لم تتوقف ممارسات مليشيا «حزب الله» عند السيطرة على القرار السياسي اللبناني، بل ذهب إلى القرار الاقتصادي المعيشي بتحكمه في شبكة الكهرباء التي تعتبر الطاقة الحيوية في البلاد، ويرى البعض أن عام 2019 سيكون عام التحديات في لبنان في ظل تردي الوضع الكهربائي.ولعل المفاجأة الجديدة في لبنان، هي تحكم «حزب الله» من وراء الستار في شبكة الكهرباء عبر بعض المتنفذين، وعلى رغم أن شركة الكهرباء هي التي تحتكر إنتاج الكهرباء في البلاد، إنما في الواقع تسلم الحكومة بوجود آلاف المقاولين غير الرسميين (الذين يملكون مولدات كهربائية) وهم بفضل قوة مركزهم يطلق عليهم في كثير من الأحيان لقب (مافيا الكهرباء اللبنانية)، وينتمون إلى حزب الله.هؤلاء المقاولون نسجوا علاقات من تحت الطاولة مع قيادة الحزب لإبرام بعض الصفقات الخفية، إذ أكدت مصادر «عكاظ» أن المقاولين توافقوا مع «حزب الله» للضغط على رئيس الجمهورية ميشيل عون لتنصيب شخصيات مقربة للحزب في وظائف معينة.وأعد فريق من الباحثين في معهد «بروكينج» الأمريكي للدراسات الإستراتيجية، دراسة حول تأثيرات هذه الظاهرة وانعكاساتها على مدى استعداد شركات عالمية للاستثمار في لبنان. وقد توصلوا إلى مفهوم أن هذا الحال يشكل رادعا لهذه الشركات حيث تقع مسؤولية ذلك بشكل خاص على تدخل «حزب الله» في هذا المجال، بينما تظهر في بعض الجوانب عملية «خنق سلطة الدولة» من قبل «حزب الله» سياسيا. ووفقا للدراسة، فإن «حزب الله» يسعى إلى تقليص الأضرار التي يتوقعها في سورية بعد تغير أوضاع هذه البلاد الداخلية، وسبيله إلى ذلك هو تقوية نفوذه في لبنان. كما يسعى الحزب لأن يصبح الجهة الوحيدة التي تتحكم في الحكومة، لذا يحاول ممثلوه خلق وضع لا يتمكن معه الرئيس عون من الحصول على «الثلث المانع» في البرلمان.ويبقى التحدي الأصعب لحزب الله متمثلا في الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، فمن جهة لا يريد الحزب تولي سعد الحريري الحكومة بسهولة وتشكيلها وفق تطلعاته المستقلة، ومن جهة أخرى، لا يريد الحزب رئيس حكومة من فريقه السياسي في لبنان، كي لا يقع الحزب في مأزق العزلة السياسية من الدول الخارجية وعلى رأسها الدول العربية.
مشاركة :