عنوان المقال قياساً على تغريدة نشرتها السعودية الهاربة رهف في حسابها باللغة الإنجليزية: (When injustice becomes a law ,resistance becomes a duty)، وترجمة العبارة إلى اللغة العربية (عندما يصبح الظلم قانوناً، يصبح التمرد واجباً)! وهذه العبارة في الأصل للمفكرة والناشطة الماركسية البولندية؛ روز لكسمبورغ. فكيف عرفت التغريدة وصاحبتها؟ وأين ومتى أصبح للظلم شرعية أوجبت عليها التمرد، الذي هو أشنع ما يمكن أن تُرزأ به أسرة من ابنها أو بنتها. ظهور رهف في مقابلة مع قناة «CBC» الكندية، وهي تتحدث بالعربية، يؤكد عدم إجادتها الإنجليزية. وهذا يثير كثيراً من الأسئلة عمن ينشر تغريدات باسمها، سواء أكان ذلك باللغة العربية بمقولات لجبران خليل جبران الذي أتوقع أنها لم تسمع باسمه وهي على مقاعد الدراسة ناهيكم عن حفظها بعض أقواله، أم بلغة إنجليزية على درجة عالية من الإحكام اللغوي، وهي التي لم تستطع أن تعرّف باسمها وتحيي بالإنجليزية المذيعة التي عرفتها باسمها بالإنجليزية، كما هو معتاد عندما يقابل أحد آخرَ أول مرة، ومما يؤكد أنّ هناك من يكتب لها، أنّها حُفظت ترتيب الأسئلة، كما حُفظت ترتيب الإجابات عليها باللغة العربية، حتى إنها منذ أن تلقي المذيعة السؤال تبادر بالإجابة في غاية السرعة والاسترسال دون توقف أو تفكير كما يحدث عادة مع كل الناس، فبدت وكأنها تقرأ نصّاً مكتوباً، وكذلك الأمر في المؤتمر الصحفي الذي عُقد لها. رهف الفتاة المتمردة على أسرتها وعلى القيم الدينية والمجتمعية، أصبحت القاسم المشترك لكل الصحف والمنظمات، وكل من في قلبه مرض وحقد على بلادنا، سواء أكان هؤلاء بعض ساسة كندا، أم ممن ينتمون لمنظمات حقوق الإنسان التي عليها كثير من علامات الاستفهام، من حيث الشك في مصداقيتها وممارستها لحقوق الإنسان، بتخليها عمن يحتاج دعمها حقاً كما في كثير من أصقاع الأرض، وأم من تلكم النسوة المارقات عن القيم الأسرية والمجتمعية والوطنية ممن ينتمين للنسوية الغربية (Feminism) التي يعرِّفُها معجم أكسفورد تعريفاً محايداً بأنها: "الاعتراف بأن للمرأة حقوقًا وفُرَصًا مساوية للرجل، وذلك في مختلف مستويات الحياة العلمية والعملية". وهو في نظري تعريف لا غبار عليه، لكنّ بعض النّسويات انحرفن بهذا التعريف، كالنَّسَوية الكندية (لويز توبان) فالنسوية عندها "انتزاع وعي فردي بدايةً ثم جمعيّ، متبوع بثورة ضد موازين القوى الجنسية والتهميش الكامل للنساء في لحظات تاريخية محددة". على أنّ أشد النسويات تطرفًا وتعصبًا للمرأة،؛ النسوية الراديكالية، حيث يرى أن المشكلة في الأساس هي أن الرجال يحاولون دائمًا السيطرة على كل شيء منذ بداية التاريخ، وعلى المرأة أن تناضل من أجل حقوقها المنهوبة، وقد تطورت فكرة نضال المرأة لدى هذا التيار حتى اقتراح أن تنفصل النساء تمامًا عن مجتمع "الذكور" وتقيم مجتمعًا خاصًا، باعتبار أنها في حالة عداء دائم مع الرجل! وهذا التيار ينتشر معتنقوه في كثير من دول الغرب ولا سيما في كندا. وقد انتقل هذا التأثير إلى بلادنا، حتى تجاوز المطالبة بالحقوق المشروعة التي أقرها الإسلام للمرأة العاقلة الراشدة، بعيداً عن الوصاية أياً كان نوعها، فأصبحت النسوية في بلادنا نوعاً من التمرد والتحريض والأكاذيب تتبناها بعض النسويات في تعاملهن مع أسرهن. أرجو أن يلاحظ أني أفصل عن النسويات، النساء اللاتي يعانين معاناة حقيقية من عنف أسري، وهضم للحقوق وعضل واستغلال من قبل الأولياء، فلهذه الحالات مؤسسات أقامتها الدولة لعلاجها ورفع الظلم عن المرأة. لكن الإشكالية تكمن في أن بعض أولئك اللاتي يدعين الاضطهاد والتعنيف، إمّا أن من تدعيه لم تثبت ذلك كما هو شأن رهف، وحتى إن حدث فهو شأن عائلي لم يكن لها أن تقحم بلادنا فيه، استجابة لمن يحرضونها ضدنا، وإمّا أن لديها مشكلة أسرية كتلك التي سبقتها إلى كندا وكانت مشكلتها في الأصل مع والدها الذي رفع ضدها قضية عقوق، فهربت إلى كندا تطلب اللجوء فتلقفوها هنالك -وحدثت أزمة سياسية بيننا وبينهم ليس في الأفق ما يشير إلى إنجلائها، بسسب إمعانهم في إقحام أنفسهم في أمورنا- وقد وصفت من سبقتها والدها في لقاءات تلفزيونية بصفات لا تصدر إلا عن بنت متمردة عاقة لم تتربَ تربية تمنعها من الإساءة إلى والدها على ذلك النحو. إن ما يصدر عن أولئك الهاربات من تصرفات مشينة يؤكد أن هروبهن أبعد ما يكون عمّا ادعينه، وأن هناك من يحرضهن على العقوق الأسري، والتمرد على قيم الدين والمجتمع. رهف ورقة، التقطها أولئك الجائرون، وصدق من قال: (لكل ساقط لاقط) فقد سقطت رهف عن سبق إصرار في ذلك المستنقع الذي سقطت فيه أخريات قبلها، سواء أكنّ مسلمات أم غير مسلمات، وبعد أن انحدرن إلى مستويات أخلاقية ومعيشية مدمرة من دعارة وتعاطٍ للمخدرات، لقين النهاية المحتومة لمثل هذا السلوك، فلن تكون رهف أفضل منهن، لكن قد يمدون لها الحبل ويمتعونها كثيراً بالحماية وأموال من دافع الضرائب الكندي، وذلك لكي يجعلوها طعمًا لمارقات أخريات، ولكي يكذبوا الذين يحذرون الفتيات ويقولون إن مدة الاحتواء الكندي لن تتجاوز بضعة أشهر، ثم يتركونها لتلقى مصير من سبقهنا في الانحراف.
مشاركة :