انخفض معدل البطالة في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوياته في 44 عاما، وفق بيانات رسمية أمس، فيما تجاوز سوق العمل عدم اليقين الذي سببه "بريكست". ووفقا لـ"الفرنسية" بقيت نسبة القوى العاملة العاطلة عن العمل عند 4 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة لشهر تشرين الثاني (نوفمبر)، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1975، كما أكد مكتب الإحصاءات الوطنية. وانخفض هذا المعدل من نسبة 4.1 في المائة سجلها في تشرين الأول (أكتوبر)، كما أكد مكتب الإحصاءات في بيان، فيما لم يتوقع تغييرا في هذا المعدل. وارتفعت الأجور بأسرع وتيرة لها منذ عقد، في بيانات متفائلة نشرت قبل شهرين من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما زاد متوسط الدخل بنسبة 4.3 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، لتتجاوز نسبة التضخم في البلاد. وأكد هاورد أركير المحلل في وكالة "إي واي" الاقتصادية أن "سوق العمل حاليا متين، وصامد بشكل ممتاز، في مواجهة تباطؤ الحركة الاقتصادية البريطانية وشكوك بريكست المرتفعة". وعلى بريطانيا أن تغادر الاتحاد الأوروبي في 29 آذار (مارس)، لكن الأسواق تبقى متخوفة من الأثر الاقتصادي في حال خروج "بدون اتفاق". يأتي ذلك تزامنا مع مطالب الحزب الديمقراطي الوحدوي الإيرلندي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بإدخال تغييرات على اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي توصلت إليه مع زعماء التكتل لتقديم تأكيدات ملزمة قانونا بشأن ترتيبات الحدود الإيرلندية. وقال سامي ويلسون المنتمي للحزب الذي يدعم حكومة الأقلية التي ترأسها ماي: "يتعين وجود تغيير في اتفاق الانسحاب لا فائدة من وجود تأكيدات ليس لها مكانة ووضع شروط اتفاق الانسحاب نفسها". وأضاف: "ستكون تلك هي المشكلة الكبيرة التي أعتقد أن على رئيسة الوزراء أن تبحثها مع الاتحاد الأوروبي عندما تدخل المفاوضات معه مجددا". وقالت ماي إنها ستسعى للحصول على مزيد من التنازلات من التكتل لتهدئة المخاوف بشأن ترتيبات الحدود الإيرلندية. غير أن الاتحاد الأوروبي استبعد القيام بأي تغييرات على الاتفاق الذي أبرمه مع ماي ورفضه النواب البريطانيون بشدة الأسبوع الماضي. واقترح حزب العمال البريطاني، أبرز أحزاب المعارضة، أن يمنح النواب فرصةً بالتصويت حول إمكانية إجراء استفتاء ثانٍ، وذلك في إطار سلسلة حلول مقترحة لتجنّب الخروج من الاتحاد الأوروبي "بدون اتفاق". وطرح العمال تعديلا برلمانيا الإثنين، يطلب من الوزراء أن يسمحوا لمجلس العموم مناقشة السبل الممكنة لتفادي "بريكست" بدون اتفاق عند حلول موعد الخروج في آذار (مارس). وتتضمن المقترحات احتمال أن تعيد رئيسة الوزراء تيريزا ماي التفاوض على اتفاق الخروج، لإدخال بند اتحاد جمركي جديد بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبناء "علاقة قوية" مع السوق الموحدة الأوروبية. وتتضمن التعديلات أيضا اقتراح "إقرار تصويتٍ شعبي على الاتفاق أو المقترحات"، ويدعم غالبية النواب هذا المقترح. ورفض النواب بأغلبية ساحقة الأسبوع الماضي الاتفاق الذي طرحته ماي، لكن رئيسة الوزراء لا تزال مقتنعة أنها قادرة على إنقاذه ووعدت بأن تعيد التفاوض مع بروكسل للحصول على مزيد من التنازلات من الجانب الأوروبي، في محاولة منها لإقناع المنتقدين. وستقف ماي من جديد أمام مجلس العموم، حيث سيكون لدى النواب فرصة لمناقشة مقاربتها لـ"بريكست" والتصويت على تعديلات تقدّم سبلا جديدة للمضي قدما. والتعديل الذي يريده العمال يملك فرصة ضئيلة بالنجاح، فهو بحاجة إلى دعم نواب حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي، والذين لا يتوقع منهم دعم خطّة اقترحها زعيم حزب العمال جيريمي كوربن. ورحّب الداعمون لوضع حدّ لـ"بريكست" بشكل نهائي، بفكرة تداول مقترح القيام باستفتاء ثانٍ، فيما رأى النائب العمالي ديفيد لامي أنها "خطوة هائلة إلى الأمام أن يعترف حزبي من خلال تعديل برلماني وللمرة الأولى بأن الطريق الوحيد للمضي قدما هو تصويت شعبي آخر". وتوجد مقترحات أخرى تحظى بدعم النواب المحافظين المؤيدين لأوروبا، ومن ضمنها تلك التي تسعى لتفادي الخيار الصعب بالخروج "بدون اتفاق" عبر اقتراح تأجيل موعد الخروج.
مشاركة :