على ضوء كارثة وفاة الشاب الفلسطيني الغزي المهاجرمن غزة حسام أيمن رشاد أبوسيدو، يوم18/1/2019على شواطئ جزيرة ليروس باليونان ، وقبله بأيام وفاة ثلاثة أطفال فلسطينيين رُضَّع إثر محاولة عصابات التهريب قتل جميع من بالقارب المطاطي في عرض البحر بين تركيا واليونان، وخصوصًا أنَّ عشرات الشبان الفلسطينيين ، وعشرات العائلات الفلسطينية الهاربين من الحياة القاسية والمريرة والصعبة والكئيبة والمؤلمة في غزة ، على مدى الأعوام الماضية تعرَّضوا إما للغرق في عرض بحر اليونان وتركيا وغيرهما من البلاد، أو للقتل المتعمد.ويتوجب السؤال والصراخ عاليًا: مَنْ المسؤول عن دفع عشرات آلاف الشباب والفتيات والعائلات للهروب من الحياة في غزة؟!، والبحث والتفتيش عن المسؤول الفعلي والمباشرعن هذه الظاهرة المُنَّظمَّة الخطيرة ؟!وخصوصًا أنَّه هناك هجرة مُنَّظَّمَة من قطاع غزة،إلى تركياواليونان وأوروباوكندا والولايات المتحدة وغيرهامن البلادالأجنبية، وهناك عشرات العائلات الفلسطينيةالعالقةعلى الحدودالدولية في صحارى أفريقيا،والعديد من دول أميركااللاتينيةوقدتقطعت بهم السبل في طريقهم إلى جنةالغرب المزعومة،ومئات العالقين في العديدمن مطارات العالم،إنتبهوا ياقادة شعبنا،وياكل الفلسطينيين والفصائل والأحزاب ومنظمات وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني،والشخصيات الرسمية والإعتبارية والوجهاءوالمخاتيروزعماء العائلات، نحن أمام مآساة اجتماعية وإنسانية ووطنية حقيقية خطيرة ومنظمة تتشكل أمام أعيننا ومتكررة بشكل شبه يومي،بينمامازال البعض يمارس هوايته اللعينةفي تبادل الشتائم وتكريس خطاب البُغض والكراهية،وتعزيزعوامل الانقسام البغيض والدمارالسياسي والاجتماعي والثقافي والفكري والإعلامي،ولكن لاأحديريد تحمُّل المسؤولية عما يحدث ،بينما الجميع يتحمل المسؤولية عن هذه المصيبةوالكارثةالوطني والإنسانية، ورحم الله الخليفة العادل أمير المؤمنين عمربن الخطاب (رضي الله عنه)،حينما قال قوله الشهير:( ويلك يا عمر، لو أنَّ بغلة تعثرت في العراق لسُئل عنها عمر : لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق؟).فكيف بكل مّنْ كان سببًا في دفع شبابنا وأطفالنا وبناتنا إلى الهروب من الحياة المُجحفة في قطاع غزة ، والموت على سواحل تركيا واليونان وأوربا ، وفي بحار وصحارى المنافي الجديدة؟!وكشفت آخراستطلاعات للرأي،أنَّ عدد الراغبين بالهجرة من القطاع وصل إلى40%، وأذاعت (هيئة البث الصهيونية باللغة العبرية / كان) تقريرًا متلفزًا لها يوم الأحد14/1/2019،سلطت فيه الأضواء على هجرة الفلسطينيين من القطاع المنكوب ، وقالت أنَّ :(40 ألف شخص غادروا القطاع في النصف سنة الأخيرة) ، والتقى المراسل الصهيوني غال برغر في أسطنبول بتركيا،مع بعض الشبان الفلسطينيين الذين هاجروا من غزة إلى تركياللعبور إلى أوروبا، وقالوا له،إنهم:( تغرَّبواعن غزة بحثًا على مستقبلٍ أفضلٍ ، رغم البعد عن عائلاتهم ومعاناة الحنين إلى الوطن ، فغزة لا مستقبل فيها).وكشفت المعطيات التي نشرتهاالأمم المتحدة،أنَّ:(عدد المهاجرين من القطاع في النصف السنة الماضية ، بلغ نحو 20 ألف شخص)، بينماقالت المعطيات الصهيونيةأنَّ الرقم بلغ 40 ألف مهاجروقال التقرير التلفزيوني الصهيوني،إنَّ:(50% من سكان غزة يرغبون في الهجرة منهابسبب الوضع الاقتصادي القاسي في القطاع ، وبلغت نسبة البطالة 55%، والمياه غير صالحة للشرب، والكهرباء متاحة4ساعات يوميا ) . وقدتصدرت قضية الهجرة من غزة،وماينتج عنها من مآسٍ وكوارث ومصائب للفلسطينيين،اهتمامات وأحاديث المجتمع الفلسطيني ، وارتفعت الأصوات من المسؤولين والتنظيمات والنشطاء والأشخاص والهيئات لتتحدث عن الوضع المعيشي الكارثي والمزري الذي إضطر أبناء القطاع للفرارمنه، بحثًا عن طاقة أمل ورزق في مكانٍ بعيد ، ولكن أصبحت رحلة البحث عن الأمل والرزق ، هي نفسها رحلة الذهاب إلى الموت والمجهول والقسوة وجحيم الغربة .وهذه النتيجة الكارثية يتحمل مسؤوليتها الجميع ، وخصوصًامن تسببوا في صناعة مصيبة الانقسام الأسود، ومازالوا يصرون على استمراره مهما كانت النتائج والكوارث الجماعية، ولقد حان الوقت الذي يصرخ فيه الكل الفلسطيني : كفى إستهتارًا بأرواح ومستقبل أبنائنا، وكفى تدميرًا وتمزيقًاوتشتيتا لمجتمعناالفلسطيني، توقفوا عن صناعة الكراهية والبغضاء والبؤس واليأس، ولنعمل جميعًا من أجل إنقاذ مجتمعنا من المآسي التي تلاحقه ، ومن التفكك والتمزق ، وكذلك إنقاذ أبناءنا من الضياع والموت والغربة والهجرة والمجهول.ومن المؤسف أنَّ جثمان شهيد الظلم والغربة والظلم والفقر والبطالة والحصار، انتظر عدة أيام على أمل نقله من اليونان إلى غزة ليدفن فيها، وبعد التيقن من عدم إمكانية ذلك، اضطر رفاق هجرته وغربته ووجعه إلى مواراة جثمانه الطاهرفي إحدى الجزر اليونانيةالنائية،حيث نقل فجرالأربعاء23/1من جزيرة ليروس التي أُستُشهد مرتطمًا بصخوربحرها،على بعدأمتارمن شواطئها،إلى جزيرة كيوس اليونانية، وتمت الصلاةعليه ودفنه في مقبرة السيد سيرمولامحمدأفندي بلاطاني قوص ونسأل الله تعالى له ولمن سبقه ، ولمن سيلحق بهم من شهداءالانقسام والغربة والهجرة والبحار بالرحمة والمغفرة، واللعنة على الانقسام وكل من تسبب فيه ، وكل من يُشجع على استمراره، وأرجومن أبناء شعبنا عدم الوقوف صامتين متفرجين على من يجيدون صناعة اليأس والضياع لشبابنا ولأبنائنا وبناتنا ، وعلى مايحدث من مؤامرة وخطة خبيثة منهجية تستهدف شبابنا وأبناءنا من أجل تهجيرهم ودفعهم نحو التيه والغربة والضياع ، فهناك مخطط شيطاني مدروس لتدمير قضيتناوتشتيت أولادنا ،وتفكيك نسيجنا الاجتماعي، ودفع الفلسطينيين للهجرة والغربة،ولذلك يجب عدم الصمت على المؤامرة الكبرى التي تستهدف فلسطين والفلسطينيين ، ورحم الله الشهيد المظلوم حسام، وجميع الشهداء المظلومين السابقين واللاحقين والمنتظرين.ولعن الله الانقسام وكل من تسبب فيه، وكل من يعمل ويسعى لاستمراره...وحسبنا الله ونعم الوكيل.
مشاركة :