يعرف الصقر منذ حقب بعيدة بعلاقته القوية بالعرب، وذكر في كثير من قصائدهم، وأطلق بعضهم أسمه على أبنائهم وأسرهم، لكن العلاقة برزت أكثر من خلال ممارسة الصيد بها “القنص” التي امتهنها الآباء والأجداد كأسلوب معيشة لهم، ولتوفير القوت لتتحول مع الوقت إلى هواية ورياضة يعتز بممارستها محبوها، وأصبح لها عاداتها وتقاليدها وآدابها وأنواعها. ويبلغ عدد الصقور المملوكة لدى الصيادين في المملكة أكثر من (16000) صقر، ويقارب عدد الصقارين 20000 صقار، ويُصنف الصقر من طيور الصيد الجارحة بجانب نظيريه: العقاب، والباز، وكان العرب أول من درب واستخدم الصقور في الصيد، وتتميز الصقور عن غيرها من الطيور الجارحة بسواد عينيها، وسرعتها التي تفوق 300 كيلومتر في الساعة عند الانقضاض على الفريسة، وحدة بصرها التي تزيد عن 4 إلى 8 أضعاف حدة بصر الإنسان، ويصل عمر الصقر – بقدرة الله عز وجل – إلى 25 عامًا عند الصقار بينما تصل أعمارها في البرية إلى 15 سنة. وتفرّخ الصقور بأنواعها ” الشاهين، الحر، الوكري، الجير” مرة واحدة في العام، وفي كل مرة تفرّخ من 2-5 صقور أسماها العرب (قديمًا) : النادر وهو (أقواها وأكبرها حجمًا)، الوسط (وهو أقل حجم من النادر) اللزيز، المحقور وهو (أصغرها وأقلها قوة)، وتحتضنهم الأم لما يقارب 32 يومًا داخل العش ” الماكر”، فيما يجلب الذكر الطعام لها، ويكتمل ريش الفرخ بعد 60 يومًا تقريبا من تفقيس البيض للطيران والتحليق بأجنحته في السماء، حيث يرفض الأبوان إطعام الفراخ فيطيران في الأعلى ويقذفان بالطعام في الهواء، ومن ثم تطير الفراخ مسرعة لالتقاطه قبل السقوط في الأرض. وتهاجر الطيور الجارحة سنويًا من مناطق التعشيش في أماكن متفرقه مثل أقصى الجزء الشمالي من روسيا (سيبيرا) إلى المناطق الأكثر دفئًا في أفريقيا، قاطعة مسافة تقدر بأكثر من 8000 كيلومتر، ويعبر منها ما يقارب (مليون ونصف طائر) سنويًا أجواء المملكة خلال شهر أكتوبر من كل عام بما في ذلك “الصقور” بنوعيها : الشاهين البحري، والحر، بينما تعيش في المملكة صقور مستوطنة مثل: الشاهين الجبلي، والوكري. وعُرف الصقر منذ حقب بعيدة بعلاقته القوية بالعرب، وذكر في كثير من قصائدهم، وأطلق بعضهم أسمه على أبنائهم وأسرهم، لكن العلاقة برزت أكثر من خلال ممارسة الصيد بها “القنص” التي امتهنها الآباء والأجداد كأسلوب معيشة لهم، ولتوفير القوت لتتحول مع الوقت إلى هواية ورياضة يعتز بممارستها محبوها، وأصبح لها عاداتها وتقاليدها وآدابها وأنواعها من حيث : سرعة الصقور، وقدرتها على الطيران والمناورة، والانقضاض على الفريسة. وحبى الله المملكة بموقع جغرافي شغل ما يقرب من ثلثي شبه الجزيرة العربية، وعدت نقطة اتصال جغرافي بين ثلاث قارات، وتضمن تكوينها الجيولوجي إقليمين من الأقاليم الثمانية المعروفة هما: الإقليم الأوروبي، الآسيوي، والإقليم الأفريقي الاستوائي، مما أهلها إلى امتلاك مكونات بيئية خاصة استقطبت مجموعات من الكائنات الحية البحرية، والبرية، والطائرة، حيث تم اكتشاف آثار للصقور في الجزيرة العربية نسبت لحضارة قديمة تجاوز عمرها 9000 سنة قبل الميلاد عاشت في منطقة متوسطة ما بين محافظة تثليث ومحافظة وادي الدواسر جنوب مدينة الرياض، ووجد فيها ما يشير إلى رموز الثقافة العربية الأصيلة من : (الفروسية، والصيد بالصقور، والكلاب السلوقية). واهتمت المملكة العربية السعودية بهذه الثروات الطبيعية، لاسيما ما يتعلق بالحياة الفطرية، وعملت عبر أجهزتها المعنيّة خاصة ” الهيئة السعودية للحياة الفطرية” على حماية هذه الثروات، وتنميتها، بجانب الجهود الأخرى التي تسعى لاستثمارها بالشكل الأمثل بما يكفل بقاءها الطبيعي من جهة، ويعزز من قيمتها التراثية والثقافية لدى أبناء الوطن، ويُحقق منها العائد الاقتصادي المثمر للبلاد. واهتم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بالمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة، وتمخض عن ذلك الاهتمام ـ أن صدرت أوامره الكريمة في 7 مايو 2016م بإنشاء (وزارة البيئة والمياه والزراعة) بعد تعديل اسم وزارة الزراعة، ونقل المهام والمسؤوليات المتعلقة بنشاطي البيئة والمياه إليها، وذلك انسجامًا مع متطلبات رؤية المملكة العربية السعودية 2030. وفي إطار اهتمامه – رعاه الله – بالبيئة، أُعلن في 21 يناير 2016 م عن تنفيذ مبادرة برنامج الملك سلمان للتوعية البيئية والتنمية المستدامة الهادفة إلى تعزيز مشاركة المجتمع في توطين التنمية المستدامة بالمملكة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج وطني لبناء قدرات الجهات الحكومية في رصد وقياس مؤشرات توطين التنمية المستدامة بالمملكة. وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أمراً ملكياً بإنشاء “نادي الصقور”، نظير ارتباط الصقر بتاريخنا، وتراثنا، وثقافتنا، كما أمر – أيده الله – في ذلك السياق بأن يكون صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع مشرفاً عاماً على النادي. ويعزز الأمر الملكي بإنشاء نادي للصقور، جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – التي وجه فيها بإطلاق مشروع صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز للمحافظة على الصقور في29 نوفمبر 2005م بإشراف الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وذلك لدعم برامج الحد من تدهور وفناء الصقور محليًا وعالميًا، وإعادة تأهيل أعداد الصقور المهددة بالانقراض إلى مستويات مقبولة بيولوجيًا، مع تطوير برامج تحسين الاستخدام الأمثل للصقور لضمان استمرارية بقاء حياتها، والحفاظ على رياضتها النبيلة للأجيال الحاضرة والمقبلة. ودعمت المملكة اقتراح اللجنة الحكومية الدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي غير المادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو – في 16 نوفمبر 2010م، بغية تسجيل هواية الصيد بالصقور على لائحة التراث العالمي غير المادي، وجرى اعتماد هذا التسجيل ليسهم بلا شك في رؤية أفضل لهذا الإرث الثقافي غير المادي وإبراز أهميته ويشجع الحوار الذي يحترم التنوع الثقافي للشعوب. ويعد إنشاء نادي الصقور في هذا الوقت وإشراف سمو ولي العهد عليه أمرًا مهمًا للغاية، خاصة مع تدهور أعداد الصقور على مستوى العالم، وبشكل خاص صقور الصيد البرية المسجلة في المملكة سواء المهاجرة منها أو المقيمة، منبهًا إلى وجود تحديات كبيرة أمام المحافظة على الأنواع البرية المحلية التي بدأت بالتناقص بشكل كبير جداً، حتى أدرج أنواع منها بقائمة الأنواع المهددة بالانقراض دوليًا، وأنواع أخرى دخلت مرحلة قريبة من الانقراض، وأدرجت ضمن قوائم عدد من الاتفاقيات الدولية، مثل: اتفاقية الإتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المعرضة للانقراض ويرمز لها باتفاقية سايتس التي انضمت إليها المملكة عام 1417هـ. ويعبر نادي الصقور عن تاريخ وحضارة الآباء والأجداد الذين عاشوا على الجزيرة العربية عبر حضارات عريقة متنوعة، وسيجمع الصقارين في المملكة ويوحّد جهودهم، ويضبط عملية الصيد، فضلا عن إتاحة الفرصة لمعرفة الأوضاع الصحية للصقور ومتابعتها، وحفظ بعض سلالاتها من الانقراض مثل: الصقر الحر الذي يعتد بها العرب كثيرًا، وتوظيف الصقارين في مختلف مناطق المملكة خاصة في المناطق التي يعرف فيها تواجد الصقور، مع إقامة محميات صيد للصقور لتكون عامل جذب سياحي للصقارين خلال موسم الصيد.
مشاركة :