قالت كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولي، "إن العناصر الدورية التي دفعت النمو العالمي منذ النصف الثاني من 2017 قد تضعف إلى حد ما بشكل أسرع مما توقع الصندوق في تشرين الأول (أكتوبر)، في ظل أربعة عوامل مؤثرة تشمل تباطؤ التجارة، والاستثمار، وتراجع الإنتاج الصناعي خارج الولايات المتحدة، وضعف مؤشرات المشتريات وضعف الزخم. غير أن مديرة صندوق النقد الدولي هدّأت المخاوف قائلة "إنه على الرغم من أن هذا لا يعني أننا نحدق في تراجع كبير لكن لا بد من أن نقيّم عديدا من المخاطر المتزايدة". وذكرت أرقام أطلقها صندوق النقد الدولي أمس خلال منتدى "دافوس" الاقتصادي أن الحرب التجارية الجارية بين الولايات المتحدة والصين تضر بالنمو العالمي. وتساءل تقرير الصندوق: كيف يمكن تجنب زيادة تصعيد النزاعات التجارية بين الأمم مع تزايد النزعة القومية؟ وقالت لاجارد، عند إطلاقها من منصة المنتدى تقريرا عن النمو العالمي في 2018 "إنه على الرغم من أن النمو العالمي في العام الماضي لا يزال قريبا من ارتفاعات ما بعد الأزمة، فإن التوسع العالمي يمضي الآن في حالة ضعف وبمعدل أسرع إلى حد ما مما كان متوقعا". ويضع هذا التحديث لتوقعات الاقتصاد العالمي النمو العالمي بنسبة 3.5 في المائة في 2019 و3.6 في المائة في 2020، أو 0.2 و0.1 نقطة مئوية أقل من التوقعات التي أطلقها الصندوق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. لكن المثير في أرقام الصندوق أن ضعف معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة سيتجه بمنحنى هبوط مستقيم، من 2.3 في المائة في 2018 إلى 2 في المائة في 2019 إلى 1.7 في المائة في 2020. وفي الضفة الأخرى حيث الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، سيكون هناك هبوط طفيف ثم صعود، أي هبوط النمو من 4.6 في المائة عام 2018 إلى 4.5 في المائة في 2019، ثم صعود إلى 4.9 في المائة في 2020. وأشارت لاجارد، إلى أن التنقيحات التنازلية متواضعة، ومع ذلك، "نعتقد أن المخاطر على التصحيحات الهبوطية الأكثر أهمية آخذة في الارتفاع". وأضافت لاجارد، أنه "في حين يبدو أن الأسواق المالية في الاقتصادات المتقدمة منفصلة عن التوترات التجارية بالنسبة إلى معظم عام 2018، فقد أصبح الاثنان متشابكين في الآونة الأخيرة، ما يضيق من الظروف المالية ويزيد من المخاطر على النمو العالمي". وترى لاجارد، أنه "قد نقحنا بصورة طفيفة توقعاتنا بالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة، ويرجع ذلك أساسا إلى التنقيحات التنازلية لمنطقه اليورو". وفي منطقه اليورو كانت التنقيحات الأكثر أهمية في ألمانيا، حيث توجد صعوبات للإنتاج في قطاع السيارات وانخفاض الطلب الخارجي سيفرضان ثقلهما على النمو في 2019، وبالنسبة إلى إيطاليا حيث المخاطر السيادية والمالية -والصلات بينهما- تضيف رياحا معاكسة للنمو. ومن المتوقع أيضا أن تنخفض النشاطات الاقتصادية في الاقتصادات الناشئة والنامية إلى 4.5 في المائة في 2019، مع انتعاش يصل إلى 4.9 في المائة في 2020. وخفض صندوق النقد توقعات النمو لعام 2019 "0.2 نقطة مئوية" من تشرين الأول (أكتوبر) أساسا بسبب الانكماش الكبير المتوقع في تركيا، وسط تشديد السياسات الاقتصادية بهدف التكيف مع ظروف التمويل الخارجي الأكثر تقييدا. وهناك أيضا تراجع كبير في النمو في المكسيك في 2019، ما يعكس انخفاض الاستثمار الخاص، ويعزي الانتعاش المتوقع في 2020 إلى الانتعاش المتوقع في الأرجنتين وتركيا. ويشكل تصعيد التوترات التجارية وتردي الأوضاع المالية مصدرين رئيسيين للمخاطر التي تحيق في الآفاق المستقبلية، وتعتقد لاجارد أن ارتفاع عدم التيقن التجاري سيؤدي إلى زيادة كبح الاستثمارات وتعطيل سلاسل الإمداد العالمية. وطبقا لتقرير صندوق النقد الدولي، قد يكون تباطؤ النمو في الصين أسرع مما كان متوقعا خاصة إذا استمرت التوترات التجارية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عمليات بيع مفاجئة في الأسواق المالية والسلعية كما كانت عليه الحال في عامي 2011 و2015. وفي أوروبا، سيؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" إلى ثغرة في هيكل المناخ الاقتصادي، وستظل الآثار الجانبية المكلفة بين المخاطر السيادية والمالية في إيطاليا تشكل تهديدا. وعن أولويات السياسات استنادا إلى هذه الخلفية، تؤكد لاجارد، أنه يتعين على واضعي السياسات التحرك الآن لعكس الاتجاهات المعاكسة للنمو والاستعداد للانتكاس المقبل. وأضافت "تتمثل الأولوية الرئيسة للسياسة العامة في أن تحل البلدان بشكل تعاوني وسريع خلافاتها التجارية وما ينجم عنها من عدم يقين في المناخ التجاري، بدلا من زيادة الحواجز الضارة وزعزعة الاقتصاد العالمي الذي تباطأ بالفعل.. ولا بد من إنجاز نداء قادة مجموعة العشرين في بوينس آيرس لإصلاح منظمة التجارة العالمية".
مشاركة :