وجه زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو انتقادات حادة لرئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان بسبب ما سماه «عدم حياديته» رغم أنه «أقسم بشرفه وعرضه على أن يكون حياديا عندما تسلم رئاسة البلاد». وطلب كليتشدار أوغلو في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» من إردوغان أن يكون صادقا للقسم الذي أدلى به أمام البرلمان، معتبرا أن رئيس الجمهورية يتصرف كالسابق، أي كزعيم لحزب العدالة والتنمية ورئيس للحكومة، مضيفا أن أحمد داود أوغلو «الذي أجلسه على كرسي رئاسة الوزراء في الحقيقة هو ليس رئيسا للوزراء لأنه لا يستخدم صلاحياته أو لا يسمح له باستخدامها». وتوقع زعيم المعارضة أن يستمر إردوغان «في خرق القوانين في المستقبل» وأن ينزل إلى الميادين ليطلب من الناخب التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية. لكن كليتشدار أوغلوا بدا واثقا جدا من عدم نجاح إردوغان في فرض تغيير النظام السياسي التركي، إلى نظام رئاسي «حتى لو حصل على الأغلبية البرلمانية الكافية». وفيما يلي نص الحوار: * كيف تقيمون أداء رجب طيب إردوغان بعد توليه رئاسة الجمهورية؟ - في البداية، أود أن أركز على أن إردوغان انتخب رئيسا للجمهورية من قبل الشعب، لكنه حصل على نسبة من الأصوات أقل مما كان يتوقع، ولهذا أصيب بخيبة أمل لأنه كان يتوقع نسبة أعلى من الأصوات لاعتلاء كرسي الرئاسة. ثانيا، دستوريا يبدأ رؤساء الجمهورية صلاحياتهم القانونية بعد القسم الدستوري في البرلمان التركي، لكن إردوغان قبل اعتلائه كرسي الرئاسة ضرب القوانين الدستورية عرض الحائط، إذ إن قانون الانتخابات الرئاسية ينص على أنه على المرشحين لرئاسة الجمهورية أن يستقيلوا من مناصبهم الرسمية، غير أن إردوغان كان يعتلي رئاسة حزب العدالة والتنمية ورئاسة الوزراء وهذا مخالف دستوريا لقانون الانتخابات. هذه التصرفات ضايقتنا كحزب كثيرا جدا. نحن كمؤمنين بالديمقراطية احترمنا دخوله البرلمان وأداءه اليمين، لكن كنا وما زلنا نطلب من إردوغان أن يكون صادقا للقسم الذي أدلى به أمام البرلمان بأن يكون رئيسا محايدا، لأنه أقسم بشرفه وعرضه أن يكون محايدا، لكن تصرفاته تدل على أنه لا توجد لديه أي معضلة بأن يكون غير محايد، وهو يتصرف كالسابق، أي كزعيم لحزب العدالة والتنمية ورئيس للحكومة، وأحمد داود أوغلو الذي أجلسه إردوغان على كرسي رئاسة الوزراء في الحقيقة هو ليس رئيسا للوزراء لأنه لا يستخدم صلاحياته أو لا يسمح له باستخدامها. والأدلة كثيرة جدا فأحمد داود أوغلو يصرح بشيء ما فنسمع ردا سريعا من قصر «بيش تبة» ينتقد أو يغالط تصريحاته، داود أوغلو يقوم في اليوم الثاني بتصحيح ما قاله ليتماشى مع تصريحات القصر الجمهوري. نحن كحزب الشعب الجمهوري نؤمن بأن إردوغان لا يقوم بواجبة كرئيس للجمهورية في حدود القوانين التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو الآن فعليا يمارس السياسة لصالح حزبه وسيستمر في خرق القوانين في المستقبل في وقت البلاد ذاهبة إلى انتخابات وسينزل إلى الميادين ليطلب من الناخب التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية. * الرئيس إردوغان يسعى إلى تغيير النظام في تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، ماذا سيفعل حزب الشعب الجمهوري حيال هذه المساعي؟ - أكررها في كل مناسبة وخاصة أمام مجموعتنا البرلمانية.. أقول في ظل وجود حزب الشعب الجمهوري تحت سقف البرلمان التركي لن يستطيع رجب طيب إردوغان تطبيق النظام الرئاسي في تركيا، لن نسمح له بهذا. في المقابل لن يتقدم حزب العدالة والتنمية بمثل هذا الطلب للبرلمان التركي ولن يجرؤ على هذا أبدا. والأهم من هذا أن أعضاء حزب العدالة والتنمية لا يعرفون حتى الآن ماذا يريدون ولا يوجد اتفاق في وجهات النظر فيما بينهم حول الموضوع. إردوغان يريد الرئاسة على معاييره شخصيا، ولا يمكن أن يتغير نظام في بلد ما لأجل شخص واحد، لا يمكن أن يتغير نظام لتأمين مستقبل شخص واحد سواء كان إردوغان أو غيره. نحن نريد أن تكون تركيا في مجموعة الدول الحضارية، ولا نريد أن تتحول تركيا إلى بلد يحكمه ديكتاتور، تركيا لا تتحمل هذا أبدا خاصة إن كان الرئيس انتخب بطرق ملتوية مثل إردوغان. هدف إردوغان من وراء طرح موضوع تغيير النظام هو إشغال الرأي العام بهذا الموضوع حتى لا يركز الناس على المعضلات المزمنة في البلاد، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية والفساد والبطالة التي استفحلت في البلاد حيث وصل عدد العاطلين المسجلين إلى 5.5 مليون عاطل، و30 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، وبهذا الشكل يشغل الرأي العام بموضوع تغيير النظام. * ماذا لو استطاع الحزب الحاكم الحصول على الأغلبية البرلمانية الكافية لتعديل الدستور؟ - نحن مطمئنون إلى هذا الموضوع. حتى لو كان بيدهم الأغلبية فإن موضوع تغيير النظام لن يتم قطعيا. * كيف يستعد حزبكم لخوض الانتخابات؟ - انتهينا من إعداد استراتيجية الحزب في الانتخابات، كما أن اللجان الشبابية والنسائية وأعضاء البرلمان يقومون بجولات في مناطقهم لقياس نبض الشارع التركي ويعملون بالتنسيق المباشر مع مركز الحزب. سنركز في حملتنا الانتخابية على الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد والتي ستكون محور الدعاية الانتخابية، لأن جميع استطلاعات الرأي العام تفيد بأن البطالة هي التي تحتل المرتبة الأولى بالنسبة للشارع التركي، ولهذا يجب على تركيا أن تحل معضلة البطالة، كما أن الفساد الذي استفحل في عهد العدالة والتنمية سيكون من أهم المواضيع التي سنركز عليها في الدعاية لأن هدفنا أن نجعل تركيا خالية من الفساد والمحسوبية. * هل تعتقد أن حزب الشعب الجمهوري سيرفع من نسبة أصواته في الانتخابات المقبلة؟ - رغم أن الحملة الانتخابية لم تبدأ بعد ويوجد عدة أشهر للانتخابات، فإن استطلاعات الرأي تفيد بأن الحزب يتمتع بنسبة تتراوح بين 28 إلى 29 في المائة من أصوات الناخبين. ولهذا أقول إن الحزب سيتعدى 30 في المائة من نسبة الأصوات. * هل أنتم مستعدون لدخول حكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية أو غيره إذا لم ينجح في تأليف حكومة منفردا؟ - حين ذلك ننظر إلى الوضع والأحزاب ولكن لن تترك البلاد دون حكومة، ومن الطبيعي أن تقوم الأحزاب بالتشاور مع الأحزاب الأخرى في حال عدم استطاعة أي منها تشكيل حكومة من حزب واحد، ومن الطبيعي إذا تم الاتفاق على العناوين الرئيسية والأساسية يتم إعداد برنامج حكومي مشترك يقدم للبرلمان ومن ثم يطرح للتصويت عليه. حكومات العدالة والتنمية تدير شؤون البلاد منذ 13 عاما، لكن الحزب لم يستطع حل معضلات الشعب التركي بل ادخل البلاد داخليا وخارجيا في مجموعة من المعضلات ولم ينجح في أي جهة فالاقتصاد في الحضيض والحالة الاجتماعية للمواطن حدث بلا حرج، وفشل كبير جدا في العلاقات الخارجية، فشل في علاقات الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط، وتحولت تركيا من دولة تكسب أصدقاء في العالم إلى دولة تعادي العالم وخاصة دول الجوار. * ما مآخذكم على السياسة الخارجية لتركيا؟ - اليوم تركيا لا يوجد لها تمثيل دبلوماسي على مستوى السفراء في أهم 3 عواصم في الشرق الأوسط: دمشق والقاهرة وتل أبيب. مصر لم تقبل سفيرنا في القاهرة والسبب في هذا السياسة الخارجية التي تتبعها تركيا حيال تلك الدول، وإردوغان عندما كان رئيسا للوزراء قام بانتقاد حاد لمصر. نحن لا يوجد لدينا أي حق للتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد في العالم، بل في القانون الدولي لا يوجد حق لأي بلد في أن يتدخل في شؤون بلد آخر، وما قام به إردوغان هو اتباع سياسة خارجية بنيت على أساس مذهبي. * كيف سيعيد حزب الشعب الجمهوري العلاقات مع دول الجوار والمنطقة إذا وصل إلى السلطة؟ - نحن في تركيا توجد لنا علاقات عقائدية وتاريخية لأكثر من ألف عام مع الشعب العربي، عاداتنا وتقاليدنا مشتركة مع دول الجوار. توجد عائلات في تركيا وأقاربها في الدول الأخرى ومنذ الأزل والجمهورية تطبق مقولة السلام في البلاد السلام في العالم، وسنستمر في تطبيق نفس القاعدة لن نتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، وسنعمل على توطيد العلاقات الثقافية والاقتصادية والدبلوماسية مع مصر ومع الجميع. والجميع يعرف أن القضية الأساسية في الشرق الأوسط هي قضية فلسطين ونؤمن بأنه لا يمكن أن يكون هناك أي استقرار إلا بحل المعضلة الفلسطينية على أساس إقامة دولة حرة مستقلة لفلسطين. سنجعل من تركيا دولة لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى بل دولة تحترم قرارات الشعوب في تلك الدول، هذا ما نؤمن به وحزب الشعب الجمهوري سيعيد إرساء السلام في المنطقة وسنقوم بحملات ثقافية بينية مع دول المنطقة وسنفتح الباب أمام المنح الدراسية للطلاب من جميع الدول العربية. الجرح الذي فتحه حزب العدالة بين تركيا وشعوب المنطقة عميق جدا، لكننا بصدق وبنية صافية سنستطيع رغم كل شيء معالجة الجرح وسنعيد العلاقات مع تلك الشعوب. نحن نرفض هذه السياسة اللاعقلانية المتهورة التي يتبعها حزب العدالة والتنمية ونركز على أن تكون علاقتنا بدول الجوار على أساس احترام السيادة المتبادل. اليوم وصل عدد اللاجئين السوريين إلى مليوني لاجئ، والأغلبية العظمى منهم يعيشون في أوضاع سيئة جدا. سنعمل على إعادة العلاقات الجيدة مع الشقيقة سوريا ومع دول الشرق الأوسط وسنعمل على أن يستقر الوضع في سوريا حتى يعود اللاجئون إلى بلادهم ليتمتعوا بالسلم في أراضيهم، فإذا حققنا هذا فإن تركيا ستكون قد خطت خطوات مهمة لتحقيق السلم في المنطقة. * قلتم إن الحزب الحاكم لم يحل أيا من مشاكل تركيا، فلماذا إذن يحقق في كل انتخابات نجاحا مقابل فشل للمعارضة؟ - عندما أقول إنه لم يحل أيا من معضلات تركيا هذا صحيح، لكنه حل معضلات المقربين منه الذين أصبحوا من أغنياء تركيا. أقارب إردوغان من العائلة ورؤساء تشكيلات الحزب في المدن والأحياء هؤلاء جميعا أصبحوا من الأغنياء. لا يمكن أن ترى حكومة تسرق دولتها، وبعد أن وقعت فضيحة الفساد استطاعوا بحنكة سياسية أن يغلقوا الملف دون خجل، وفي هذا الموضوع أيضا حققوا نجاحات باهرة. ولو نظرنا إلى القرارات السياسية التي يطبقها العدالة والتنمية لرأينا أن أهم الأسس التي بني عليها الاقتصاد الحالي بدأت في عهد الرئيس السابق بولند أجويد الذي أصدر قوانين لتنظيم القطاع المصرفي في البلاد وأقام مؤسسات لتنظيم المناقصات الحكومية. العدالة والتنمية استمر في تطبيق وجني ثمار ما زرعه أجويد في النظام الاقتصادي ولم يخرج عن خريطة طريق أجويد. ليس فقط شعبنا الذي خدع بالعدالة والتنمية بل الاتحاد الأوروبي أيضا. فقد استطاع الحزب أن يخدعه، والآن أقتنع بان هذا الحزب لا يؤمن بالديمقراطية لأنه كان يتشدق بالحرية وحقوق الإنسان وحق التعبير. العدالة والتنمية استطاع أن يسخر مجموعة من المثقفين والمتنورين في صفوفه لإعداد خارطة طريق له في كل مرحلة، ونسمي هذه المجموعة بأنها مجموعة «الجمهوريون الثانية»، كما استطاع أن يقيم مجموعات إعلامية كبيرة ومتنوعة لكي تنقل صوته في كل مناسبة إلى المواطن. في المقابل المعارضة تقوم بإعداد الندوات وتتكلم في البرلمان والمجموعات البرلمانية لكنها لا تجد لنفسها مكانا في الإعلام المرئي والمكتوب. كما أن تركيا دولة كبيرة مترامية الأطراف فإذا لم تكن على شاشات التلفاز فكيف ستنقل وجهه نظرك إلى العامة. في المقابل إردوغان يصرح بشيء ما صباحا، ومساء تشاهد جميع قنوات التلفاز تطرح تصريحاته خبرا أول ومن ثم تستضيف النخبة من الإعلاميين والصحافيين ليركزوا على أن تصريحات إردوغان محقة وصائبة. يتعرض الشارع التركي لعملية غسيل دماغ مستمرة، وزاد عليها استخدام عنصر الدين كبهارات لتثبيت وجهات النظر ولتبرير فسادهم وسرقاتهم على أساس أنها شرعية من الناحية الدينية. وقبل هذا استطاعوا السيطرة ووضع اليد كحكومة على بعض المؤسسات الإعلامية الكبيرة ومن ثم بيعت للمقربين لهم بأبخس الأسعار لتكون بوقا من أبواق السلطة. * حزب الشعب الجمهوري تاريخه من تاريخ الجمهورية، لماذا لم ينجح الحزب في تحقيق ما حققه حزب العدالة والتنمية خلال 10 سنوات؟ - حزب الشعب الجمهوري اعتلى السلطة دائما في حقبة الأزمات وكان آخرها حكومة أجويد. عندما تدخل البلاد في أزمات اقتصادية حادة يأخذ الحزب السلطة. أجويد ترأس الحكومة في ظل أزمة اقتصادية حادة، بصفته المخلص للبلاد، لأن الحزب يأخذ القرارات الحاسمة لصالح البلاد ولهذا يدفع فاتورتها غالية الثمن في الانتخابات. ففي الستينات كان حزب الشعب الجمهوري الأقرب إلى السلطة ووقع الانقلاب ولم يستطع الحزب عمل شيء. في الثمانينات أيضا كان الحزب هو الأقرب للسلطة ووقع انقلاب قاده كنعان ايفيرن وبهذا أغلق الباب أمام الحزب للوصول إلى السلطة. وفي السبعينات كان اليسار يتألق في تركيا وقبل الانتخابات بقليل حصل الانقلاب أيضا وأغلق الطريق أمامه إلى السلطة. يتهمون حزب الشعب بأنه حزب الضربات العسكرية، لكن في الحقيقة هو الحزب الأكثر الذي عاني ويعاني من الانقلابات العسكرية. فبعد جميع الضربات تضع الدولة يدها على ممتلكات الحزب ويعتقل جميع رؤساء الحزب وقادته ويوضعون في السجون كما يقتل العشرات من أعضاء الحزب. في المقابل، فإن حزب العدالة والتنمية وما يمثله من تيار سياسي لم يتضرروا قطعيا من الانقلابات العسكرية. * لكنهم حاكموا قادة الانقلابات.. - هم يتشدقون اليوم بأنهم سيحاسبون من قام بالانقلاب فقط لذر الرماد في العيون. رئيس الانقلاب كنعان إيفيرن يعيش في مدينة انطاليا حرا طليقا. نحن نعتبر أنفسنا من الأحزاب التقدمية الحضارية في العالم ولن نحاسب من قام بأذيتنا. حزب العدالة من هذه الأحزاب حيث وعد بتحقيق 3 أشياء قبل مجيئه للسلطة، أولها محاربة الفساد، والآن هم من أكثر الناس المتورطين في الفساد. ووعد بمكافحة الفقر، فوصل اليوم عدد الفقراء إلى 29 مليون نسمة، وعد بأن تكون تركيا خالية من القوانين التي تحد حرية الإنسان والإعلام التي وضعها الانقلابيون، واليوم أضافوا إلى تلك القوانين قوانين حظر أخرى، نحن حزب نقوم بالنقد والنقد الذاتي ففي بعض المراحل كانت مواقفنا أو تصريحاتنا خاطئة اليوم نقوم بعدم الوقوع في مثل هذه الأخطاء. ورغم جميع هذه الأخطاء فإننا نؤمن بأننا سندير تركيا أفضل منهم بمئات المرات، لأننا سنطبق سياسة شفافة تحترم الكادحين وعرق الجبين، سياسة يربح بها الجميع ولا خسارة لأحد فيها. * أنتم متهمون بأنكم على علاقة بجماعة الداعية فتح الله غولن، أو «الكيان الموازي»، فما هي طبيعة هذه العلاقة؟ - نحن حزب علماني تقدمي نرفض تدخل الجماعات الدينية في السياسة وكذلك في حزبنا، ولا توجد بيننا وبين الجماعة أية علاقة أو مساومة على أي موضوع. نحن نرفض ونمنع أن يتدخل الدين في السياسة لأننا حزب علماني وهذا موقف طبيعي وعادي من حزبنا، لكننا نقف إلى جانب أي إنسان تعرض للظلم أو تعرض لممارسات غير قانونية فهنا لا ننظر إلى انتمائه المذهبي ولا العرقي ولا إلى وضعه الطبقي. اعترضنا على اعتقالات قضية الارجنكون؛ فقد كان هناك اختراق لجميع القوانين والأعراف التركية، واليوم نعترض على إجراءات الحكومة بوضعها اليد على «بنك آسيا» لأنه قرار غير اقتصادي، وهو قرار سياسي، فإذا سمحنا لهم بوضع اليد على البنك فغدا سيضع اليد على بنك آخر وعلى محل بقالة فلان وفلان. هيئة مراقبة النظام المصرفي والبنوك في تركيا تعمل كسوط بيد حكومة العدالة، ومن ثم يتم بيع أو تحويل هذه المؤسسات بأرخص الأسعار إلى المقربين من رجال الأعمال إلى الحكومة كما فعلوا هذا بتلفزيون «أ.ت.ف» وصحيفة «صباح» وصحيفة «أقشام» قبل سنوات. أكرر أنه لا يوجد بيننا وبين الجماعة أي اتفاق أو أي تنسيق، وكل ما يقال فقط هو عبارة عن كلام وحملة تشويه لا يوجد لها مكان من الصحة. المخابرات تأتمر بأوامر الحكومة فلو كان الأمر كما يدعون، لوجدنا الصور والتسجيلات في وسائل إعلامهم منذ أشهر. يحاول العدالة والتنمية بهذه الحملة أن يغطي على فضيحة الفساد عام 2013 بالتمويه بأن حزبنا ينسق من حركة فتح الله غولن، لكن الحقيقة هي أنه لا توجد لنا أي علاقة بالجماعة، بل بالعكس كنا وما زلنا من المعارضين لتمركز منتسبي الجماعات الدينية في مراكز حساسة في الدولة. عندما عين 160 قاضيا في المحاكم العليا كنا قد اعترضنا على هذه التعيينات لأنهم جميعا من المقربين من الجماعات الدينية، كما أبدينا موقفنا عند تعيين عمداء الجامعات وحكام الولايات أيضا. اليوم يقولون إنه ضحك عليهم من قبل الجماعة، وبهذا الاعتراف يؤكدون وجود تعاون وثيق بين الطرفين. ليس منطقيا أن يكون بينكم اتفاق وتعاون لمدة 12 عاما وعندما كشفوا فسادكم تتهمون حزب الشعب الجمهوري بأنه يدعم ما تسمونه «الكيان الموازي». * حسب وجهة نظركم هل كانت أحداث 17 و25 من ديسمبر (كانون الأول) 2013 انقلابا؟ - لم تكن انقلابا بل كانت عملية لملاحقة الفاسدين، فلو كانت انقلابا كما يدعون لماذا إلى هذا اليوم لم يعتقل ولم يقدم المدعي العام مذكرة تفيد باعتقال أشخاص على ذمة التخطيط للانقلاب. حتى الذين اعتقلوا في الفترة الأخيرة لم يوجه المدعي العام لهم تهمة التخطيط لانقلاب. فرئيس تحرير صحيفة «زمان» أكرم دومانلي طليق الآن، فقط (مدير عام مجموعة سمانيولو) هدايت كرجا موقوف. لو كان هناك انقلاب فأين الأسلحة وأين المقاتلون وأين الدبابات وأين الطائرات التي كانوا سيستخدمونها في الانقلاب. * ما موقف الحزب من المعضلة الكردية وما الحلول التي يطرحها الحزب لحل المعضلة؟ - نحن في حزب الشعب الجمهوري أول من نادي بحل المعضلة الكردية على أساس الحريات والديمقراطية ونؤمن بهذا جيدا، ومن أكثر السياسيين الذين يركزون على أن الحل لا يمكن أن يكون عن طريق الأمن بجميع فروعه، ولهذا أصدرنا بيانا من 17 مادة تتعلق بالحريات في تركيا. فإذا كان هناك حزب صادق في طروحاته لحل القضية الكردية فإن عليه في البداية أن يقوم بخفض نسبة الحاجز النسبي في الانتخابات في البلاد، وعلى هذا الصعيد فقط حزب الشعب الجمهوري هو الذي قدم ورقة عمل لخفض النسبة، لكنها لم تجد آذانا صاغية. فمن يرد أن يحل المعضلة الكردية فعليه خفض نسبة الحاجز النسبي في الانتخابات لإتاحة المجال للإرادة الكردية لأن تتمثل في البرلمان. والغريب في الموضوع أن حزب ديمقراطية الشعب (الكردي) لا يركز على هذا قطعيا، فكان يجب عليه أثناء جولات المفاوضات مع الحكومة أن يكون شرطه الأول خفض الحاجز النسبي سواء إلى 5 أو 3 في المائة فنحن مستعدون لدعمه في البرلمان. * هل تخاف على مستقبل تركيا؟ - لا يوجد عندي أي خوف أو قلق على مستقبل تركيا، لأن تركيا ستقوم بتقوية أسس الديمقراطية بها رغم كل شيء وما تعيشه تركيا من صدمات ما هي إلا دفعات لترسيخ الديمقراطية بها. أنا لا أخاف على مستقبل تركيا لأن حزب الشعب الجمهوري هو صمام الأمان للنظام العلماني والديمقراطية في البلاد.
مشاركة :