بين ما قدّمه سينودس الأساقفة وموضوعه الشباب والذي عقد في أكتوبر الماضي، ومؤتمر الشباب العالمي في باناما والذي سيبدأ غدًا وحتى 27 من يناير الجاري، هناك رابط قويّ بين الحدثين اللذين كرّستهما الكنيسة للشباب بين نهاية عام 2018 وبداية عام 2019 هذا ما سلّط عليه الضوء الكاردينال بييترو بارولين أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان.وفي تصريحه لـ"فاتيكان نيوز"قال الكاردينال بارولين هذا اليوم العالمي للشباب الذي يعقد في باناما يأتي مباشرة بعد انعقاد سينودس الأساقفة حول الشباب في أكتوبر الماضي. وبالتالي أفكّر أن الروح الذي سيحرّكه وسيحرك الأب الأقدس أيضًا هو الروح عينه الذي حرّك السينودس: روح فرح كبير.لقد عشنا أيامًا حماسيّة فعلاً وقد ساعدنا على ذلك وجود الشباب وأعتقد أن هذا الروح سيتضاعف بسبب العدد الكبير للمشاركين في اليوم العالمي للشباب في باناما. أعتقد أن هذا الروح يصبح ملموسًا في بعض التعليمات أيضًا وأولها أنَّ الشباب هم جزء من الكنيسة، وهذا ما أكّده السينودس إذ أن الشباب ليسوا محاورين خارجيين وإنما أعضاء في الكنيسة بكل ما للكلمة من معنى ويعيشون حياتها ويشاركون في رسالتها. لذلك ينبغي على الكنيسة وجميع الوقائع الكنسية الأخرى أن تلتزم بشكل مزدوج: التزام يُلخّص بفعلين قد ميّزا الوثيقة الختامية للسينودس وهما الاصغاء والمرافقة؛ لا بل أقول إصغاء متبادل أي أن تصغي الكنيسة للشباب ولطموحاتهم ومثلهم وإنما أن يصغي الشباب أيضًا إلى الكنيسة التي ترافقهم.وكشف الكاردينال بارولين عن الدعوة التي يوجّهها البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للشباب إذ يحثّهم لكي يتحلوا بـ"القوّة والإدراك لتغيير العالم". وقال أعتقد أننا نريد جميعًا أن نغيّر العالم إذ ما من أحد لا يرغب في أن يجعل العالم أفضل مما هو عليه. ولكن الأمر يتعلّق بكيفيّة تغيير العالم، ويشير البابا إلى العذراء مريم وبالتحديد إلى الـ "نعم" التي قالتها للرب إذ تصبح علامة ملموسة لأسلوب يقوم على الإصغاء العميق لمشيئة الله، وهذا ما قامت به مريم. فنضع أنفسنا في تصرّف هذه المشيئة عالمين أنَّه لا يمكن تغيير العالم بالقوّة والسلطة والعنف وإنما بالتحقيق اليومي لمخطط الله للتاريخ والبشر، والذي هو على الدوام مشروع سعادة وخلاص. وبالتالي فالنظر إلى مريم يعني أن نقبل أن نتشبه بها وأن نحوّل العالم على مثالها إذ أعطتنا يسوع.وفي جواب على سؤال حول ما سيقوله البابا فرنسيس للشباب في هذا اليوم العالمي الذي يشارك فيه أيضًا شباب من السكان الاصليين قال أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان إن ثقافات الشعوب الاصلية قد تألّمت كثيرًا عبر الزمن إذ تعرّضت للازدراء من قبل الذين كانوا يعتبرون أنفسهم يملكون ثقافات أسمى وهي تتألّم اليوم بسبب "ثقافة الإقصاء" التي يذكّر بها البابا فرنسيس على الدوام كأحد شرور زمننا؛ ولذلك اعتقد ان الرسالة ستكون بتقييم هذه الثقافات: ثقافات يمكنها بالتأكيد أن تأخذ ولكن يمكنها أيضًا أن تساهم بشكل أساسي إذ يمكن لشباب هذه الثقافات أن يقدموا اسهامًا جوهريًا للتنمية والتقدّم في عالمنا. لذلك أريد أن أقول للشباب بألا يخجلوا مما هم عليه وإنما فليفتخروا به لأنّه بإمكانهم أن يقدموا إسهامًا كبيرًا لاسيما في إطار حياة تقوم على العلاقات، وأن يبنوا علاقات وروابط مع جذورهم وينخرطوا في العالم المعاصر حاملين معهم قيمهم وميزاتهم.تابع الكاردينال بييترو بارولين مجيبًا على سؤال حول الرسالة التي سيحملها البابا للكنيسة وللشباب ليعيد إليهم الثقة وقال أعتقد أننا بحاجة للثقة والرجاء اليوم، نحن بحاجة لهما بغضِّ النظر عن الحلول الملموسة في إيجاد القدرة على القيام بالمشاريع والتفكير بعالم مختلف وأفضل يتمُّ فيه احترام وتقييم كرامة كل فرد وحقوقه. وبالتالي اعتقد أن البابا، قبل كلِّ شيء وكما يفعل دائمًا في لقاءاته مع الشباب سيطلق هذه الرسالة: "لا تفقدوا العزيمة، سيروا قدمًا، تعرفون أنّه بإمكانكم القيام بشيء ما وبأنّه بإمكانكم أن تطبعوا هذا التاريخ. ومن ثم أريد أن أقول – مذكرًا برسالة البابا لليوم العالمي للسلام – إعلموا أن السياسة، بالإضافة على العمل التطوعي، هي مجال يمكنكم أن تلتزموا فيه لكي تغيّروا العالم.ولكنها بالتأكيد السياسة التي يقدّمها البابا فرنسيس في رسالته أي سياسة في خدمة الخير العام، أي خير الجميع وخير الأفراد. لذلك التزموا أيضًا في هذا المجال لأنّه بإمكانه أن يكون إطارًا مهمًّا وثمينًا للعمل من أجل تغيير العالم. كما أنني أرغب في أن يحمل كل مشارك في اليوم العالمي للشباب في باناما إلى بيته هذا الالتزام بإعلان الإنجيل بالكلمات نعم وإنما وبشكل خاص من خلال حياته وشهادته للآخرين، لأنهم بإمكانهم أن يُشركوا أترابهم بشكل قوي لأنّهم يتقاسمون العمر والثقافة والطموحات وكلَّ ما يميّزهم.
مشاركة :