ماجد إبراهيم: كلّما ازددت عزلة ضجّت روحي بصخب الأسئلة

  • 2/13/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يرى الشاعر السعودي ماجد إبراهيم الموت بصفته معنى لإدراك الحياة، وأن الشعر هو الحرف الثامن من حروف الموسيقى السبعة. أو هكذا يظن، يبحث عن لغة لفهم حياة الناس الذين استوطنوا الأرض، يعيد الاحتفاء بلحظة حميمة كانت غائبة في شكل ابتسامة ماضية. قلبه الذي لم يعد فتياً كما يراه يهفو لأغنية هنا أو قطعة موسيقية هناك، ويحلم بالقصيدة على الدوام. قبل ستة أعوام أصدر ديوانه الأول «اختفاء» ثم سرقه العمل الإعلامي من دوامة الكتابة. «الحياة» التقت ماجد إبراهيم فكان هذا الحوار > «يا الله! أريد فقط أن تمنحني قدرتك على فهم اللغات».. ما الذي يأسرك في تعلم اللغات لتلح في طلب كهذا؟ - هوس الحياة، هوس المعرفة بأسرار أرواح أكثر من سبعة بليون إنسان استوطنوا الكرة الأرضية ومضى بعضهم، معظمهم تركوا وراءهم قصصاً مهمة لم يحتفِ بها أحد سواهم، عدا فكرة فهم لغةٍ أخرى غير اللغات التي نطق بها إنسان الأرض في يوم ما. لستُ فضولياً إلى هذا الحد، لكنها الفكرة المفاجِئة والمدهشة التي تصنع منّي لحظتها كائناً مغايراً على ما أنا عليه في واقع الأمر. > «الصمت: أرض.. والكلام سماء كاذبة».. روح ماجد إبراهيم إلى أين تركن أإلى العزلة أم لصخب الحياة؟ - إلى صخب العزلة أركن دوماً، كلّما ازددت عزلة كلّما ضجّت روحي بصخب أسئلة لا نهاية لها، قد تُفلح في تهدئتها أحياناً أغنية لم أستمع إليها منذ زمن، أو ذكرى حميمة كانت غائبة في ابتسامة ماضية لم أحتفِ بها كما يجب لحظتها. > «الحوار مع شاعرٍ ما.. بحث عن الحقيقة، من دون رغبةٍ أكيدة في الحصول عليها».. إلى أي حد يمكن للشاعر أن يراوغ؟ وهل الوصول إلى الحقيقة موات؟ - الشاعر كائن يحترف الكذب بطبيعته، لكنه يكذب لأجل غاية يظن أنها جميلة، وغالباً ما تكون الكذبة التي يُشهرها للناس أولى خطواته نحو الحقيقة الحياة التي قد لا يعلم بها سواه. > «امرأة الموت: أقوى نقاط ضعفك.. امرأة الحياة: أعمق نقاط قوتك».. ماذا وهبتِ المرأة لماجد إبراهيم، الموت أم الحياة؟ - وهبته الحياة بالطبع، وبكل تفاصيلها، وأهمّها أن يدرك أن الموت هو الحقيقة الأهم؛ لإدراك معنى وقيمة الحياة، لولا الموت لما كان للحياة قيمة تذكر. > «كلنا سنختفي يوماً، العظيمُ منّا من كان اختفاؤه من مكان ما، ظهوراً له في أمكنة أخرى».. هل يخفيك العدم وتبحث عن الخلود بصورة ما؟ - العدم لا يخيفني؛ لأني -وبنرجسية مُطلقة- أزعم أن لدي القدرة على طعنه في الظهر، والظفر بخلود ما، في روح امرأة أحبّتني يوماً ما، أو قصيدة لم تُنشر، أو حتى أغنية مهملة لفنان عظيم، لم ينتبه إليها أحد قبلي. > يقول أنيس منصور: الشِّعر هو الصدى الذي يرقص مع الظلال.. كيف يرى ماجد الشعر؟ - في كتاب «اختفاء حاولت تعريف الشعر عبر أحد النصوص، تحديداً في نص «يتحدث شعراً»، كنت أظن يومها أنني نجحت إلى حد ما، لكن وبعد ست سنوات اكتشفت العكس، إجمالاً؛ ما زلت أرى الشعر الحرف الثامن من حروف الموسيقى السبعة.. أو هكذا أظن. > في نص «حياة الموت بين امرأتين» تتعدد أشكال وأسباب حضور المرأة في النص، «اختفاء» عنوان ديوانك.. هل هو الضد من هذا الحضور؟ - «اختفاء» يمثل حال الهوس لشاب في العشرينات من عمره بكل تفاصيلها، الهوس بالمرأة، بالكتابة، بالوجود، وحتى بالموسيقى إلى حدٍّ ما، لذا كان أشبه بلعنة تلاحقني كلّما شعرت أنني كبرت قليلاً، أو أصبحت أكثر نضجاً في تعاملي مع الحياة بواقعية تضمن لرجل -أصبح «ثلاثينياً» أخيراً- لقمة عيش توازي تعب تسع ساعات من العمل في مجال الأخبار يومياً. > «قال الشاعر: يا لتعاسة من لا يسمعُ حديث الأشياء».. لمن يَطرق الشاعر المتمثل فيك سمعه؟ - يطرق باب الدهشة في كُل ما يحيط بي، منذ الأغنية التي أستمع إليها فور استيقاظي، إلى أولِّ خبر عاجل أتعامل معه في عملي، إلى آخر أغنية أستمع إليها وأنا أصارع النعاس في ختام يومٍ مُرهق، يطرق الشاعر داخلي باب شاعر مُهمل لم يكتب ما يستحق الذكر منذ فترة. > منذ عام 2008 وقت صدور ديوانك من دار طوى وأنت غائب عن النشر على رغم عملك المتصل في الإعلام. هل من جديد نترقبه في معرض الكتاب المقبل في الرياض؟ - تجاوزت فكرة قطع الوعود لقارئ مجهول يثق بي من دون أن أعلم، لديَّ أكثر من مشروع كتابي مُعطل، بين الرواية والشعر، لا أعلم تحديداً متى ستكون بين دفّتي كتاب. > «قال الشاعر: في الحُلُم قد تنبت الرصاصة وردة، قد تقتل الوردةُ إنساناً»، هذا التضاد في زمننا.. كيف يتأتى من دون أن يربك العالم؟ - على الأقل في عالمي الخاص، تعودت العيش على الضد، أعترف وبقسوة غامرة أنني أصبح أكثر تفاعلاً إذا ما كان عدد القتلى في خبر أنتجه على الشاشة أكبر؛ لأن القصة وقتها تأخذ ألقاً أكثر جاذبية، في الوقت ذاته الذي ألعن فيه فكرة أن يموت أحد ما برصاصة حتى لو كان يستحق ذلك. > «أجرُّ روحي على رصيف بارد.. بيتك آخر الطريق.. يطرقُ قلبي –متعباً- نافذتك.. افتحي: ماجد.. ولا تفتحين»، هنا صورة حب وحوار إنساني متعب، قلبك الفتي.. هل مازال يطرق النوافذ؟ وماذا وراء دفة النافذة يستحق هذا العناء؟ - قلبي لم يعُد فتياً كما يُحسن الظن به من يحبني، لكن وفي اللحظة ذاتها أتصور أنه لن يملَّ الطرق على نافذة قطعة موسيقية يودُّ عزفها، أو قصيدة يحلم بكتابتها، أو حتى ابتسامة لكائن ما تزرع في روحه المزيد من الحلم. > نيتشه يقول: لولا الموسيقى لكانت حياتنا غلطاً؛ نبأ إلينا عن قرب أنك على علاقة ود مع آلة العود.. هل سنرى لك مغامرة في الضوء في هذا المضمار الجميل؟ - بالتأكيد، الحياة بلا موسيقى هي غلط كبير جداً، لا أعلم حقيقة إن كان الوقت والجهد سيقفان إلى جانبي في إنتاج عمل موسيقي يستحق الذكر يوماً ما، لكن ما أعلمه أنني منذ سنتين فقط غُصت في أحضان العود كعازف مؤجل، وليس كمستمع قدير، ومن ثم اتسعت رقعة الحلم وباتت الموسيقى في داخلي أصعبَ، وسأظل على حُلم. > كيف تكون الحياة إذا لم نكن نملك الجرأة على المحاولة؟ فينسنت فان غوخ؛ ماجد الشاعر.. هل يرى الحياة مغامرة جريئة؟ - وهل الحياة إلا مغامرة؟

مشاركة :