يسجل المشهد السياسي الجزائري، حراكا غير مسبوق باتجاه الترشح للانتخابات الرئاسية، المقررة في 18 أبريل/ نيسان المقبل، ووصل عدد المترشحين ـ ولأول مرة في تاريخ الجزائر ـ إلى 61 مرشحا ( 50 مترشح مستقل و11 حزبا)، بعد 5 أيام من فتح باب الترشح.. بينما تفرق دم الإسلاميين: جبهة الإصلاح الوطني تساند ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.. وحركة مجتمع السلم«حمس»تريد ترشيح رئيسها، عبد الرزاق مقري..وجبهة العدالة والتنمية اتجهت للتحالف مع المعارضة. تهافت على الترشح وأوضحت وزارة الداخلية الجزائرية، أن هناك تهافتا على الترشح، والأحزاب التي تقدمت للترشح هي: جبهة المستقبل (يقودها مرشح الرئاسة السابق عبد العزيز بلعيد)..وحزب النصر الوطني، ترشيح محفوظ عدول..وحزب طلائع الحريات (يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس)..وحزب التجمع الجزائري، ترشيح زغدود محمد ..وحركة الانفتاح، ترشيح عمار بوعشة..وعهد 54 ، ترشيح علي فوزي رباعين ..وجبهة العدالة والديمقراطية،ترشيح أحمد قوارية..وحركة الديمقراطية الاشتراكية، ترشيح فتحي غراس..والحركة الوطنية للأمل، ترشيح محمد هادف..وجبهة الشباب للمواطنة.. وأغلب المرشحين المستقلين شخصيات مغمورة، باستثناء الجنرال المتقاعد علي غديري (64 سنة)، والناشط السياسي المقيم بفرنسا رشيد نكاز (47 عامًا)، والبرلماني السابق رابح ميسوم..وكما جرت العادة في الانتخابات السابقة، يتوقع المراقبون أن تخفق الشخصيات التي لا تتمتع بشعبية في البلاد، في جمع 60 ألف توكيل للمواطنين التي يشترطها القانون لدخول السباق رسميًا..في الوقت الذي غابت فيه النساء عن الترشح حتى اليوم الخامس من فتح باب الترشح. عقبات شروط الترشح ويعلم معظم المرشحين أن من الصعب جداً جمع ستين ألف توقيع في 25 محافظة على الأقل لقبول ملف الترشح، إضافة إلى شروط الترشح لرئاسة الدولة وثقها دستور 2016، ومع ذلك يفضل سياسيون خوض المغامرة لأهداف غير واضحة.!! وإن كان جمع التوقيعات أكبر عائق أمام كثير من المرشحين، فإن بنودا أخرى في الدستور تضع عوائق أمام كثيرين، بينهم المعارض والناشط السياسي رشيد نكاز، إذ يشترط الدستور على المرشح عدم الحصول على جنسية أجنبية، كما من بين الشروط «أن يثبت أن زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط»، و«يثبت إقامة دائمة في الجزائر لمدة 10 سنوات على الأقل قبل إيداع الترشح».وبنهي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (81 سنة)، الذي يحكم الجزائر منذ 1999، ولايته الرابعة في شهرأبريل/ نيسان المقبل. إلا أنه لم يعلن حتى الآن ما إذا كان سيترشح لولاية رئاسية خامسة، كما لم يرُد على دعوات متجددة لمؤيديه للاستمرار في الحكم وسط ترقب لموقفه النهائي. «تخمة» المترشحين وفي تعقيبه على «تخمة الترشح» والتهافت على الترشيح للرئاسة.. قال الكاتب والمفكر الجزائري، حميدة عياشي: « لقد وصل الجزائريون من خلال ايمانهم بعجزهم في تغيير الرئيس إلى خيار وحيد وهو أن يكونوا كلهم رؤساء افتراضيين، كل الجزائريين سيعلنون ترشحهم للانتخابات».. وبين جميع أصحاب نوايا الترشح، لا توجد أي شخصية تنسب إلى التيار الإسلامي، ما قد يكون دافعا للرئيس السابق لحركة مجتمع السلم «حمس»،أبو جرة سلطاني، ليعلن نيته الترشح، قائلاً إن «النية ليست قراراً بل هي إبداء الرغبة في دخول المعترك الانتخابي، وبين إبداء النية وتفيذها أو التخلي عنها محطات كثيرة».. وأبو جرة عضو بمجلس الشورى لحركة مجتمع السلم، وخصم بارز لرئيسها عبد الرزاق مقري، وقد يشكل قراره ضغطاً على الأخير لقبول دخول الانتخابات، ما يخدم نظرة الحكومة أنها انتخابات مفتوحة ولو ترشح بوتفليقة. الإسلاميون يدخلون سباق الرئاسيات وبات واضحا، أن أحزاب التيار الإسلامي، لم تفشل في مبادرات لم الشمل فحسب، بل فشلت أيضا حتى في التوافق على مرشح تدخل به معترك الانتخابات الرئاسية، حيث تفرقت مواقف قيادات أحزابها ما بين دعم مرشح السلطة، وبين البحث مع المعارضة لترشيح شخص توافقي بينهم، وبين رغبة في ترشح انفرادي دون التنسيق مع الآخرين!! وداخل المشهد الإسلامي، أعلنت حركة البناء، أمس، عن ترشيح رئيسها عبد القادر بن ڤرينة، وزير السياحة الأسبق، للانتخابات الرئاسية، وشروعها في اكتتاب التوقيعات، في خطوة ستزيد في الضغط على «شقيقاتها» من التيار الإسلامي، للحسم في ملف الترشيح .. ويعتقد أن قرار تقديم مرشح عن «حركة البناء» خطوة تكتيكية لزيادة الضغط على حركة مجتمع السلم «حمس»، خصوصا في ظل الصراع المحتدم في صفوف «حمس» حول الموقف من الرئاسيات، ما يعد في خدمتها..وتعتقد قيادة حمس، أن «حركة البناء» منخرطة في مخطط سلطوي لإضعافها وتشتيت انتباهها، وسيكون لقرار الترشح تأثيره على خيارات شريكي حركة البناء في تحالف «الاتحاد من أجل النهضة والبناء»، في ظل الشكوك حول مشاركة عبد الله جاب الله، رئيس حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات، وغموض موقف قيادة حركة النهضة، مع توقعات بانخراط التيار البراغماتي في حركة النهضة مسار دعم مرشح السلطة.. ومن الواضح أن حركة البناء ترغب من خلال تحدي الانتخابات الرئاسية، اختبار قدرتها على التجنيد وموقعها في خارطة الناخبين الإسلاميين.وموقف حركة مجتمع السلم «حمس»، بترشيح رئيسها، عبد الرزاق مقري، مرتبط بعدم ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولايةرئاسية خامسة، لأنه في حال تم إعادة ترشيح بوتفليقة فمعنى ذلك أن نتائج الرئاسيات قد تم حسمها مسبقًا و بالتالي ليس هناك أي ضرورة لخوض منافسة إنتخابية خاسرة مسبقًا،أما في حال تقرر غير ذلك و تم التغاضي عن ملف الولاية الخامسة فالفرصة تعتبر أكثر من مناسبة للدفع بمرشح قوي للإسلاميين من أجل خوض غمار الرئاسيات المقبلة، مما قد يجدث المفاجأة و الفوز بها في حال كانت العملية الإنتخابية نزيهة و شفافة.
مشاركة :