أعاد تصدر رجال نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك مشهد الترشح في الانتخابات التشريعية المقررة الشهر المقبل، الجدل في الأوساط السياسية في شأن إمكان تطبيق العزل السياسي. وتجاوز عدد المتقدمين للمنافسة على مقاعد البرلمان (540 مقعداً) سبعة آلاف مرشح حتى أمس، تقدمتهم قيادات في الحزب «الوطني» المنحل، أبرزها أمين تنظيم الحزب أحمد عز الذي قدم أوراقه في اليوم الأول لفتح باب الترشح بعدما أسقطت محكمة النقض أحكاماً بالسجن صدرت بحقه بتهم فساد، كما تقدم النائب السابق عن «الوطني» هاني سرور الذي دين في قضية توريد «أكياس دم ملوثة» لوزارة الصحة، إضافة إلى النائب السابق رجب حميدة الذي كان ضمن لائحة المتهمين في قضية «موقعة الجمل»، ما أعاد مطالب بقانون للعزل السياسي في مواجهة هؤلاء. وكانت الساحة السياسية شهدت في العام 2012 جدلاً واسعاً في شأن قانون العزل الذي مرره البرلمان السابق وقضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته، قبل أن تضمن جماعة «الإخوان» دستور العام 2012 مواد تقضي بعزل كبار قادة «الوطني» سياسياً، وهي المواد التي أسقطها الدستور الحالي العام الماضي. وقال لـ «الحياة» مسؤول قضائي إن «قبول أوراق المتقدم للترشح، ليس معناه حسم ترشحه في شكل نهائي، الأوراق ستخضع للتدقيق من قبل اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات قبل إعلان القوائم النهائية للمرشحين». لكنه نبّه إلى أن استبعاد المرشح «يكون بعد إصدار حكم قضائي نهائي، وفي حال صدر الحكم عقب خوضه الانتخابات وفوزه بالمقعد، تسقط عضويته وتعاد الانتخابات على هذا المقعد». وتنص المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية على أنه «يحرم موقتاً كل من صدر ضده حكم نهائي بات بمعاقبته بعقوبة الحبس، من مباشرة الحقوق السياسية لمدة خمس سنوات لارتكابه جرائم التهرب الضريبي أو جناية، ولا يسري الحرمان إذا رُد إلى الشخص اعتباره أو أوقف تنفيذ العقوبة بحكم قضائي». وطالب النائب السابق المنخرط في تحالف «في حب مصر» عماد جاد بتفعيل قانون العزل السياسي «في مواجهة تحدي رموز الوطني للواقع السياسي بعد ثورة يناير». وقال: «هناك شخصيات مثل أحمد عز لا تواجه عائقاً قانونياً أمام ترشحها، لكن هناك عائقاً سياسياً وأخلاقياً، اذ أنه أحد الفاعلين الرئيسيين الذين قامت عليهم الثورة، ناهيك عن أنه لا يزال يواجه قضايا عدة بتهم فساد، لكنه يتحدى الجميع ويقدم أوراقه للترشح... أتصور أن هناك موانع سياسية وأخلاقية حطمها ولم يحترمها، فالسياسي الذكي يعلم متى ينسحب خطوات إلى الخلف، ومتى يتقدم إلى الأمام، لكنه ليس سياسياً. هو شخصية اقتصادية عنيدة، ويتصور أن الأموال قد تمكنه من الوقوف في مواجهة الدولة». ورأى أن عودة عز إلى الساحة السياسية «ستؤذي ما تبقى من منظومة الحزب الوطني لأن في ترشحه حرج كبير جداً لنظام الحكم وخرق لكل القواعد الأخلاقية والسياسية، وبالتالي سيؤدي إلى أزمة. من هنا لا بد من تفعيل قانون العزل السياسي الذي أصدره المجلس العسكري في العام 2011، قبل أن يمرره البرلمان السابق لإطاحة رئيس الاستخبارات السابق عمر سيمان من السباق الرئاسي». لكنه أشار إلى أن «هذا القانون إذا تم تفعيله، فقد يطيح بعز ومعه شخصيات أقدمت على الترشح وليس عليها غبار سياسي، وسيجني على رموز العائلات الكبيرة التي كانت تلتحق بحزب السلطة، لأننا لن نفعل قانوناً من أجل شخص. القانون سيطبق على الصالح والطالح». وأضاف: «كان عليهم ترك المجال السياسي لدورة برلمانية على الأقل. لكن أن أخرج من السجن لأتقدم فوراً لعضوية البرلمان فهذا مرفوض. وأتوقع أن تتفاعل المطالبات بتطبيق قانون العزل السياسي خلال الأيام المقبلة، وأتصور أنه سيتم تفعيله بالفعل». غير أن نائب رئيس حزب «المؤتمر» صلاح حسب الله يرفض هذا الطرح. وقال لـ «الحياة»: «أنا ضد صدور أي قوانين تقصي أشخاصاً وتتوغل على إرادة الناس»، متوقعاً «أن يستبعد الشعب المصري بأياديه في صناديق الاقتراع كل من تلوثت يديه بمال أو دماء... هناك أشخاص ليست لديهم حمرة الخجل ولديهم بجاحة سياسية، لكن سيقابلهم عزل من المصريين الذين يريدون بناء تجارب جديدة للمستقبل، وليس إنتاج تجارب قديمة فاشلة». وتوقع أن تقضي المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون العزل في حال صدوره، «ولسنا في حاجة إلى هذا الجدل السياسي». وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رفض في لقاءات عدة عزل رجال مبارك، حين طرح عليه الطلب في اجتماعات مع سياسيين، محملاً على المصريين «مسؤولية اختيار من يمثلهم».
مشاركة :