دبي: عبير حسين ومها عادل عادة ما ترتبط العائلات الملكية، خاصة الأوروبية، في الأذهان بصور تتزاحم فيها الأساطير والحكايات الغارقة في الترف والثراء والتفاصيل المخملية.هذه العائلات كغيرها تخضع لقوانين التاريخ التي تسري على عامة البشر، تعرف حياتهم في كل جوانبها لحظات الذروة والانحسار، تحفل مسيرات أفرادها بمصائر متباينة بين الصعود والهبوط، بين القبض على الحكم والاكتواء بمآلاته. وإذا كان الأمر مرتبطاً بعائلات قديمة تركت فقط لمن ورثها ألقاباً غير رسمية وعلاقات اجتماعية متشابكة حول العالم، يزداد الشغف بالأمر.بهذا الشغف قابلنا عدداً من الأسماء التي اجتمعت في دبي أخيراً لتأسيس «النادي الملكي». تركيبة الأسماء والألقاب بدت لافتة وتفتح على مزيد من الفضول حول حياة أصحابها وعلاقاتهم معاً وبأوطانهم التي حكمتها عائلاتهم قبل سنوات طويلة.وفي الحوارات الآتية مع عدد من مؤسسي النادي، محاولة لتبديد هذا الفضول والإجابة عما يفرضه من أسئلة. كارل هابسبورجلوترينجن: ورثنا تقاليد عريقة نحاول إحياءها تولى صاحب السمو الملكي والإمبراطوري الأرشيدوق جوزيف كارل-هابسبورجلوترينجن، أرشيدوق النمسا، الأمير الملكي ووريث الكرسي الإمبراطوري للمجر، منصب رئيس مجلس إدارة النادي الملكي بدبي.وعن تجربة تأسيس النادي واختيار مجلسه التأسيسي، قال : سعدت كثيراً باجتماعي مع هذا العدد من العائلات الملكية القديمة لنحيي تراثنا وتقاليدنا ونساهم في مساعدة الآخرين وتحسين حياتهم والارتقاء بفكرهم وثقافتهم كما تعودت عائلاتنا في فترات حكمها أن تفعل، خاصة أننا تجمعنا علاقات قرابة ونسب ورغم أننا جميعاً نحرص على وجود تواصل دائم مع بعضنا لتظل العلاقات الاجتماعية والأسرية بيننا متجددة إلا أنها المرة الأولى منذ وقت طويل التي نجتمع فيها بهذا العدد في ظل هذا الهدف النبيل وهذا سيساعدنا بالطبع على أن ندعم بعضنا ونتشارك الأفكار ونتعاون لنقدم مثلاً جيداً لغيرنا وقدوة تحتذى في الخدمة المجتمعية.وعن شعورهم كورثة أسر ملكية بعد التطورات الجارية في العالم، قال: ورثنا ألقابنا وتقاليدنا وقيم عائلاتنا ولم نرث ثروات أسرنا، فجميعنا صنعنا ثرواتنا الحالية من جهدنا الخاص وعملنا كرجال أعمال ولهذا نريد أن نحافظ عليها ونصدرها للعالم كقدوة.وعن تصوره للأنشطة التي يمكن أن يتبناها النادي، قال: ستغلب عليها روح وشخصية وطابع الأكاديمية، وستكون متعددة المهام والخدمات تهتم بالثقافة والتعليم والصحة ونشر الوعي الاجتماعي وغيرها من الأنشطة الخيرية الممنهجة، وذلك عبر جمع التبرعات من خلال إقامة فعاليات يشارك فيها المشاهير ونجوم المجتمع ورجال الأعمال. وبهذه الجهود نسعى لتأكيد دورنا في خدمة المجتمع الإنساني، فمعظمنا بالفعل مشارك في مؤسسات خيرية متعددة حول العالم وسنعمل على تبادل الأفكار ودعوة غيرنا من العائلات العريقة للانضمام إلينا لخدمة البشرية.للأرشيدوق جوزيف كارل - هابسبورجلوترينجن علاقة ممتدة مع الإمارات، قال عنها: زرت دبي وأبوظبي مراراً ولدي العديد من الصداقات التي أعتز بها هنا، ويبهرني مناخ الأمن والتسامح الذي تتمتع به الإمارات بشكل عام. وما تعلمناه من الدولة وحكامها وشعبها هو حبهم للخير ومساعدة الآخرين، فرغم أنها دولة شابة إلا أنها عملاقة في مجال المساعدات الإنسانية والمساهمات الخيرية التي تحسن حياة البشر، وتوفيرها لوسائل الإغاثة في كل مكان، وسنحاول أن نستلهم ذلك أيضاً ونصدره لكل دول العالم. ياسمين السنوسي: عائلتي نجحت في إعادة بناء نفسها اختارت الأميرة ياسمين السنوسي، أحد أحفاد عائلة السنوسي آخر العائلات الملكية في ليبيا، الاستقرار في دبي بعد عمل لسنوات طوال في المجال المصرفي وسوق الأوراق المالية في بريطانيا والولايات المتحدة. وأكدت أن المميزات التي تتيحها المدينة غير موجودة في أماكن أخرى من العالم، خاصة ارتفاع معدلات الشعور بالأمن، والفرص التنافسية الهائلة والمتنوعة في سوق العمل.انضمت السنوسي إلى عضوية «النادي الملكي» متقدة بحماس كبير يدفعها لخدمة المجتمع، ومعتمدة على سنوات خبرتها في العمل الإنساني والإغاثي من خلال انضمامها إلى عدة مهمات للأمم المتحدة في ليبيا خلال السنوات الخمس الماضية.تحدثت السنوسي إلى «الخليج» قائلة «عاشت عائلتي لسنوات في القاهرة بعد سقوط الملكية في ليبيا، واختارت بعد ذلك الاستقرار في لندن حيث أتممت دراستي الثانوية والجامعية». وأضافت «شاركت في عدة أنشطة تطوعية وخيرية لنواد ملكية في عدة دول أوروبية، لكنها المرة الأولى التي أنضم فيها لأحدها، وأتمنى أن تدعم أنشطته المحتاجين حول العالم».وأشارت السنوسي إلى أنها تولي التعليم اهتماماً خاصاً ضمن المشروعات التي سيبدأ «النادي الملكي» دعمها، خاصة تعليم الفتيات في الدول الأكثر فقراً، إضافة إلى مشروعات اللاجئين بعد زيادة موجات الهجرة واللجوء الأعوام الخمسة الماضية.وأكدت أن«أميرة» هو مجرد لقب شرفي لا يمنحها أية ميزات خاصة، وقالت «انتهت الملكية في ليبيا منذ نهاية الستينات من القرن الماضي، ونجحت عائلتي في بناء نفسها مجدداً اعتماداً على مشروعاتها الخاصة التي تديرها بكفاءة».وأضافت «لدي ارتباط كبير ببلدي، خاصة طرابلس العاصمة، لذلك لم أتأخر أبداً عن الانضمام إلى عدة مهام لبرامج مختلفة للأمم المتحدة هناك بعد اندلاع الثورة الليبية، وما تبعها من أحداث. في العام 2012 كنت ضمن فريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعدة سنوات. كما عملت لفترات متقطعة مع برامج أوروبية ودولية لمواجهة الهجرة غير الشرعية التي تدفقت على السواحل الجنوبية لأوروبا عبر السواحل الليبية خلال السنوات الماضية». فليبيرتو أوف سافوي: جذورنا تمتد ألف سنة عقب الإعلان عن تأسيس النادي الملكي، عبر صاحب السمو الملكي ولي العهد إيمانويل فيليبرتو-سافوي، أمير مدينة البندقية وبيدمونت، عن سعادته بمشاركته بهذا الحدث الفريد وبوجوده في دبي التي زارها عدة مرات مع أصدقائه وأسرته المكونة من زوجته وبناته، للمشاركة في العديد من الفعاليات الخيرية وبغرض السياحة أيضاً.وقال: أعتقد أن دبي مكان رائع وسياحي من الطراز الأول ومكتمل الخدمات من كل الجوانب بداية من البنية التحتية وصولاً للمعالم السياحية المبهرة التي ليس لها مثيل في العالم.وعن تأسيس النادي الملكي، قال: هو حدث مميز وفريد وأفتخر بمشاركتي به، إذ إنها المرة الأولى التي يجتمع فيها هذا العدد الممثل للعائلات الملكية القديمة بهدف المشاركة والتعاون معاً لإقامة ناد ثقافي واجتماعي وخيري وهي فكرة رائعة خاصة أن هذه الأسر في الماضي كانت تجمعها علاقات تشكلها الظروف فتكون وطيدة أحياناً وقد تنخرط في حروب في أحيان أخرى، ولكنها حالياً تجتمع في دبي وتسعى للحفاظ على التقاليد والقيم النبيلة الخاصة بها وبتاريخ عائلاتها العريقة. واعتبر أن من أهداف هذا التجمع الإنساني والخيري العمل علي إحياء ونقل قيم هذه العائلات النبيلة والتقاليد العريقة إلى الأجيال الحديثة بالعالم، خاصة في أوروبا.وقال: أنتمي لعائلة تمتد أصولها إلى ألف سنة وجدي كان ملكاً على إيطاليا ولدي الكثير من القيم والعادات والتقاليد التي تعلمتها داخل العائلة وأتمنى الحفاظ عليها والتعريف بها للجميع لأنها تمثل تاريخاً وأصالة قد يجهلها الشباب الأوروبي حالياً ومازلت أحتفظ بألقابي الملكية ولكن دون التمتع بمزايا خاصة، وأرى أن الدول الأوروبية حالياً تحتاج للتمسك بهذه القيم والتقاليد الأصيلة خاصة في ظل ما يحدث من وجود المتطرفين والمتشددين الذين يجب أن نتصدى لهم ولكل الفكر المتطرف.وعن حياته الخاصة، قال: لم أتزوج من أسرة ملكية كما جرت العادة بعائلاتنا قديماً، ولكنني تزوجت من فنانة فرنسية جميلة وسعيد بهذا الارتباط الناجح. أميرة الصعيد: الألقاب بلا مميزات بحثاً عن عالم أفضل يوفر الأمن والحياة الكريمة لكل الناس، انضمت الأميرة نوال، حفيدة الملك ظاهر شاه، آخر ملوك أفغانستان إلى عضوية مجلس إدارة النادي الملكي. وتحمل نوال لقب «أميرة الصعيد» نسبة إلى زوجها محمد علي، حفيد الملك فاروق، آخر ملوك مصر، والذي يحمل لقب «أمير الصعيد وولي عهد مملكة مصر والسودان»، وتتحدث عن مصر وبلدها الأم بنفس الشغف والاهتمام. تقول إنها المرة الأولى التي تنضم فيها إلى أحد النوادي الملكية في العالم، لكنها أشارت إلى مؤسسة عائلتها الخيرية «آشيانا» في كابول التي تعمل على مكافحة عمالة أطفال الشوارع الذين يضطرون للعمل ساعات طوال في مهن شاقة لإعالة عائلاتهم. وتقول «في أفغانستان يضطر آلاف الأطفال إلى مغادرة المدارس في سن صغيرة، أو حتى عدم الالتحاق بها للعمل، وتوفر «آشيانا» فرصة التعليم للصغار، إضافة إلى التعليم المهني، وفي نهاية اليوم يحصل كل منهم على عائد مادي يوازي المبلغ الذي يتقاضاه من العمل في الأسواق، أو كبائع متجول في الشوارع وغيرها من المهن. وهنا نهدف إلى توفير تعليم حرفي لهم ليصبحوا عمالاً مهرة، إلى جانب تعليمهم المواد الأساسية التي تدرسها المدارس النظامية». وتحدثت أميرة الصعيد بأسى عن عدم قدرتها على زيارة بلدها أفغانستان قائلة «لم أذهب إلى هناك منذ وفاة جدي بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وأتمنى أن يعم السلام عليها مرة ثانية حتى أتمكن من اصطحاب زوجي وأطفالي للتعرف إلى حضارتنا الثرية هناك».وتضيف «أعمل على إنجاز كتاب يؤرخ لحياة المرأة الأفغانية خلال فترة الملكية، والتي تمتعت فيها بحقوقها المدنية والسياسية، وكان مشهد مشاركتها في الانتخابات التشريعية مألوفاً، إلى جانب تبوئها مناصب حكومية وعلمية مهمة خاصة في الخمسينات والستينات». وتشير «أميرة الصعيد» إلى سعادتها الغامرة بزيارتها الأخيرة إلى مصر بصحبة زوجها الذي توجه إبريل/ نيسان الماضي للمرة الأولى منذ 25 عاماً لقضاء عدة أيام بين أفراد عائلته. وتقول «ولد الأمير محمد علي في مصر، وعاد لزيارتها وهو بعمر العاشرة، وكانت أولى زياراته الربيع الماضي بعد فترة انقطاع طويلة. كانت سعادتنا هائلة بفضل الدفء والحفاوة التي وجدناها هناك».وعن اللقب الذي تحمله وتطلعاتها، تقول الأميرة نوال:»انتهت الملكية، ولم تعد الألقاب تحمل أية ميزات لصاحبها، كل ما يهمنا اليوم هو خدمة المجتمع، ومساعدة الآخرين. الماضي انتهى، والتاريخ القديم طويت صفحته، ونأمل اليوم في كتابة فصل جديد يشعر فيه أبناؤنا بأنهم مصريون يتحدثون العربية، ويعرفون معنى الانتماء لبلدهم العريق، وليسوا غرباء يعيشون في المنفى. ماريا رومانوف: مشروع خيري كل عام صاحبة السمو الملكي الدوقة الكبرى ماريا رومانوفا، رئيسة البلاط الإمبراطوري في روسيا، تقول عن انطباعاتها عن دبي التي تمنت زيارتها: «هذه هي زيارتي الأولى لدبي وتحقق بها حلمي لأنني لطالما تمنيت زيارة هذه المدينة الجميلة التي سمعت عنها الكثير وأنها عصرية متحضرة تتمتع بأصالة وثقافة ولديها طموحات بلا حدود وخطط للتقدم والتطور الدائم في كل المجالات. وعن مساهمتها في تأسيس النادي الملكي، تقول: لبيت الدعوة الكريمة على الفور، وسعدت بلقاء كل ورثة العائلات القديمة النبيلة الذين أعتبرهم من أفراد عائلتي، فهناك الكثير من العوامل المشتركة التي تجمعنا وتقربنا في الأفكار والتوجهات وأغلبنا مررنا بظروف مشابهة. وأتمنى أن تتوج الشراكة بيننا بالسعي لخدمة العالم وتحسين حياة المحتاجين وترك بصمة خيرية وإنسانية تغير حياة المحرومين والفقراء في أماكن عديدة. وسنختار مشروعاً خيرياً كل عام ونعمل عليه جميعاً لدعمه، وكلما زادت مساندة الناس لنا نستطيع أن نتوسع في إنجاز المشاريع الخيرية والخدمية.ودعت جميع أفراد العائلات الملكية حول العالم للانضمام إليهم للاستفادة من جهودهم.وتضيف الدوقة الكبرى عن تجربتها الشخصية: عائلتي حكمت روسيا لقرون طوال ولكننا نؤمن تماماً أننا لا ننتمي فقط لعائلاتنا أو لبلدنا ولكننا ننتمي لكل العالم ولذلك نسير على خطى أجدادنا في السعي للعطاء وعمل الخير. ورغم أنني أقيم في إسبانيا إلا أن علاقتي ببلدي لم تنقطع وأحتفظ بألقابي ولكن ليس لي دور في الحياة السياسية وأعتبر نفسي همزة وصل بين الماضي والحاضر وأسعى دائماً لتحسين المستقبل.
مشاركة :