صحيفة برقوكالات قدرت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية العالمية خسائر الاقتصاد الأمريكي خلال الإغلاق الجزئي للحكومة الاتحادية، بما لا يقل عن ستة مليارات دولار، بسبب توقف العمال عن الإنتاج والنشاط الاقتصادي المهدر. وبحسب “رويترز”، وافق مجلسا النواب والشيوخ الأمريكيان على مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة من خلال توفير تمويل مؤقت للوكالات الاتحادية ولكنه رفض منح الرئيس دونالد ترمب المبلغ الذي طلبه لتمويل بناء جدار على الحدود الأمريكية المكسيكية وهو 5.7 مليار دولار. وتمت الموافقة بالإجماع على تمويل سلسلة من الوكالات الاتحادية حتى الخامس عشر من شباط (فبراير) وتم إعطاء الكونجرس وترمب ثلاثة أسابيع للتفاوض على اتفاق بشأن أمن الحدود، ومن المتوقع أن يوقع ترمب على مشروع القانون ليصبح قانونا على الفور. ويسمح الاتفاق بتعليق مؤقت للخلاف السياسي الذي شل واشنطن وأدى إلى اضطراب الملاحة الجوية وحرم أكثر من 800 ألف موظف فيدرالي من رواتبهم لخمسة أسابيع. وقال السناتور تشاك شومر زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ إنه يأمل أن يكون ترمب “قد تعلم الدرس”. ويأتي تراجع ترمب عن موقفه في وقت بات تأثير الإغلاق الحكومي وتكلفته المالية على الموظفين والاقتصاد الوطني، أكثر وضوحا للإدارة وصانعي القرار في واشنطن، وفيما يبدو أن ترمب هزم على يد عدوته السياسية نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب. ولكن رغم تراجع الرئيس بموافقته على إعادة فتح الإدارات الحكومية دون الحصول أولا على مبلغ 5.7 مليار دولار لتمويل بناء الجدار، هدد مع ذلك بالعودة إلى الأزمة نفسها وبإغلاق جديد أو إعلان الطوارئ في حال عدم التوصل لاختراق في مشروعه العزيز على قلبه في الأسابيع الثلاثة المقبلة. وأضاف “بعد قليل سأوقع قانونا بفتح حكومتنا.. في الأيام الـ 21 المقبلة أتوقع أن يعمل الديموقراطيون والجمهوريون بحسن نية”. وحذر ترمب من أنه “في حال عدم التوصل لاتفاق عادل في الكونجرس، إما ستغلق الحكومة مجددا في 15 شباط (فبراير) أو سأستخدم السلطات الممنوحة لي بموجب قوانين ودستور الولايات المتحدة للتصدي لهذه الأزمة.. في الواقع ليس لدينا خيار سوى بناء جدار قوي أو سياج فولاذي”. وجاء موقف ترمب الذي تسبب في أزمة الإغلاق الحكومي في كانون الأول (ديسمبر)، كمسعى منه للضغط على الديموقراطيين في الكونجرس بعد أن رفضوا مطلبه تمويل الجدار. لكن الديموقراطيين الذين تتزعمهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أصروا على موقفهم، معتبرين أن الناخبين سيحملون ترمب مسؤولية الفوضى، وأظهرت استطلاعات الرأي أنهم محقون. والموظفون الفيدراليون مثل موظفي المتاحف وبحارة خفر السواحل الأمريكي لم يتلقوا رواتبهم، حتى عناصر أجهزة الاستخبارات الذين يحرسون البيت الأبيض قاموا بمهامهم دون راتب. وبحلول الجمعة كان تأثير الإغلاق الحكومي بدأ يضرب المطارات حيث غاب عدد لا بأس به من الموظفين الأمنيين التابعين للإدارة الفيدرالية عن عملهم بداعي المرض ما أدى إلى تباطؤ العمليات الإجمالية. وزاول موظفو المراقبة الجوية عملهم بدون تلقي رواتب وفي مطار نيوآرك ليبرتي الدولي المزدحم حيث أدت مشكلات متعلقة بنقص الموظفين إلى تأخير رحلات، ما أثار مخاوف من تراجع النقل الجوي الأمريكي. وأدى ذلك إلى زيادة الضغط على ترمب ومعارضيه الديموقراطيين للتوصل إلى اتفاق، ووافق بالفعل على ما يبدو على التسوية الوحيدة وإن كان ذلك يهدد بإثارة غضب قاعدة ناخبيه اليمينيين. ويقول ترمب إن مزيدا من الجدران الحدودية ضرورية لوقف ما يعتبره مستوى أزمة للهجرة غير الشرعية والمجرمين. ويؤكد الديموقراطيون أن تركيزه على الجدار يشغله عن مشكلات أكثر تعقيدا في مسألة الهجرة، وأنه يستخدمه لحشد قاعدته من أجل تحقيق مكاسب سياسية. وفشل مشروعا قانونين متضاربان الخميس الماضي لإنهاء الإغلاق الحكومي الجزئي في مجلس الشيوخ، ما أكد عدم قدرة الديموقراطيين وجمهوريي ترمب في الاتفاق على تسوية يمكن أن تعيد فتح الحكومة مع الالتزام ببناء الجدار. ودأب ترمب لأسابيع على الحديث عن استخدام صلاحياته الرئاسية لإعلان الطوارئ على الحدود وتجاوز الكونجرس، بما يسمح له باستخدام أموال من مصادر أخرى لبناء الجدار. غير أن ذلك قد يصطدم حتما في طعون في المحاكم، وفيما ذكر ترمب سابقا أنه لن يتراجع في الأزمة لم يبق أمامه أي بديل يذكر. وفي إعلانه في البيت الأبيض سعى ترمب إلى شكر عديد من الموظفين الفيدراليين للأضرار الجانبية التي لحقت بهم في المعركة السياسية، قائلا إنهم أظهروا “إخلاصا استثنائيا بوجه الصعوبات الأخيرة”. لكن تيفاني كروز الموظفة في مطار لاجوارديا الذي شهد أيضا تأخير رحلات، عبرت عن عدم ثقتها بترمب، وقالت “إنه يعيد فتح الحكومة كما يناسبه.. لا أعتقد بأنه يكترث بأي شيء سوى بنفسه”. والسؤال المطروح الآن يتعلق بما إذا كان ترمب سيدعى مجددا لإلقاء خطاب حال الاتحاد في الكونجرس الثلاثاء. وبيلوسي التي هزمته في الأزمة التي استمرت خمسة أسابيع، سبق أن أصرت على أنه لن يلقي خطابه حتى يعاد فتح الإدارات الحكومية، وأشارت أمس إلى أن جدول الأعمال لم يتغير.
مشاركة :