التعليم الصيني الإصلاح والابتكار نموذج يجب الاقتداء به

  • 1/25/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الثقافة الكونفوشيوسية أعلت من شأن العلم والتعلم وصنعت مكانة خاصة للمعلمين في نفوس أبناء المجتمع الصيني القديم، وما زال الصينيون يتوارثون ثقافة إجلال المعلم إلى اليوم. ورغم أن الدولة الصينية الحديثة تأسست عام 1949، إلا أن النهضة التعليمية الصينية بدأت في نهاية سبعينيات القرن المنصرم عبر سياسة ‏إصلاح التعليم وابتكار طرق أكثر عملية لتطويره. في الخامسة فجرا أو بعدها بقليل يستيقظ الطالب الصيني، وعند السادسة والنصف يكون قد بدأ تلقي تدريباته الصباحية الإلزامية، يغني النشيد القومي ويتوجه إلى غرفة الصف، يبدأ درسه الأول عند السابعة والنصف وعند الحادية عشرة وعشرين دقيقة تبدأ استراحة الطلاب لتناول الغداء، والاسترخاء حتى 2:00 عصرا. يرن الجرس معلنا انتهاء فترة الاستراحة، وتبدأ الفترة الثانية حتى الخامسة مساء وحينها ينتهي الدوام الإلزامي، ليعود الطلاب -الذين يسكن أغلبهم في السكن الداخلي للمدرسة- للاستعداد ليوم آخر من التعليم. نظام صارم يسري على جميع مدارس الصين تتبناه الدولة بإشراف وزارة ‏التعليم ومؤسساته عبر نظام شبه موحد تتبعه حكومات المقاطعات والمدن المختلفة. وترتكز عملية إصلاح التعليم وتطويره في الصين على عدد من الأسس أهمها: - (التعليم والتعلم مدى الحياة) شعار المؤسسات التعليمية الصينية لمواجهة النمو السريع للعلوم والتكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، فالمعلم هنا هو متعلِّم في الوقت ذاته، لا بد له من الاطلاع على كل جديد وتوظيفه في إكساب طلابه المهارات التعليمية والحياتية المختلفة. - تشجيع الطلاب المتميزين وأصحاب الكفاءة والمهارة على الالتحاق بكليات إعداد المعلمين، وبعد تخرجه يجب على المعلم الجديد أن يعمل كمُتدرب برفقة معلم ذي خبرة جيدة ولفترة زمنية كافية وكفيلة بإكسابه مهارات المعلم الجيد. - الانضباط والإلزامية والتمسك بالتقاليد، وهذا المبدأ يساعد في بناء الشخصية الصينية المُترعة بروح المسؤولية واحترام القانون والالتزام به. - تكافؤ الفرص: وذلك عبر سياسة مجانية التعليم وإلزاميته وتشريع القوانين التي تحقق هذا المبدأ، فالقانون الصيني يمنع المعلم من إعطاء دروس التقوية خارج الدوام المدرسي، بل يمنعه حتى من قبول الهدايا من أولياء الأمور، وتشريعات كهذه أسهمت عمليا في جعل نظام التعليم الحكومي الصيني نظاما رائدا وفعّالا. - الكفاح والمثابرة هنا لا يؤمن المعلم الصيني بفكرة أن هناك طالبا موهوبا وآخر غير موهوب، لن تجد أبدا معلما صينيا يخبرك بأن ابنك ليس لديه ميول في الرياضيات مثلا، أو أنه ليس موهوبا في الرسم أو الموسيقى، بل سيقول لك إن تَعِب واجتهد يمكنه عمل ذلك. تخبرني الأستاذة zhu، وهي زميلة لي ومعلمة تدرِّس اللغة الصينية قائلة «النظام التعليمي الصيني يعد الطالب، ليتمكن من العيش بطريقة ملائمة في المجتمع الصيني، بينما قد يواجه صعوبة في العيش خارج الصين». هنا يزداد حجم الإنفاق على التعليم لتتجاوز الزيادة السنوية 13% حسب استطلاعات صحيفة الشعب اليومية. نظريا تتعرض التجربة الصينية في التعليم لكثير من النقد، لكن عمليا يحصد الطلاب الصينيون المراتب الأولى في امتحان التعليم الدولي (Pisa) الذي يقيس أداء الطلاب -في سن الخامسة عشرة عاما- في الرياضيات والقراءة والعلوم. (الإصلاح والابتكار) تجربة صينية رائدة وقابلة للتطبيق في كثير من جوانبها على أنظمة التعليم في بلداننا العربية.

مشاركة :