كان تأهل تشيلسي إلى نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة عقب فوزه بركلات الترجيح على توتنهام هوتسبير الخميس الماضي أبلغ رد من لاعبي الفريق على الانتقادات التي وجهها لهم مدربهم ماوريسيو ساري مطلع الأسبوع الحالي. وعقب الخسارة 2 - صفر أمام آرسنال يوم السبت قبل الماضي، اتهم ساري لاعبيه بأنه من الصعب تحفيزهم وطالب مهاجمه البلجيكي هازارد بالمزيد في الملعب. لكن المدرب الإيطالي الذي لم ينل أي لقب خلال مسيرته التدريبية قال عقب لقاء توتنهام: «أعتقد أنهم ردوا بشكل جيد الليلة. لكنني لم أهاجم لاعبي فريقي. قلت فقط إن لدينا مشكلة». وكان تشيلسي بدأ الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز بشكل رائع بتحقيق خمسة انتصارات متتالية وعدم الخسارة في أي مباراة حتى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني). وكان هناك كثير من الحديث الإيجابي عن تأثير المدير الفني الإيطالي ماوريسيو ساري على الفريق وكيف نجح في نقل طريقته الناجحة مع ناديه السابق نابولي الإيطالي إلى نادي تشيلسي بسرعة كبيرة. وخلال هذه الأسابيع الأولى من المسابقة، كان النجم الإيطالي جورجينيو يصول ويجول في وسط الملعب، كما سجل اللاعب الفرنسي نغولو كانتي هدفاً في الجولة الافتتاحية وبدأ وكأنه يستمتع باللعب الهجومي بعد أن قلت أدواره الدفاعية. لكن سرعان ما عانى الفريق من بعض المشاكل، وبات الأمر يبدو وكأن «شهر العسل» قد انتهى بالنسبة لساري، إن جاز التعبير. وتراجعت نتائج الفريق وخسر آخر مبارياته في الدوري أمام آرسنال بهدفين مقابل لا شيء، لتكون هذه هي الخسارة الرابعة للفريق خلال آخر 11 مباراة بالدوري، وهو الأمر الذي ينظر إليه على أنه منحنى خطير في مسلسل تدهور نتائج وأداء الفريق. لكن ما كان مفاجئاً بالنسبة لي هو ما قاله ساري بعد ذلك، حيث انتقد «طريقة تفكير» لاعبيه، مشيراً إلى أن آرسنال كان «أكثر تصميماً بكثير منا»، ومؤكداً على أنه «من الصعب تحفيز» معظم لاعبي تشيلسي. وفي الآونة الأخيرة، أشار ساري إلى أنه قال شيئاً مشابهاً لذلك في غرفة خلع الملابس، وتساءل: «لماذا يتعين علينا أن نبقي الأمر سراً. إنني أريد أن أكون مباشراً معهم، سواء على الملأ أو فيما بيننا». لكنني أعتقد أن هذا أمر خطير، وخاصة عندما يكون المدير الفني ما زال في وقت مبكر من ولايته. إنني أعتقد أن الانتقاد العلني للاعبين يمكن أن يؤدي إلى طريقين: إما أن يشعر اللاعبون بالازدراء تجاه مديرهم الفني ويحاولون إثبات أنه كان مخطئاً عندما انتقدهم، أو أن الفريق سيتأثر سلبياً بهذه التصريحات وستتدهور النتائج. إنني لا أمتلك خبرات في مجال التدريب، لكنني أعتقد أنه إذا كان المدير الفني يريد الحصول على رد فعل من جانب لاعبيه، فإنه يتعين عليه أن يتحدث معهم في الغرف المغلقة وليس على الملأ. وقد رأينا في الماضي القريب أن الانتقادات العلنية للاعبين لا تؤدي إلى نتائج جيدة. وما زلنا نتذكر جميعاً ما حدث مع ماركوس راشفورد ولوك شو وبول بوغبا في مانشستر يونايتد عندما انتقدهم المدير الفني للشياطين الحمر جوزيه مورينيو على الملأ. في الحقيقة، يتعرض اللاعبون لضغوط كافية من قبل المشجعين ووسائل الإعلام، وهو ما يعني أنهم ليسوا بحاجة لأن يأتي المدير الفني ويعقد الأمور بشكل أكبر من خلال انتقادهم على الملأ. إنني أعلم جيداً أن اللاعبين الكبار لن يسمحوا بأن يؤثر ذلك عليهم كثيراً، لكنني أعلم أيضاً أنهم لا يحبذون انتقادهم بهذه الطريقة. لقد كان السير أليكس فيرغسون، الذي يعد أحد أفضل المديرين الفنيين في عالم كرة القدم عبر كل العصور، يتبع قاعدة ذهبية في هذا الصدد، وهي عدم انتقاد لاعبيه على الملأ مطلقاً، حتى وإن كان يعنفهم بطريقة شديدة في حال تقديمهم لأداء سيء. إن حرص فيرغسون على حماية لاعبيه والدفاع عنهم على الملأ قد ساعده في تحقيق نجاحات كبيرة في «أولد ترافورد» وجعل اللاعبين يدينون له بالولاء الشديد. إنني غالباً ما أتساءل عن الأسباب التي تجعل أي مدير فني لفريق كبير يبتعد عن هذا النهج، الذي أثبت نجاحه الكبير. وبالنسبة لساري، فإن الاعتماد على هذا النهج في تشيلسي يعد أكثر إثارة للدهشة. لقد تولى تدريب تشيلسي ثلاث شخصيات قوية للغاية خلال المواسم الأربعة الأخيرة: مورينيو وأنطونيو كونتي والآن ساري. وقد رحل مورينيو عن الفريق بسبب توتر العلاقة بينه وبين اللاعبين الذين سئموا من طريقة تعامله معهم. ونفس الأمر ينطبق على كونتي، الذي توترت علاقته كثيراً باللاعبين بعد أن كانت علاقة ممتازة في الموسم الأول له مع الفريق. وهذا هو الطريق الذي سار فيه ساري خلال الصيف الماضي، لكن يتعين عليه أن يتعامل مع اللاعبين بمنتهى الحذر، وإلا فإنه سوف يواجه نفس مصير مورينيو وكونتي. ويجب على ساري أن يدرك أن مورينيو وكونتي قد حصلا على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل أن تتوتر علاقتهما مع اللاعبين. وفي هذه الفترة الصعبة، تعاقد تشيلسي مع المهاجم الأرجنتيني غونزالو هيغوايين لتدعيم خط هجوم الفريق. وقد سجل هيغوايين الكثير من الأهداف تحت قيادة ساري في نابولي، ومن المتوقع أن يفعل الشيء نفسه في تشيلسي. ومن المؤكد أن وصول هيغوايين سوف يحرر النجم البلجيكي إيدن هازارد ويبعده عن اللعب في مركز المهاجم الوهمي، الذي لا يفضله. ويفضل هازارد أن يلعب خلف رأس حربة يجيد الاحتفاظ بالكرة ويساعده على التقدم من الخلف للأمام والدخول إلى عمق الملعب من الناحية اليسرى. وربما يكون هذا هو ما يأمل ساري في تحقيقه عند مشاركة هيغوايين. لكن على الجانب الآخر، ربما يكون هذا بمثابة مؤشر قوي على أن ساري يفضل اللعب بطريقة معينة مع لاعبين معينين. لقد رأينا العديد من المديرين الفنيين الذين يتعاقدون مع لاعبين عملوا معهم سابقاً حتى يواصلوا العمل معهم في النادي الجديد، لكن هذا لا يعني دائماً أن النجاح سيستمر. وقد كان جورجينيو هو أول لاعب ينتقل مع ساري إلى تشيلسي قادماً من نابولي، وبدا الأمر خلال بضعة أسابيع وكأنه سيكون محور أداء تشيلسي وسيساهم بقدر كبير في تطوير أداء الفريق بكل سلاسة. لكن الأمر لم يستغرق وقتاً طويلاً حتى أدركت الأندية الأخرى أن الضغط على جورجينيو يعني إيقاف مصدر الخطورة بالنسبة لخط هجوم تشيلسي. وفي الحقيقة، لم يقدم جورجينيو الأداء الذي يبرر تغيير مركز نجم خط وسط الفريق نغولو كانتي وإجباره على اللعب في مركز لا يظهر قدراته وإمكانياته الحقيقية. من المؤكد أن كانتي هو «المحرك» الرئيسي لنادي تشيلسي، وقد لعب دوراً محورياً في فوز تشيلسي بآخر بطولة للدوري الإنجليزي الممتاز، كما فعل الأمر نفسه مع نادي ليستر سيتي من قبل، ناهيك عن الدور الذي قام به في فوز المنتخب الفرنسي بكأس العالم الأخيرة بروسيا. وبالنسبة لأي مدير فني جديد في تشيلسي فإن محاولة تغيير مركز كانتي داخل الملعب يمكن تشبيهها بأن يقرر المدير الفني لنادي توتنهام هوتسبير، ماوريسيو بوكيتينيو، تغيير مركز نجم الفريق هاري كين وتغيير مركزه من المهاجم الصريح إلى اللعب كجناح من أجل خلق مساحة للاعب تعاقد معه من ناديه السابق! ولم يتحدث كانتي عن شعوره بالإحباط - مثلما فعل هازارد، على سبيل المثال، عندما طلب منه كونتي اللعب كرأس حربة وهمي - لكن الطريقة التي يلعب بها كانتي تؤثر كثيراً على أداء الفريق. ربما لا يقدّر ساري، المعروف بأسلوبه الهجومي، قيمة العمل الرائع الذي يقوم به كانتي من خلال قطع الكرات وإفساد هجمات الفرق المنافسة، كغيره من المديرين الفنيين. لكننا على أي حال نتمنى أن يدرك ساري أهمية الدور الذي يلعبه كانتي ويقرر إعادته إلى مركزه المفضل، لأن هذا هو المركز الذي يُمكن اللاعب من إظهار قدراته الحقيقة، والذي ساهم في تحقيق تشيلسي لنجاح كبير في السابق.
مشاركة :