طلب الرئيس باراك أوباما تفويضاً تشريعياً من الكونغرس لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، حتى في مناطق لا تنحصر في العراق وسورية، فترته ثلاث سنوات. وتضمن طلب الرئيس صلاحيات لحرب على مدى ثلاث سنوات لضرب التنظيم، في مساحة جغرافية «مفتوحة» تشمل عمليات جوية مع ضوابط على أي تدخل بري مع امكانية تنفيذ عمليات محدودة للقوات الخاصة. وأرسل البيت الأبيض طلب مشروع التفويض إلى الكونغرس بعد اجتماعات ماراثونية لمساعدي أوباما مع نواب من الحزبين في الأيام الأخيرة. وبحسب صحيفة «بوليتيكو» تضمن طلب التفويض صلاحية للحرب ضد التنظيم تستمر ثلاثة سنوات حتى 2018 وحتى إلى ما بعد خروج أوباما من البيت الأبيض بعام في شكل يتيح لخلفه التفاوض مع الكونغرس حول أي صيغة جديدة للحرب. وهذه هي المرة الأولى التي سيصوت فيها الكونغرس على هكذا تفويض منذ ١٣ عاماً، كون أوباما قاد العمليات ضد «داعش» على أساس تفويض اعتداءات ١١ أيلول وحرب العراق في 2003. ولفتت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن أوباما سيتخلى عن تفويض حرب العراق الذي طلبه سلفه جورج بوش وسيستعيض عنه بالمرسوم الجديد في حال الموافقة عليه. ويستند نص طلب التفويض إلى ثلاثة أسس: الأول جغرافي ومفتوح المساحة في أهداف ونطاق الضربات ضد «داعش» في شكل يسمح لواشنطن باستهداف أي منطقة للتنظيم حتى خارج العراق وسورية. الثاني، زمني بحيث يستمر التفويض حتى ربيع ٢.١٨ في حال إقراره مع إمكانية تعديله أو تجديده من قبل الرئيس الأميركي المقبل. البند الثالث، وهو الأكثر حساسية فيشترط عدم السماح للقوات الأميركية بتدخل بري طويل وإبقاء أي تدخل من هذا النوع في إطار محدود ووسط انقسام بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي حوله وأيضاً بين البيت الأبيض والجيش. ويريد صقور الحزب الجمهوري ومعهم قيادة الجيش الأميركي تقويضاً مفتوحاً حتى في العمليات البرية في حال اضطر الجيش لتنفيذها، فيما يعارض البيت الأبيض والخط الليبرالي هذا الأمر. ويريد أوباما تفادي أي مواجهات برية مع «داعش» قد توقع ضحايا أو رهائن أميركيين. واعتمد البيت الأبيض صيغة وسطية في النص تتيح في الحالات الخاصة «عمليات برية محدودة وقصيرة المدى» للعناصر الموجودة على الأرض في العراق من دون إعادة الجيش الأميركي إلى تلك الدولة أو المخاطرة بنشر قوات في أرض المعارك. وأكد مسؤول أميركي لـ»الحياة» أن التفويض يضمن تدريب قوة المعارضة السورية المعتدلة وتجهيزها. وشدد على أن «هذه القوة» ستحظى «بغطاء جوي في أرض القتال» إنما مِن دون دعم بري. ويتخوف السناتور الجمهوري ليندسي غراهام من غياب الخيار البري خصوصاً في الساحة السورية، ويرى أن حجم القوة المدربة (خمسة آلاف) لن يكفي لقلب الحسابات ضد «داعش» أو نظام الأسد ولا يوازي قوة الجيش العراقي. وكشفت مصادر موثوق فيها لـ»الحياة» عن استعدادات لبدء نشر هذه القوة مطلع الصيف المقبل، وتحدثت عن تحسن كبير في التنسيق والقدرات لفصائل المعارضة في الجبهة الجنوبية. وسُيصوت الكونغرس بعد أيام من تقديم مشروع التفويض اثر جلسات استماع لعدد من أركان إدارة أوباما وحتى بعض العسكريين أو رجال الاستخبارات. ويعول البيت الأبيض على تأييد خط الوسط من الحزبين الديموقراطي والجمهوري لنيل الأكثرية لصالح التفويض. وقد يمتنع عن التصويت نواب لديهم طموح بخوض الانتخابات الرئاسية في 2016 مثل السناتور تيد كروز أو السناتور راند بول من الحزب الجمهوري. ويساعد الزخم القتالي للأردن وعودة الإمارات إلى مشاركة التحالف في العمليات الجوية ضد التنظيم في تسويق البيت الأبيض للتفويض وإبقاء طابع دولي للتحالف. نقسامات في الكونغرس حول تفويض أوباما وتباينت المواقف وردود الفعل حول نص التفويض مع تحفظ الجمهوريين على تقويض خيار القوات البرية وطلب الديموقراطيين تفاصيل أكثر حول الخطة. وقال زعيم مجلس الشيوخ السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل بأن الكونغرس “سيمنح النص ما يكفي من التفكير وسيستمع الى نصائح القيادة العكسرية” ووجه زعيم مجلس النواب جون بينر انتقادات للتفويض بصيغته الحالية التي تمنع القيام بمهام «برية طويلة». وقال بينر إن لديه «مخاوف» في شأن الطلب المقدم لكونه يضع كثيراً من القيود على القادة العسكريين. وأضاف في بيان «أي تفويض باستخدام القوة العسكرية لا بد أن يعطي قادتنا العسكريين المرونة والصلاحيات التي يحتاجونها للنجاح ولحماية شعبنا». وقال السناتور الجمهوري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر انه «سيبدأ بسرعة عقد جلسات استماع مكثفة» حول التفويض. وتعهدت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي بدرسه واستشارة نواب الحزب المنقسمين بين التيار الليبرالي المتحفظ على الحرب، والمعتدلين المتبنين لوجهة نظر الادارة. وتحدث مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب نيكولاس راسموسن في شهادة امام مجلس النواب امس عن «تدفق غير مسبوق» للمقاتلين الأجانب إلى سورية، مقدّراً عددهم بعشرين ألفاً قدموا من تسعين بلداً.
مشاركة :