نالت الأوضاع الصحية المنهارة من اليمنيين كثيراً، فالبلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية تحوّل إلى مستنقع للأوبئة والأمراض، وأحدثها وباء «إنفلونزا الخنازير» (A/H1N1)، الذي تفشى في محافظات الشمال خلال الأيام الماضية. تنقّل أكرم بشقيقه عبدالله في عدد من مستشفيات العاصمة صنعاء (شمال)، بعد أن اعترته أعراض السعال والحمى. ولضعف التشخيص الطبي، كان الأطباء يتحدثون عن إصابته بنزلة برد، إذ إن درجة حرارة الأجواء تصل إلى قرابة الصفر. لكن الأعراض تضاعفت، وأصبح عبدالله عاجزاً عن الحركة، ما دفع الشقيقان للتوجه إلى مستشفى «الثورة العام»، بعد أن قال لهم طبيب إن تلك الأعراض ربما تكون لـ «إنفلونزا الخنازير».في المستشفى الأكبر بصنعاء يرقد عشرات من المرضى في قسم «إنفلونزا الخنازير»؛ الذي استحدثته وزارة الصحة في إدارة جماعة «الحوثي»، غير المعترف بها. وتسيطر الجماعة على محافظات، بينها صنعاء، منذ سبتمبر 2014، في ظل حرب أهلية مستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، تسببت في انهيار الأوضاع المعيشية والصحية. عودة تنذر بكارثة بعد إجراء التحاليل الطبية لعبد الله، نقله الممرضون إلى قسم الوباء المتفشي. وأثناء وقوفه في باحة المستشفى، قال أكرم للأناضول إن الوضع الصحي لشقيقه حرج للغاية، وإنه أجرى فحوصات لمعرفة إن كانت العدوى انتقلت إليه أم لا، لأنه تعامل مع شقيقه دون وقاية. وقد شهد اليمن انتشاراً مماثلاً لوباء «إنفلونزا الخنازير» عامي 2009 و2010، وآنذاك سجلت وزارة الصحة 643 إصابة، وبلغت الوفيات 33 حالة، لكن يبدو أن عودته هذه المرة تنذر بكارثة. شح اللقاحات «يعود تمدد الوباء في الآونة الأخيرة إلى ضعف كبير في التجهيزات الطبية، وشح شديد في اللقاحات»، حسبما يقول للأناضول أحد أطباء مستشفى «الثورة العام»، المدعوم من منظمات صحية دولية. وحذّر الطبيب -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- من أنه إذا تفشى الوباء المميت فلن يكون المستشفى قادراً على استيعاب عدد أكبر من المرضى، وقد يعيد كارثة وباء الكوليرا، الذي عصف باليمن عام 2017. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن فيروس «A/H1N1» ينتشر بين البشر بسهولة، على غرار فيروس «الإنفلونزا الموسمية»، ويمكنه الانتقال من شخص إلى آخر، جرّاء التعرّض للرذاذ المتطاير من المصاب، عن طريق السعال، أو العطاس، أو التلامس بالأيدي، أو المسطحات الملوّثة به. وللوقاية من انتشار العدوى، تنصح المنظمة المرضى بتغطية أفواههم وأنوفهم عند السعال أو العطاس، والبقاء في بيوتهم عندما يشعرون بالتوعّك، وغسل أيديهم بانتظام، والحفاظ على مسافة بينهم وبين الأصحاء. كارثة صحية علامات الإنفلونزا من النمط «A/H1N1» شبيهة بعلامات «الإنفلونزا الموسمية»، ومنها الحمى والسعال والصداع وآلام في العضلات والمفاصل، والتهاب الحلق، وسيلان الأنف، فضلاً عن التقيؤ والإسهال أحياناً. وقد جعل ذلك التشابه المئات من المصابين يهملون مراجعة الطبيب إلا عندما انهاروا تماماً، بعد أن تمكن منهم الفيروس. وحذّر يوسف الحاضري -المتحدث باسم وزارة الصحة في إدارة الحوثيين- من «كارثة صحية في حال تعاظم عدد المصابين، البالغ عددهم حالياً 385، توفى منهم 79 حتى اليوم». وأضاف الحاضري للأناضول أن «العشرات من المصابين بالفيروس يتوفون في منازلهم بصمت، لعجز أهاليهم عن إسعافهم إلى المستشفيات، فنحو 22 مليون يمني (من أصل أكثر من 29 مليون نسمة) يصنفون ضمن الفقراء». وحمّل الحاضري التحالف العربي، بقيادة الجارة السعودية، المسؤولية عن تفشي الوباء، وقال إن «الحصار الغاشم المصاحب للعدوان تسبب في منع وصول الأدوية واللقاحات الطبية». وبحسب فؤاد عبد المجيد، طبيب أطفال: «تفشى الوباء بالتزامن مع أمراض الشتاء الموسمية، والأهالي أهملوا الوقاية منه، ما جعل قرابة 35% من المصابين من أطفال». وتابع عبد المجيد محدثاً الأناضول: «معظم الأطفال يُتوفون في منازلهم قبل إسعافهم إلى المستشفيات». ويأتي تفشي «إنفلونزا الخنايز» بعد أيام من تفشي وباء الدفتيريا، الذي فتك بنحو 160 يمنياً، بينهم 55 طفلاً. كما يتمدد وباء الكوليرا، حيث يتم تسجيل نحو عشرة آلاف حالة اشتباه بالإصابة أسبوعياً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.;
مشاركة :