر، والذي واجهته روسيا أيضا، لا يقف عند أية حدود، وأن استشراء تلك الظاهرة بات يحتم تضافر الجهود الدولية لمواجهتها والتعامل معها من خلال منهج شامل، لا يقتصر فقط على التصدي الأمني، وإنما يتضمن محاربة أسسها الفكرية التي توفر بيئة حاضنة تخرج من كنفها التنظيمات الإرهابية، فضلا عن معالجة الأوضاع الاجتماعية التي تسهم في نمو الإرهاب والتطرف المرتبط به». وحول القضايا الإقليمية، أوضح الرئيس المصري أنه تم التأكيد على ضرورة أن تؤدي جهود إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك ضرورة الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها، فضلا عن ضمان وحدة العراق وتحقيق الوفاق بين مختلف مكوناته الوطنية، وكذلك دعم جهود مكافحة خطر الإرهاب الذي يهدده.. «كما أعربنا عن ارتياحنا لتنسيق الجهود القائم بيننا في ما يتعلق بتوفير البيئة المناسبة للأطراف السورية للالتقاء في إطار تشاوري، بهدف الخروج بتفاهمات تؤسس لحل سياسي يستند إلى مرجعيات جنيف». وحول الأوضاع في اليمن، قال الرئيس السيسي: «أكدت للرئيس بوتين اهتمامنا بالتوصل لتسوية عاجلة للأزمة، وضرورة عدم السماح بتهديد وحدة وسلامة أراضى اليمن وأمن واستقرار المنطقة». كما قال السيسي إنه «في ضوء دقة المشهد الدولي، ولا سيما في ظل غياب السلم والاستقرار في الكثير من مناطق العالم، واندلاع الاضطرابات والصراعات، وتزايد نزعات الهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، والمساس بالقيم الحضارية للشعوب، فقد اتفقنا في الرؤى بشأن حاجة العالم إلى تطوير نظام دولي أكثر ديمقراطية وعدلا وأمنا لكل الدول، فضلا عن الحاجة الملحة لإقامة نظام اقتصادي دولي أكثر عدلا وإنصافا، واستغلال الفرص الاقتصادية التكاملية المتوفرة بين أطرافه بغض النظر عن حجمها الاقتصادي أو مدى تأثيرها فيه». وفى ختام كلمته، أشار إلى حضوره مع الرئيس بوتين مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، بما يعزز من مسيرة التعاون المشترك، وذلك في قطاع الطاقة، حيث تم التوقيع على مذكرة للتفاهم من أجل إقامة محطة للطاقة النووية في الضبعة لتوليد الطاقة الكهربائية، فضلا عن مذكرات التفاهم في مجال الاستثمار. وجدد الرئيس السيسي مرة أخرى التأكيد على أن مصر تستند في علاقاتها مع روسيا الاتحادية على أسس عميقة من التعاون الممتد، الذي لم ينقطع يوما، وأن مصر ترى في روسيا صديقا استراتيجيا ورصيدا حقيقيا لعلاقاتها الخارجية المتوازنة. كما أكد للجميع أن مصر ما بعد ثورتي يناير (كانون الثاني) 2011 ويونيو 2013، «تمد يدها بالصداقة لكل الدول التي ساندتها وما زالت تساندها في مسيرتها نحو تحقيق ما يصبو إليه شعبها العظيم من تقدم وازدهار ونمو على كل المسارات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية». من جانبه، قال الرئيس بوتين إن العلاقات مع مصر انتقلت إلى آفاق جديدة من التعاون، وإن الحوار مستمر مع الرئيس السيسي منذ العام الماضي حول كل القضايا التي تهم البلدين، والتعاون في المجالات الزراعية والسياحية والطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وبما يحقق لمصر نقلة في الاقتصاد. وكذلك توظيف الأقمار الصناعية في الملاحة، وإقامة مشاريع استثمارية في مجال البنية التحتية، وأيضا إقامة استثمارات مشتركة، وتفعيل دور مجلس الأعمال المصري - الروسي، والاهتمام بالتعاون في المجالات التعليمية والسياحية. وأوضح بوتين: «لقد اتفقنا على تكثيف جهودنا في مكافحة الإرهاب، وأولينا أهمية للنقاش حول ضرورة تسوية الأزمة السورية، وأبلغت الرئيس السيسي بنتائج مباحثاتنا مع المعارضة السورية وممثلي الرئيس بشار الأسد في موسكو، ونأمل في الوصول إلى تسوية في هذا البلد». وفي ختام كلمته، قال بوتين: «أتمنى الازدهار للشعب المصري الصديق، وروسيا شريك أمني وصديق موثوق به لمصر»، موضحا أنه على يقين من أن زيارته لمصر تعطي حافزا لمواصلة تطوير التعاون الاستراتيجي بين البلدين.

مشاركة :