يسجل قطاع التقنية الحيوية حضوراً قوياً في سلسلة واسعة من الحقول بما فيها، المتعلقة بالأدوية والزراعة، ما أسهم في تحقيق زيادة كبيرة في الأرباح والإنتاجية والكفاءة والاستدامة في هذه الحقول. وبمشاركة المئات من الشركات، التي تسعى لدمج أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات مع التقنية الحيوية، من المتوقع بلوغ السوق العالمي لهذا القطاع، نحو 727.1 مليار دولار بحلول 2025، وفقاً لموقع القمة العالمية لطاقة المستقبل. والتقنية الحيوية على أهبة الاستعداد لتحويل المياه ومياه الصرف الصحي من عمليات تتطلب إنفاق أموال طائلة، إلى أخرى مستدامة. وحتى وقت قريب، يكاد تأثير هذه التقنية في قطاع المياه، غير محسوس أبداً، مع ابتكارات تقنية حيوية لا ترقى لمستوى التوقعات، في ظل صراع عالمي مستمر لتأمين مياه كافية ونقية وعمليات معالجة كفؤة. وتفسر الاستثمارات الضخمة المبدئية، مصحوبة بتكاليف تشغيل لا تقل عنها حجماً، حالة عدم الترابط هذه، بيد أن بروز التقنية الحيوية الجديدة، يعمل على تهيئة قطاع المياه لنقلة نوعية شاملة. وبفضل عمليات التقدم المختلفة للتقنيات الحيوية الدقيقة في معالجة المياه ومياه الصرف الصحي، يمكن للتقنية الحيوية تحويل هذه العمليات لطاقة محايدة أو حتى لطاقة فاعلة. وأكد رائدا التقنية الحيوية بروس ريتمان ومارك فان لوسدريشت، الفائزان بجائزة ستوكهولم للمياه 2018، مساعدة تطبيق التقنية الحيوية الجديدة، في خفض تكلفة معالجة المياه ومعدلات الاستهلاك وحتى تأمين موارد قيمة من مياه الصرف الصحي. وعلى صعيد تطبيقات التقنية الحيوية في قطاع المياه العالمي، يشير تحليل أعدته مؤخراً شركة نوفوزايمز الدنماركية، التي تبحث في استخدامات جديدة للميكروبات والإنزيمات في التطبيقات الزراعية والصناعية، للوضع المثالي الذي تحتله التقنية الحيوية للدفع بعجلة قطاع المياه في أربعة محاور. فصل العناصر المغذية من مياه الصرف الصحي، التي تم التوصل إليها من خلال الخبرة المكتسبة في قطاع الزراعة، باستخدام عملية جديدة للتقنية الحيوية، تساعد على فصل سريع وفعال للعناصر المغذية الرئيسية مثل الفوسفات، من المياه. وربما يسهم تطوير عملية الفصل، في زيادة معدلات إنتاج المحاصيل بصورة أكثر استدامة. وفيما يتعلق بنظم معالجة المياه من الملوثات، حققت متغيرات جديدة من الإنزيمات والميكروبات، نجاحاً كبيراً في التصدي للمواد الملوثة في المياه ومياه الصرف الصحي، واحدة من أكثر المشاكل تعقيداً وتكلفة. ويعني بروز عمليات الفحص عن طريق الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إمكانية تحليل ملايين المتغيرات للحصول على أكثر المُركبات فعالية. وباستهداف المواد الملوثة في المياه ومياه الصرف الصحي، كان الاعتقاد السائد بخصوصها في الماضي، أنها بمثابة العقبات التي ينبغي القضاء عليها. لكن ينظر لهذه المواد في الوقت الحالي، على أنها موارد قيمة، يمكن وينبغي فصلها من المياه لإعادة استخدامها. تكتسب عمليات تنقية واستخلاص جزئيات البلاستيك من مياه الصرف الصحي المُعالجة، أهمية خاصة، نظراً لما يُوليه العالم من اهتمام كبير بقضية محاربة تلوث البلاستيك للبيئة. أما بخصوص إنتاج الطاقة، فيمكن أن تلعب التقنية الحيوية، دوراً رئيسياً في توفير قيمة إضافية من معالجة مياه الصرف الصحي، وليس توفير المياه النقية فحسب. نتج عن النجاحات التي تم تحقيقها في أميركا بداية العام المنصرم، اكتشاف نوع جديد من الإنزيمات من مياه الصرف الصحي، تساعد على إنتاج ميكروبات وقود حيوي متجدد يعمل بديلاً للتولوين، المادة التي تنتمي للبنزين والتي تسمى أيضاً بالبنزين المثيلي، التي يقدر معدل استهلاكها السنوي بنحو 29 مليون طن. وفرت تطبيقات التقنية الحيوية الواسعة بالفعل، فرصاً كبيرة في المناطق والمجالات ذات الصلة بالقطاع العالمي للمياه ومياه الصرف الصحي. وبينما يعتبر توفير مياه نقية لكل فرد على وجه الأرض من أولويات الحكومات والمنظمات على مدى العقد المقبل، تدخل التقنية الحيوية مرحلة خاصة فيما يتعلق بتطويرها، ما يسمح بتحسينها على أوسع نطاق في القطاع. ربما لا تصبح عمليات المعالجة مستدامة تماماً فحسب، بل تتمكن من تحقيق تحسينات مستدامة أيضاً، في قطاعات مثل الزراعة وإنتاج الطاقة. وفي ظل العلاقة القوية التي تربط بين التقنية الحيوية ومعالجة المياه، يمكن توقع المزيد من الاختراقات المثيرة والابتكارات الجديدة في المستقبل.
مشاركة :