شيخ صحوي، قال في الغرب وحذر منه، ما لم يقله الإمام مالك -رحمه الله – في الخمر، ويرى أن الإخونجي الهالك سيد قطب وأخاه محمد قطب قالا في الغرب وجاهليته وشروره ما لم يقله غيرهما في العصر الحديث، وكان يعتبرني – سامحه الله -، كما يعتبر كل من تحدث عن الغرب، ودعا إلى الاستفادة من منجزاته، إما أنه جاهل مسكين أو عميل خبيث للسفارات يتردد عليها، ويتلقى منها الأوامر كغيره من (الليبراليين) الخبثاء, وقد رفض صاحبنا رفضًا قاطعًا أن يسمح لأحد أبنائه بالابتعاث لتلك البلاد الكافرة لتلقي التعليم بين ظهراني المشركين. أراد الله أن يُصاب بمرض عضال، لا يمكن علاجه إلا في أمريكا، وأكد طبيبه أن فرصة شفائه هناك جيدة إن هو شد رحاله إلى تلك البلاد (الجاهلية) الخبيثة. أرسل تقارير عن حالته المرضية إلى أحد المستشفيات هناك للاستفسار، وحجز موعدًا له لدى أحد الأطباء الكفرة إذا كان ثمة أمل بشفائه، الذين سبق وأن وصفهم بالجاهلية ومجتمعهم بالمجتمع الجاهلي كما كان يصفه القطبيون، فأتى الجواب أن مرضه (قد) يمكن شفاؤه، على سبيل الاحتمال وليس القطع. نسي صاحبنا (الشيخ الوقور) ما تمليه عليه (أيديولوجيته)، وسعى لمن شفع له لدى كبار المسؤولين، ليتم إرساله بطائرة طبية مجهزة، فحالته تدهورت إلى درجة جعلت هذه الطائرة ضرورة، وبعد انتهاء إجراءات السفر، امتطى طائرة صنعها الكفار (الجهلاء)، مُجهزة بعناية طبية استثنائية، ويُشرف عليه فيها طبيب (كافر)، ومعه ممرضة تسافر دونما محرم، هي الأخرى كافرة. استلقى صاحبنا على سرير الطائرة، وما إن حطت به في بلاد الجاهلية حتى وجد إسعافًا مجهزًا بكل المعدات الطبية اللازمة لنقله إلى حيث كان المستشفى، وكانت كل الوجوه التي استقبلته تبتسم وتبدي من التعاطف الإنساني النبيل ما بهره. وفي المستشفى التفَّ حوله على الفور أطباء وطبيبات جميعهم كفرة، هذه تقيس ضغطه، والآخر يأخذ عينة من دمه، والثالث يجهز له أجهزة طبية متفوقة، وبعد دراسة حالته المرضية قرروا له عملية ستستمر لساعات، سيشارك فيها عدد من الأطباء والفنيين، وطمنوه فرحين يبتسمون أن نتائج الكشف الأولية مبشرة، فلا يقلق. انتهت العملية، ونجحت نجاحًا باهرًا، وما إن عاد إلى وعيه بعد التخدير، فإذا بكل من حوله وجوه مبتسمة مهنئة يكتنفها الفرح والسرور، وأكدوا له أن العملية نحجت، وكل ما يحتاجه الآن أيام من النقاهة، يعود بعدها إلى بلاده سليماً معافى. عاد صاحبنا وقد عادت له صحته، وسلم من ذلك المرض العضال، غير أن الأيديولوجيا أقوى من الحقيقة، أو هي لا تعترف بالحقيقة. سألته بعد عودته: ألا ترى أن القطبيين الذين يطلقون على تلك الحضارة بأنها (حضارة جاهلية) أجهل من حمير أهليهم؟.. فاستشاط غضبًا، ورد قائلاً: بل هم شرار الخلق، رغم أنفك، ورغم أنوف كل الليبراليين والحداثيين. عندها أيقنت أن الأيديولوجيا إذا تمكنت من ذهن الإنسان لا يرى الحقيقة، وما هو خطأ وما هو صواب إلا من خلالها. نقلا عن الجزيرة
مشاركة :