ثراء وإبهار الموروث في مهرجان الشيخ زايد التراثي

  • 1/22/2019
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

تتواصل فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي في منطقة الوثبة بحماس الانطلاقة، ولا يزال يمثل الوجهة المثالية لعشاق الفنون، حيث يجمع عادات وتقاليد وفنون وطقوس العالم في فضاء واحد، وتمثل الصناعة التقليدية العنوان الأبرز لمختلف المشاركين بالمهرجان المنظم تحت شعار «الإمارات ملتقى الحضارات» والمستمر حتى 26 يناير الجاري، حيث تستحوذ على اهتمام الزوار، ومنها منتجات القارة الأفريقية التي استمدت سيماتها من طبيعتها المتنوعة بتنوع جغرافيتها، إذ تحتضن أجنحتها صوراً من الصناعة التقليدية والطقوس الفنية وبعض العادات والتقاليد، التي يصعب حصرها في هذا الحيز نظراً لغنى وثراء الموروث الثقافي للقارة السمراء. ويحرص المهرجان على تقديم مجموعة كبيرة من الخيارات الترفيهية، وإتاحة المجال للاطلاع على مختلف المنتوجات لعدد من دول القارة السمراء، إذ تزخر هذه الأجنحة بالمنتجات المتنوعة لهذه الدول من الألبسة والأحذية، والمأكولات والأكسسوارات، وغيرها من المنتجات التراثية، والصناعات اليدوية، ومنها المطرزات والجلديات، والعطور. وفي هذا الصدد يسجل الجناح المغربي حضوره القوي في المهرجان، وتبرز المشاركة التراثية والفنية للمملكة بالحرف والصناعات التقليدية، حيث يقدم الحرفيون في إطار عرض حي، نماذج رائعة تعبر عن دفق ووفرة وجمال الصناعات التقليدية التي تمثل العديد من المدن المغربية العريقة، ويستقطب الجناح الجماهير لمشاهدة الفن والتحف واللوحات المرتبطة بتراث وثقافة ضاربة في أعماق التاريخ، إلى جانب أنشطة متنوعة وورش عمل حية في التراث الثقافي والمنتجات المختلفة للصناعة التقليدية التي تجعل المشاركة متحفاً مفتوحاً واسع الإبهار. جمال وصحة لاشك أن زيت الأركان المسمى بـ«الذهب السائل»، المنتوج المغربي الطبيعي 100% يحظى بشهرة عالمية نظراً لخواصه الجمالية والصحية والغذائية، ويقتصر وجوده على المغرب فقط، حيث يستخرج من لوز شجر الأركان النادر، والذي يوجد بسهل سوس المغربي ويعمر لمدة 200 سنة فما فوق.. هذا ما أكدته فاطمة الزغموتي المسؤولة عن جمعية المرأة للصناعة التقليدية، وهي جمعية غير ربحية مقرها أغادير، تجمع بين العديد من المنتجات مثل الزربية «السجاد» والخياطة التقليدية، والتصميم الداخلي، وتزيين العرائس «النكافة». وتجلس الزغموتي خلف الرحى لتطحن حبات اللوز بالطريقة التقليدية وتمزجها بالعسل وزيت أركان لتحصل على مادة متجانسة صحية غنية جداً بالفيتامينات تسمى «أملو»، حيث لا تقتصر على بيع زيت أركان ومنتجاته، بل تعمل على تجهيز أملو أمام الجمهور وتعرفهم بهذه المنتجات ومكان وجودها بالمغرب وطريقة صناعتها كوجه من أوجه الصناعات التقليدية العريقة. فاطمة الزغموتي تشرح كيفية طحن اللوز (تصوير عمران شاهد) فاطمة الزغموتي تشرح كيفية طحن اللوز (تصوير عمران شاهد) إتقان ومهارة وبالجناح نفسه يمارس الصانع إدريس الساخي من مدينة فاس، الذي يقدم يومياً طيلة مدة المهرجان عرضاً حياً أمام الزوار، صناعة نقش المواد المختلفة، وهي صناعة تقليدية عريقة يدوية 100%، حيث يعمل الساخي الملقب «بعمي إدريس» على الفضيات والنحاسيات بطريقة إبداعية تتطلب تركيزاً ودقة متناهية عبر أدوات بسيطة يحدد نقوشها الهندسية بنفسه، ليحول المادة الخام إلى تحف فنية. ومن خلال طاولة صغيرة يطلق عليها «القرطة»، وآلة الدابد ومقطع الزواق ومقطع الخياطة وبولقطة والميجم والريشة المطرقة, ينقر على المادة الفضية أو النحاسية، موضحاً أن هذه الحرفة تتطلب الجهد والإتقان والمهارة العالية والصبر والحب، إلى جانب تعلمها في سن صغير للعمل على تشكيل ونقش الأطباق والصواني وأدوات الشاي العريقة وقطع الديكور والمجسمات والمرشات والمباخر وأواني الشي. وهذه الحرف لا يكاد يخلو منها بيت مغربي، حيث تعد ضرورة من ضرورات تجهيز العروس، ومن الهدايا المهمة لأي بيت جديد، والتي تتمثل على الخصوص في صواني وعدة الشاي «الفنايق» والمرشات والمباخر، كما أصبحت اليوم تعرف تحديثاً لمواكب عالم الديكور الداخلي، لكن دون الإخلال بطابعها الأصلي. تحديث الأصيل وبدورها، تعمل سهام لمراني، فنانة تشكيلية ومصممة، على المزج بين الفن التشكيلي والصناعة التقليدية، حيث تستلهم من التراث والزخرفة الإسلامية نقوشها، لتقدم للجمهور قطعاً متفردة الجمال، وتعمل على القماش والخشب والسيراميك والرخام، وتوضح خريجة المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيَضاء أنها تعشق العمل اليدوي، ما دفعها إلى اقتحام عالم الصناعة التقليدية والعمل على الخامات العريقة. إدريس الساخي يقدم شرحاً عن أدوات الشاي إدريس الساخي يقدم شرحاً عن أدوات الشاي حضارة النيل ومن الأجنحة الأفريقية التي تحظى باهتمام بالغ من زوار مهرجان زايد التراثي، الجناح المصري الذي يستعرض مجموعة من الأدوات التقليدية العريقة، ومنها النحاسيات والأكسسوارات والأزياء وقطع الديكور، إلى ذلك قال حسن البروجي، مصمم حرف يدوية مصرية، إنه يشارك في المهرجان للسنة الرابعة على التوالي، مؤكداً أن هذا المهرجان والتنوع الذي يشتمل عليه دفعه لتطوير منتجاته، مشيراً إلى أن إقبال الزوار على منتجاته جعله يبيع أكثر من 75%، منها خلال الشهر الأول من المهرجان. ويشتمل جناحه على النحاسيات و«الأباجورات» المضيئة، والزجاج الملون، والسجاد والجلود، وهي في الغالب تتشابه مع منتجات الدول الأفريقية، في حين تبقى هناك أدوات خاصة بمصر منها الشموع المكونة من حجر مستخرج من جبال البحر الأحمر، وهو رخام يشبه «الإونكوس» المنتشر في العديد من الدول الأفريقية الأخرى، وتطعم هذه الشموع بالنحاس المنقوش بالنقوش الإسلامية وعبارات وأغاني أم كلثوم، ومن الأدوات الأخرى «سبرتاية» أو «الكنكة» التي تحضر عليها القهوة. حسن البروجي يستعرض مجموعة من الشموع المزينة بالنقوش حسن البروجي يستعرض مجموعة من الشموع المزينة بالنقوش منتجات الأرض وقال يحيى بكر عبدالجبار، إن جناح وزارة الثقافة بجمهورية السودان يتميز بالعديد من التحف والديكورات التي يزخر بها التراث السوداني، ويضم الجناح الجلود والسعفيات والفخاريات التي تنال إعجاب الزوار، بالإضافة إلى منتجات استخرجت من الطبيعة لتسهيل الحياة. وعن أبرزها يقول بكر «تعتبر الأدوات التي نستخرجها من القرع من أبرز محتويات الجناح، وهي منتجات تقليدية عريقة، تنتمي إلى شرق السودان على الأخص، وهي أدوات تستعمل لحفظ الطعام ولشرب الماء ولترويب الحليب، وهذه المنتجات تحظى بأهمية بالغة في السودان، ونقوم بتزيينها بالعقيق أو الخرز، وبالجلود والحبال، وغيرها حسب الأحجام، كما يضم الجناح مجموعة من الفخاريات، ومنها الركوة التي تستعمل لحفظ الماء والسعفيات»، موضحاً أن الإنسان السوداني كغيره استغل الطبيعة المحلية لاستخراج الأدوات التي تسهل عليه الحياة.

مشاركة :