الحرس الثوري يستخدم قاعدة خاتم الأنبياء وشعارات الخصخصة للتحكم باقتصاد إيران

  • 1/22/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

خلف مسميات وشعارات رنانة، يتحكم الحرس الثوري الإيراني بمقدرات اقتصاد بلاده، مستخدما أذرعة عدة، يمتص من خلالها خيرات البلاد ويوجهها لخدمة أسياده الملالي، وينفذ عبرها أجنداته المشاغبة، والمثيرة للقلق في المنطقة والعالم، والتي من أبرز صورها إثارة القلاقل عبر مجموعات متناثرة من الميليشيات. ولعل أبرز الأذرعة الاقتصادية التي يستخدمها الحرس الثوري، قاعدة «خاتم الأنبياء البناء»، التي تعد أهم أو واحدة من أكبر المؤسسات الاقتصادية في البلاد، وغالبا ما يشار إليها باسم «القطاع الخاص»، أو باستخدام أسماء مزيفة أخرى. قصة الولادة بعد عام واحد من انتهاء الحرب الإيرانية مع العراق، وفي عام 1989 وعقب وفاة الخميني، وبأوامر من الولي الفقيه، الذي وصل حديثا -خامنئي- تأسست قاعدة «خاتم الأنبياء البناء»، وهي تعد بمثابة فرع للحرس الثوري الإيراني، ويتم تعيين قائدها من قبل قائد الحرس الثوري الإيراني. والحرس الثوري نفسه جزء من مشروع هيمنة الخميني وأعوانه على الثورة ضد الملكية في إيران، حيث يعد ذراعهم المسلح. حرب الخسارة والمكاسب في الوقت الذي لم تجر الحرب الإيرانية العراقية (8 سنوات) على الإيرانيين سوى البؤس والدمار، كانت بالنسبة للحرس الثوري فرصة سانحة للتحكم والثراء، فموارد البلاد المالية كانت تتسرب نحو الحرس الثوري، وتم منح القوة الميليشياوية وغير المجربة الفرصة للاستمتاع بعدد من القدرات المالية والصناعية واللوجستية. وقال قائد فيلق الحرس الثوري، متحدثا عن الإمكانات التي وضعت تحت تصرف الحرس بعد نهاية الحرب، وبمباركة من تلك الحرب «كان هناك أكثر من 10 فرق هندسية مع الآلاف من الآلات والمعدات التي تم إعدادها خلال الحرب». وبهذه الإمكانات دخل الحرس الثوري الساحة الاقتصادية. نمو ملحوظ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وعندما احتاج نظام الملالي إلى إظهار أنه سينتقل من اقتصاد الدولة إلى الخصخصة من أجل مرافقة الموجة الجديدة من العالم، كان الحرس الثوري أفضل خياراته لتولي دور «القطاع الخاص». وبهذه الطريقة استولى الحرس على القطاع الخاص، وعلى الممتلكات التي تركها القطاع العام، لكن هذا القطاع الخاص كان مزيفا، حيث لم تتوقف إمكانات الحرس الثوري عند ما ورثه، وما وضع تحت تصرفه في نهاية الحرب، بل تمدد وتوسع حتى صرح عبادالله عبداللهي، قائد قاعدة «خاتم الأنبياء البناء» في ديسمبر 2014، وبمناسبة الذكرى الـ25 لتأسيس القاعدة، «لدينا 13000 أجهزة مختلفة في مجال الهندسة المدنية». وحتى تكتمل الصورة، بادر خامنئي إلى إجراء جملة من التصويبات على المادة 44 من دستور الخلافة الإسلامية، مهدت الطريق لنقل الملكية من الحكومة إلى الحرس الثوري، تحت عنوان «الخصخصة». وكانت الخصخصة مجرد شعار أريد به عمليا نقل الملكية إلى الحرس الثوري. شركات الحرس تظهر أسماء مئات الشركات كمتعاقدين خاصين لتنفيذ المشاريع في إيران، لكنها في واقع الأمر ليست إلا شركات الحرس الثوري. وقال عبادالله عبداللهي، «بلغت قوة هذه قاعدة خاتم الأنبياء 135000 شخص»، مدعيا أن 2560 منهم فقط هم القوة الرسمية للحرس، والبقية هي قوات شعبية. لكن تقارير رسمية أخرى لوكالة فارس، أوضحت أن 135 ألف شخص يعملون مع القاعدة بشكل مباشر، لكن أكثر من 500 ألف شخص يشاركون بشكل غير مباشر في العمل معها، في مجالات مثل الإسناد واللوجستيات. وفي إحصاء رسمي أعلن العام الماضي، ارتفاع عدد الموظفين المباشرين في القاعدة من 135 ألفا إلى 200 ألف موظف. تضارب تتضارب الإحصاءات المتعلقة بالقوة العاملة في قاعدة خاتم الأنبياء البناء، وهذا التضارب يبدو متعمدا ليس فقط لمحاولة إخفاء القدرات الحقيقية لها، ولكن كذلك فيما يتعلق بالشركات التي تعمل فيها، حيث أعلن الحرسي عبادالله عبداللهي عام 2014 عن تعاون 5000 شركة خاصة مع القاعدة، ولكن بعد شهرين من إعلانه زعم القائد العام للحرس الثوري الإيراني، أن عدد شركات القطاع الخاص التي تعمل حاليا، في قاعدة البناء مع الحرس الثوري سيتجاوز 4000 شركة. إن الفارق البالغ ألفا في إحصاءات الشركات الشريكة يثير الدهشة، نظرا إلى أنه من المؤكد أنه كان بإمكان المسؤولين الوصول إلى المعلومات الدقيقة الخاصة بالشركات العاملة تحت سيطرة الحرس الثوري، لكنهما فضلا إبقاء المعلومات عائمة بلا تحديد. مقاولون وكما يصر مسؤولو الحرس على إخفاء عدد القوى العاملة، والشركات، تطال كذلك مقاولي القطاع الخاص الذين يعملون معها، ففي صيف 2017 أعلنت وكالة فارس أن هناك 5000 مقاول من القطاع الخاص يعملون مع الحرس الثوري الإيراني. في شتاء العام نفسه، أعلن عبادالله عبداللهي، أن 4 إلى 5 آلاف مقاول يتعاونون مع قاعدة خاتم الأنبياء. تهميش تحاول قاعدة خاتم الأنبياء الإيحاء دعائيا بأنها تعمل مع آلاف الشركات والمقاولين المزعومين، وتستخدم هذه الأعداء كشركات ومقاولي غطاء، وتحقق بذلك غرضين في آن معا، فمن ناحية يحجب هذا القطاع أي قطاع خاص حقيقي في البلاد، ومن ناحية أخرى يستثني الشركات التابعة للجناح المنافس من الوصول إلى المشاريع الكبيرة. وحتى يظهر الحرس الثوري وكأنه يفسح المجال لبقية الشركات للعمل، وأنه لا يتدخل إلا في المشاريع الضخمة التي تعجز عنها إمكانات البقية، فقد أعلن الحرسي جعفري، القائد العام للحرس الثوري الإيراني في مايو الماضي، أن الحرس الثوري لن يدخل مشروعا تحت 100 مليار تومان. وأضاف أنه حتى إذا كان المشروع يتجاوز 100 مليار تومان، وكانت الشركات الخاصة تستطيع القيام به، فإن الحرس الثوري الإيراني سيتجاهل المشروع. لكن جعفري، ترك استثناء يهدم كل ما قاله، وهو أن الحرس سيتدخل في المشروع إذا كانت «الشركة الخاصة تريد إجحافا، وبالتالي سيتدخل الحرس الثوري لخلق المنافسة وتعديل السعر». مشاريع إستراتيجية من تصريحات جعفري وآبنوش، يمكن أن نستنتج أنه إضافة إلى الشركات الصغرى التابعة للحرس الثوري التي تأخذ مشاريع أصغر تحت اسم «القطاع الخاص»، فإن المشاركة في المشروعات الكبرى، وتلك التي لها تأثير إستراتيجي على اقتصاد البلد سيكون لمقر خاتم الأنبياء حصرا أو هذا المقر هو واحد من الأطراف النهائية لتلك المشروعات. وتعمل قاعدة «خاتم الأنبياء البناء» في ثلاثة مجالات: 1. النفط والغاز والبتروكيماويات. 2. المشاريع والصناعة. 3. إزالة الاستضعاف. وتشير الإحصائيات المقدمة حول عدد المشاريع في هذا الموقع إلى الوجود الكبير للذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني في قطاعات مختلفة من اقتصاد البلاد، على الرغم من هذه الإحصائيات، كما أن إحصائية عدد الموظفين والشركات الشريكة يمكن أن تكون غير واقعية تماما، ففي عام 2014 أعلن الحرسي عبادالله عبداللهي أن أكثر من 1600 مشروع يديرها الموقع في اتجاهات مختلفة. ثم قال بعد 5 أشهر «إن قاعدة خاتم الأنبياء، هي الوصي والمنفذ لأكبر المشروعات المدنية والصناعية في البلاد، والتي ولدت أكثر من 2000 مشروع محلي ووطني منذ إنشائها». وفي أغسطس 2017 كتبت «فارس» في تقرير أن «مقر خاتم قد استكمل بالفعل 2500 مشروع محلي ووطني منذ إنشائه». أكاذيب زعم سالار آبنوش، نائب مساعد منسق في قاعدة «خاتم الأنبياء البناء»، أن الموقع لم يدخل سوى مشاريع بقيمة تزيد على 150 مليار تومان، وأوضح «هناك مؤسسات وأرباب عمل يمكنهم إنجاز مشاريع أقل من هذا الرقم»، لكنه مع ذلك لم يرد على السؤال عما إذا كانت الشركات الأخرى تنتمي إلى الحرس الثوري الإيراني أم لا. تباين في إطار تجنب الحقيقة، وعدم كشف التحكم الكبير الذي يمارسه الحرس الثوري على الاقتصاد الإيراني، ذكرت وكالة «فارس» زورا أنه خلال حكومة الولاية الـ11، تم إنجاز 183 مشروعا فقط من قبل موقع خاتم. لكن تقارير رسمية ذكرت أنه فقط في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2014 تم تنفيذ 400 مشروع في مشاريع المقر الرئيس. ومن ديسمبر 2014 إلى أغسطس 2017 تم التكليف بـ500 مشروع آخر، ليبلغ المجموع 900 مشروع فقط بين يوليو 2014 وأغسطس 2017 أغسطس، هذا بينما كانت الولاية الـ11 من صيف 2013 حتى صيف 2017. لذلك من السهل أن نستنتج أن 183 مشروعا في الحكومة الـ11 كان كاذبة، أو أن 900 مشروع كانت فقط في غضون ثلاث سنوات من عمرها البالغ أربع سنوات، لذا يمكن القول بوضوح إن إحصائيات الحرس الثوري كاذبة أيضا. آثار مدمرة واحدة من المجالات الاقتصادية والإستراتيجية الرئيسية التي دخل فيها الحرس الثوري كان مجال المياه، وذلك من خلال ذراعه الاقتصادية، وكان لإدارة المياه في جميع أنحاء إيران آثار مدمرة لا رجعة فيها على البيئة واقتصاد البلد. قال عبادالله عبداللهي، مشيرا إلى رغبة خامنئي في حل مياه الشرب في قم، إن «موقع خاتم قد أكمل نقل المياه من رأس فروع نهر «دز» إلى قم في مشروع استمر لمدة عام ونصف العام». وقم تكتسي أهمية خاصة لخامنئي بسبب «حوزو علمية» في المدينة، جعلتها مركزا في تعليم الملالي الإيرانيين والأجانب، ولذلك يراها النظام كأنها مركز لتعليم الكوادر. ولتحصل قم على المياه، تم تجفيف آبار أهل لوريستان، وانعكس استمرار هذه الكارثة أيضا في الحد من ماء نهر «دز» بخوزستان التي أصبحت صحراء بسبب تجفيف أراضيها الرطبة. مشروع نقل المياه من رؤوس فروع «دز» إلى قم هو واحد فقط من إنجازات الحرس الثوري الإيراني للسيطرة على مياه البلاد. في عام 2014، أعلن عبداللهي أن الحرس الثوري الإيراني قام بعمل عظيم في مجال المياه، معلنا عن بناء خزان مياه حجمه 21 مليار متر مكعب، وفي صيف 2017، ادعت وكالة فارس أنه «الآن وفي جميع أنحاء البلاد، حوالي 45 إلى 50 مليار متر مكعب من خزانات المياه بنيت، ووفقا للأرقام الدقيقة فإن مقر خاتم أنجز أكثر من نصف هذه الخزانات. سيطرة تحكم الحرس الثوري بالمياه في إيران، وطالت سيطرته 8 مقاطعات هي أذربيجان الشرقية وأذربيجان الغربية وأردبيل وكردستان وكرمانشاه وإيلام وخوزستان. وركز جهده لجمع «المياه السطحية في هذه المقاطعات الثماني»، محتكرا هذا المشروع الكبير، ومستفيدا من تعاون المسؤولين الحكوميين، لكن الكارثة أن هذا المشروع أدى إلى تجفيف جزء كبير من بحيرة أورميا وإلى أزمة للمياه في خوزستان. وامتدت سيطرة الحرس لتطال المياه المتدفقة في الأنهار خلف السدود، حيث يقرر الحرس الثوري من هم ومقدار ما يمكنهم الاستفادة منه. مشاريع مجانية لا يقتصر عمل قاعدة خاتم الأنبياء للبناء على إيران وحدها، بل يتعداها متجاوزا الحدود ليعمل في مشاريع أخرى خارج البلاد، بغية تصدير الثورة وليس تحقيقا للمكاسب الاقتصادية أو الربح. وذكر المستشار الحقوقي، المسؤول عن مجلس الحرس الثوري الحرسي محمد رضا يزدي في عام 2011، أن أنشطة «قاعدة خاتم الأنبياء البناء» لا تقتصر على إيران. وأضاف «عدد من هذه الدول لم تتمكن بعد من الوفاء بالتزاماتها ومديونية لحكومة إيران و«قاعدة خاتم»، لكنها «قاعدة خاتم» أنجزت جزءا كبيرا من التزاماتها في الدول المتعاقدة والدول تلك سعيدة». قاعدة خاتم الأنبياء البناء 01 أبرز الأذرعة الاقتصادية التي يستخدمها الحرس الثوري 02 يستخدم لوصفها أسماء متعددة منها «القطاع الخاص» 03 تقصي أي شركات أخرى عن المنافسة بدعم المسؤولين الحكوميين 04 تسيطر بوساطة مقاولين وشركات تغطيةعلى تنفيذ المشاريع في إيران 05 تمتد نشاطاتها خارج البلاد بهدف تصدير الثورة وليس تحقيق الربح 06 تتولى بشكل علني المشاريع التي تزيد على 100 مليار تومان أبرز نشاطاتها النفط والغاز والبتروكيماويات المشاريع والصناعة إزالة الاستضعاف تدير الثروة المائية في إيران يعمل بها نحو 200 ألف شخص بشكل مباشر، و500 ألف بشكل غير مباشر نفذت 2500 مشروع على مستوى البلاد منذ تأسيسها

مشاركة :