أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، أهمية الشعر النبطي ودوره في توثيق الحوادث والانتصارات، ونقل العلوم المختلفة للأجيال اللاحقة.جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سموه، مساء أمس الأول، في افتتاح مجلس الحيرة الأدبي، الواقع على كورنيش بحر الشارقة، ويعد رمزاً لاستعادة الحركة الثقافية والأدبية والفنية في بلدة الحيرة.ورحب صاحب السمو حاكم الشارقة في بداية حديثه بالشعراء والمثقفين في مجلس الحيرة الأدبي، مشيراً سموه إلى الأهمية التاريخية لبلدة الحيرة التي يعود تاريخها إلى آخر العهد الجاهلي، الذي كان جهلاً بالإيمان وليس بالثقافة والأدب والشعر، وأن الحيرة في الشارقة أخذت هذا الاسم من هذه البلدة.وأشار سموه إلى أن الحيرة كانت لها مجالس عامرة بالأدب والشعر على أيام المناذرة، والمناذرة والغساسنة قوم جاؤوا من اليمن، وانزاحوا إلى الشمال، فكان المناذرة في الحيرة، والغساسنة في الشام، لافتاً سموه إلى حدوث نوع من التنافس بينهم.ولفت إلى حدوث المساجلات الشعرية بين الشعراء قديماً، ومنها قصة الشاعر العربي النابغة الذبياني الذي عاتبه قومه على تركه لهم وتوجه إلى سوق عكاظ في مكة، حيث قال قصيدته التي علقت على أستار الكعبة، فكان من النابغة أن كتب قصيدة أجمل مما قيل في المعلقة.وبين أن أهل الحيرة قديماً من السناطير، وهم قوم مسيحيون أتوا من الشمال، ولم يكن لديهم لغة ولا أدب، ولكن كان هناك أمراء، وفي كل بيت أمير مجلس، وكان الأمراء أغنياء لكون أهل الجزيرة يمرون من هناك فيأخذون منهم المكوس والمال، فكان أول شيء عملوه طوروا الأدب والشعر، وبذلك كانت الحيرة هي آخر حاضرة من حواضر الأنباط، الذين أخذوا الثقافة من الشمال من الآراميين.وسرد سموه عدداً من النتائج التي توصل إليها خلال بحثه في جذور الثقافة العربية، حيث وجد أن بحور الشعر المعروفة لدى العرب هي نفسها التي كانت لدى الآراميين، والظاهر أنهم أخذوها عنهم.وتابع أن الآراميين كانوا أصحاب ثقافة وتجارة، وأخذت الدولة الفارسية من ثقافتهم، وتواجد مع هؤلاء الآراميين الأنباط، الذين أخذوا الثقافة منهم ونقلوها إلى داخل الجزيرة، وكانوا ملوكاً، حكموا منطقة البتراء، فأرادوا إيصال أخبار انتصاراتهم في الحروب إلى وسط الجزيرة، فقاموا بكتابة الشعر النبطي، وهو عبارة عن رسائل بالانتصارات، حيث لم يكن هناك إعلام كما هو اليوم، فبدأ هذا الشعر ناقلاً، ينقل الحوادث والانتصارات، ولذلك نجد الشعر النبطي عذباً وسلساً.وتناول سموه أهمية الشعر النبطي ودوره في توثيق الحوادث والانتصارات ونقل العلوم كالجغرافيا وغيرها، وليس مقتصراً على نقل مشاعر العشق والهوى، لافتاً سموه إلى أن الشعر النبطي سمي بالشعبي لكونه يصل إلى الناس والشعوب وينتشر.وأعرب سموه عن أمله أن يكون مجلس الحيرة الأدبي مكاناً عامراً بالشعراء عبر إقامة الندوات والمحاضرات والمساجلات بين الشعراء، التي تعكس مدى تمكن الشاعر، والتاريخ الإماراتي يزخر بذلك.وتناول أهمية العناية بإخراج وتحقيق القصائد القديمة والتراثية بصورة جيدة، مشيداً بجهود المغفور له حمد بو شهاب في هذا المجال، وقال سموه «إن شاء الله في الفترة المقبلة نعد بإخراج الشعر القديم بتفاسيره، حيث نستفيد منه في التفسير والمناسبات. ونحن لدينا مخطوطات كثيرة، ونتمنى أن يعتني المجلس بالأشياء السابقة واللاحقة، وسنضع موازنة خاصة لطباعة الشعر الجيد».وأوصى سموه الشعراء بضرورة العناية بقصائدهم، وتنقيحها تنقيحاً جيداً، وأن يهتموا بجودة قصائدهم، وليس بكثرتها، قائلاً «نحن نريد شيئاً جيداً، ونود خدمة الشعر والشعراء، وإن شاء الله هذا المجلس يقوي الشعر والشعراء وينشر لهم ويجمعهم، وكذلك الشاعرات، نقول لهن: هذا مكانكن، وكل شيء تودونه من نشر وإقامة ندوات»، متمنياً سموه في ختام حديثه التوفيق والنجاح للمجلس والقائمين عليه وللشعراء.وتجول سموه في أروقة مبنى مجلس الحيرة الأدبي - بعد إزاحة الستار عن اللوح التذكاري إيذاناً بالافتتاح الرسمي - ويحوي المبنى عدداً من القاعات ومكتبة تضم 6 آلاف عنوان في مختلف الموضوعات في التاريخ، والأدب، والفنون، والتراث، وغيرها، إضافة إلى مسرح لإقامة الفعاليات المختلفة، وغرفة اجتماعات، ومجموعة من المجالس المغلقة والمفتوحة.حضر الافتتاح إلى جانب سموه، الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، والشيخ محمد بن حميد القاسمي مدير دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، وعبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، واللواء سيف الزري الشامسي قائد عام شرطة الشارقة، وعلي بن شاهين السويدي رئيس دائرة الأشغال العامة، ومحمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وعلي حسين المزروع مدير عام دائرة الرقابة المالية، وبطي المظلوم مدير مركز الشارقة للشعر الشعبي، ومحمد البريكي مدير بيت الشعر بالشارقة.(وام)
مشاركة :