نداء المنامة... دعوةٌ من الثّقافة للمهتميّن بالتّراث الوطنيّ

  • 1/24/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في اشتغالها الدّائم على المدن التّاريخيّة، تتوجّه هيئة البحرين للثّقافة والآثار إلى جميع المهتميّن بالتّراث الوطنيّ ومدينة المنامة التّاريخيّة تحديدًا لحضور اللّقاء الأوّل (نداء المنامة)، الذي تنظّمه اليوم (الخميس، الموافق 24 يناير 2019م) في السّاعة 12 ظهرًا بمتحف البحرين الوطنيّ. كُلّ هويّةٍ تضيع، لا تُسترّد. كلّ مكانٍ لا حكاية عنه ولا أثر، لا حضارة تعوّل عليه. ومدينة المنامة التّاريخيّة بعمرانها وتنوّعها وفسيفساء الثّقافات المتنوّعة المنسوجة بعناية في ملامحها هي ما نعوّل عليه الآن كي تتمكّن الثّقافة من إنقاذ تاريخِ هذه المدينةِ التي تستيقظُ كلّ نهارٍ على فَقْدٍ ما، في محاولاتٍ غير واعيةٍ لمحو ملامحها. المنامة... نسجُ المكانِ لتاريخِ وحكاياتِ الذّاكرة: ذاكرة البحر، ملامح التّعايش الإنسانيّ ما بين مختلف الأعراق والإثنيّات، الفضاءُ المفتوح للتّسامح الدّينيّ، والبوّابة الجميلة لبلدنا التي جاءت بمختلف النّتاجات الإنسانيّة والثّقافات المُتعدّدة التي تنعكسُ في المفردات العمرانيّة المُدهِشة والمتنوّعة، وفي ديموغرافيّة هذه المدينة وتركيبتها الاستثنائيّة. فما يميّزُ هندسَة الأحياءِ وتركيبة المنامة عمرانيًّا هو دقّة تفاصيلها، وما تستحضرُ من ثقافاتِ الشّعوب، حتّى صارت اليوم فسيفساء التّعايش الثّقافيّ والدّينيّ، الأمر الذي يُعزّزُ من قدرة الثّقافة على إدراجِ المنامة على قائمةِ التّراث الإنسانيّ العالميّ (اليونيسكو)، وهو ما مكّنها في العامِ الماضي من إدراجها على القائمة التّمهيديّة. كذلك، فلحكايات وصناعات وحِرَف المنامة سحرها وخصوصيّتها، والتي في استعادتها وتنشيطها تؤهّل هذه المدينة لأن تكون من مدن الإبداع، تواصلُ سيرتها في رفدِ العالمِ بالجمالِ والإنتاج. من المؤلم، ونحن في عامنا الذي نحتفي فيه بيوبيلات هذا الوطن، والذي يُصادف الذّكرى المائة لتأسيس بلديّة المنامة في العام 1919م (تُعتَبر من أوائل البلديّات في العالم العربيّ ككلّ) أن نجدَ هذه المدينة التّاريخيّة تفقدُ ملامحها تباعًا أمام التّشويه الذي يُلحقُه الهدم، رغم أنّها بما تمتلكُ من مكوّنات جماليّة، تلخّصُ سيرةَ العمارة والحكايةِ، وتفصحُ عن دهشةِ التّغيير الذي حدثَ في مراحل متلاحقة، من خلالِ ما منحته هذه المدينة من شخصيّاتٍ وإنسانيّاتٍ ونتاجاتٍ عدّة. كلّ عمرانٍ يُفقَد في هذه المدينةِ هو تلويحة! كلُّ محوٍ هو بترٌ لتاريخٍ لا يُستَعاد! ما الذي يُعيدُ ذاكرةً أصيلةً سوى استبقاءِ حقيقتها؟ ولمَ لا تكون هذه المدينة هي أداتنا لاستبقاءِ شواهد تاريخنا وتفرّدنا؟ لمَ ننزعُ الهويّة بهدمها، والجمال بنقيضه، والتّاريخ بأقنعةٍ لا تشبه الحقيقة؟ لمَ عمارةُ اليومِ نقضٌ للجمالِ، فيما العمارة التّراثيّة تحملُ أثر الشّعوبِ هنا، وملامح الحضارات التي جاءت إلى البلادِ عبر مرفأ المنامة؟ ربّما في هذا الوقت، هذا الوقت تحديدًا، كلّ ما علينا فيه هو أن نلتفتَ لتلكَ التّلويحة، وأن نستجيب، بعد أن قالت المنامة وداعًا لحكاياتٍ كثيرة، بدءًا من بحرها، وبعضِ مقاهيها، وحكايات المحالّ الكثيرة التي كانت تُصدّرُ للمنطقةِ روائع ما أنتجَ أبناؤها. بعد أن تُرِكَت بعض مدارسها التّاريخيّة خاويةً دون أطفالٍ يتعلّمون تاريخ المكان، كما حدثَ مع مدرستيّ المنامة الثّانويّة للبنات وفاطِمة الزّهراء الابتدائيّة الإعداديّة للبنات. وكما أُغلِقَت العديد من الدّكاكين التي اتّكأت عليها تفاصيلُ الأجداد. ومثل مساجد لا ينسربُ الأذان من مآذنها، وبيوت جميلة وحميميّة ذهب أهلها وصارت غريبة.

مشاركة :