نفهم لماذا تبنت المنظمات الدولية والحقوقية بقوة الدفاع عن حالة الفتاة الباكستانية الناشطة ملاله يوسفزئي، عندما اعتدت جماعات متطرفة من القاعدة وطالبان في قريتها وحرق وجهها بالاسيد، حيث نقلت للعلاج بسرعة إلى لندن، كونها تنادي بضرورة حق النساء والفتيات في التعليم، فأصبحت نموذجًا لمناهضة تلك الاتجاهات الظلامية العدوانية. كما تناقلت وكالات الأنباء حكاية الفتاة العراقية الأيزيدية نادية مراد التي نجت بأعجوبة، فقد تم اغتصابها بالتناوب وقُتل جل عائلتها بوحشية على يد جماعات داعش، فتحولت قضيتها من خلالها كرمز ودلالة المسألة الشخصية الفردية إلى حالة اضطهاد عام لديانتها ومعتقدها، وتم تسليط الضوء العالمي على قضية إرهابية دولية تتزعمها جماعات متطرفة تمارس القتل والتنكيل الجسدي على أساس الهوية. ورغم تمايز الحالتين قليلا او حتى كثيرا، لكنهما تلتقيان في مسألتين أساسيتين، الاولى هو العنف والقسوة ضد النساء، وثانيا مصادرة الحق المتساوي الإنساني للنساء في تلك المجتمعات، فأصبحت المنظمات الدولية المهتمة بحقوق النساء معنية بتسليط الضوء على تلك الانتهاكات الصارخة، ولابد من مؤسسات تلك البلدان الاهتمام بالتشريعات الحقوقية والإجراءات المجتمعية في حماية حقوق النساء في كافة المجالات، رغم أن لكل مجال سياسي أو حقوقي أو اقتصادي او مجتمعي وعائلي معالجات مختلفة تماما، حيث تتشابك حقوق المجتمع والدولة والعائلة بشكل متباين وواضح. فهل تفتح الدول احضانها لكل فتاة وتمنحها لجوءا سياسيا لمجرد أنها تعاني عنفا أسريا، أو طائفيا ومجتمعيا؟ ما هو الفرق والمعايير لتصنيف طالبي اللجوء «السياسي!!» تعريف دولي وحقوقي لكي تتوافق الدول فيما بينها على محددات تلك الظاهرة الجديدة، وهو كلما صفع أب أو أخ أخته أو زوجته تحولت قضيتها الشخصية الى قضية سياسية كبرى تقيم وسائل السوشل ميديا المريضة الدنيا ولا تقعدها، في وقت أن هناك ملايين الملايين من النساء والفتيات في العالم هاربات من بيوتهن، ويعانين من العنف الاجتماعي اولا ومن العنف الاسري تحديدا ثانيا واخيرا من التمييز السياسي والحقوقي. ومن مهتم بأوضاع النساء هناك في الشبكة العنكبوتية عشرات الملفات والمواقع والمراكز والدراسات الغنية، التي تستعرض اوضاع النساء في كل بلد على حدة. بإنجليزية ركيكة لا تسعفها الفقرات ولا الجمل لاستكمال جملتها، خرجت علينا فجأة رهف محمد القنون الفتاة السعودية، لتتحدث للعالم من خلال وسائل الإعلام بين مطارات وفنادق تايلند واستراليا حتى كندا. تحولت القضية الشخصية الخالصة الى قضية «رأي عام» ثم الى مسألة ازمة دبلوماسية واضحة بتدخل بلد اخر (كندا) بشكل سافر ومبتذل في شأن وحقوق مواطنة بلد اخر (السعودية). لن نحتاج التوقف والتعليق لكل وسائل الاعلام المعادية، التي تستهدف المملكة بكثافة، فهذه الاصوات والوجوه كشفت عن اقنعتها، ولكن ما لا أفهمه.. كيف أن دولة مثل كندا تضع يدها في جحر الثعابين، لتنصب نفسها مدافعا عن حقوق الانسان في المملكة وحقوق تلك الفتاة دون التدقيق في قضيتها العائلية، في وقت تغلق كندا الابواب على طالبي لجوء سياسي من بلدان تشهد قتلا وحروبا اهلية واثنية في العالم، وتنتقي بعد جهد طويل من الوقت وتحقيقات بوليسية ما يمكن الموافقة عليها كما حدث مع xxxxxx التي اعرفها شخصيا، رغم أن زوجها يعيش هناك، بينما الفتاة السعودية وخلال ايام وافقت كندا على احتضانها في مشاهد اعلامية رخيصة، فبتنا برمية حجر امام شخصية سياسية لاجئة، فكتبت وسائل الميديا «رهف تركت الاسلام ولجأت الى كندا !!»، «أنقذوا رهف»، «رهف عالقة في تايلند»، «رهف تخشى القتل من اهلها». وتتكلم ببلادة في فيديوهات مهربة بعناية وهي تقول «احتاج دولة تحميني.. أحتاج لجوءًا!» وكأنما عنق رهف على مقصلة الموت! يا للعجب لعالمنا وزمن اللجوء!! ويا لمجتمعات باتت تتاجر بحضارة مزيفة بمبادئ حقوق الانسان «الانتقائية»!
مشاركة :