يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأحد، إلى مصر في زيارة رسمية، يستهلها بجولة في معبد أبو سمبل بأسوان، وتعد زيارته للبلاد هي الأولى له منذ توليه منصب الرئاسة في عام 2017، وتركز على تعزيز الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والأمن. تستغرق الزيارة 3 أيام، ويأمل من خلالها فى تعزيز «الشراكة الاستراتيجية» مع البلد العربى الأكبر من حيث عدد السكان والحليف «الضرورى» لباريس التى تعتبره قطباً للاستقرار فى الشرق الأوسط، بحسب تعبير وكالة فرانس برس. ورغم الأوضاع الصعبة التى يواجهها الرئيس الفرنسى داخل بلاده منذ أكثر من شهرين على خلفية الأزمة الاجتماعية واحتجاجات حركة «السترات الصفراء»، بقيت الزيارة ضمن جدول أعمال ماكرون تعبيرا عن الأهمية التى توليها فرنسا لمصر، «الدولة البالغ تعداد سكانها 100 مليون نسمة، والتى تشكّل ضرورة قصوى لأمن واستقرار الشرق الأوسط وأوروبا»، بحسب تأكيد الرئاسة الفرنسية. كما ترى باريس فى مصر «سوقاً ضخمة» خصوصاً أنّها تحتلّ المرتبة 11 فى الشراكة معها. وقد تمّ تحقيق تقدّم فى السنوات الأخيرة خصوصاً فى مجال الأسلحة التى بلغت قيمة عقودها 6 مليارات يورو منذ عام 2015. وقد تمّ تسليم 24 مقاتلة من طراز «رافال» ويجرى التفاوض حالياً للحصول على 12 أخرى من هذا النوع، لكن ليس من المتوقّع الإعلان عن عقود حالياً. ويبدأ ماكرون زيارته فى أحد المواقع الرمزية فى مصر، معابد أبوسمبل فى أسوان. ويجول برفقة زوجته بريجيت المعبدين اللذين تم نحتهما إبّان عهد رمسيس الثانى، للاحتفال بالذكرى الخمسين لإنقاذهما التاريخى تجنّباً للغرق تحت مياه نهر النيل. وأعاد الإليزيه التذكير بأنّه منذ شامبليون، رائد علم المصريات أوائل القرن التاسع عشر، فإنّ «علم الآثار فى صلب العلاقات الفرنسية المصرية». ويأمل الفرنسيون أن تعهد إليهم مهام أخرى من أعمال التنقيب أو ترميم المواقع الأثرية، مثل سقارة. كما يسعون للمشاركة فى متحف الجيزة الكبير مستقبلاً وتجديد متحف الآثار فى القاهرة. ويستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى نظيره الفرنسى، غدا، لبحث محاربة الإرهاب والأزمات الإقليمية، لا سيما ليبيا وسوريا والقضية الفلسطينية. ومن المنتظر توقيع حوالى 30 اتفاقية أو عقود تصل قيمتها إلى «مئات ملايين اليوروهات» فى مجالات النقل والطاقة المتجدّدة والصحّة ومنتجات الأغذية الزراعية. وسيحضر إلى القاهرة نحو 50 من رؤساء الشركات الفرنسية. وبحسب مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، فإنّ «الرئيس السيسى يسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً الفرنسية إلى مصر». وخلال زيارة قام بها مؤخّراً إلى القاهرة، أشاد وزير الاقتصاد الفرنسى برونو لومير بـ«الخيارات الشجاعة» للرئيس السيسى التى تجعل من «مصر سوقاً أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للشركات الفرنسية». وبعد مغادرته القاهرة الثلاثاء، سيتوقّف ماكرون لبضع ساعات فى قبرص للمشاركة فى القمّة المتوسطيّة السابعة لدول جنوب الاتحاد الأوروبى. ويأتى ماكرون بينما تعاود فرنسا الاشتعال مجددا باحتجاجات «السترات الصفراء» المنقسمين حول جدوى تقديم مرشحين للانتخابات الأوروبية، فعادوا للتظاهر فى باريس للسبت الحادى عشر على التوالى فى مواجهة سلطة تستعيد بعضا من شعبيتها بعد 10 أيام على بدء نقاش وطنى واسع بهدف تسوية هذه الأزمة الاجتماعية غير المسبوقة. وفى حين أشارت استطلاعات حديثة إلى تحسن شعبية إيمانويل ماكرون، فإن صفوف «السترات الصفراء» شهدت خلافات داخلية جديدة بعد القطيعة بين زعيميها التاريخيين إريك درويه وبريسيليا لودوسكى. وأدى إعلان انجريد لافافاسير وهايك شاهينيان وهما من «السترات الصفراء»، الأربعاء، عن لائحة «تجمع المبادرة المواطنة» للانتخابات الأوروبية فى مايو المقبل، إلى انقسامات. وقالت لافافاسير، الجمعة، إن «الهدف ليس الذهاب إلى بروكسل فى حد ذاته، بل الاندماج فى السياسة كقاعدة عامة، والاندماج فى النظام بدءا من أول انتخابات». ورد عليها ياسين بولايكى من ليون: «إذا كانت حركة السترات الصفر تشكك فى النظام خصوصا القائم فى أوروبا، فلا يمكن أن تكون جزءا منه». ومع 84 ألف متظاهر، بحسب إحصائيات السلطات، شاركوا فى تظاهرات السبتين الماضيين، بدا وكأن حركة الاحتجاج استعادت وهجها بعد أعياد آخر السنة. وفى باريس كانت المظاهرات موزعة على 4 تجمعات، تتوجه 3 منها إلى الباستيل من جادة الشانزيليزيه، ومن بلاس دو لا ناسيون، ومن مقر بلدية إيفرى سور سين (فال دو مارن). وجرت مظاهرات ليلية أخرى فى عدد من المناطق مثل مونبلييه وأولورون- سانت- مارى (البيرينيه الأطلسى). كما أطلقت دعوات على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعى إلى المشاركة الأحد فى سلاسل بشرية فى مناطق أخرى.
مشاركة :